مطالب بفرض رقابة أكبر على إدارة المشاريع لتلافي العجز

  • 12/26/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

طالب خبيران اقتصاديان بفرض رقابة أكبر على المشاريع وطرق إدارتها لخفض قيمة المصروفات، وتلافي الوقوع في خانة العجز الحقيقي في الموازنة والذي تم تقديره بـ145 بليون ريال. واعتبرا في حديثهما لـ«الحياة» أن الموازنة الحالية لم تختلف عن سابقاتها وتصطبغ بهوية «موازنة مشاريع»، معتبرين أن الموازنات المقبلة ستحمل عبئاً أكبر عبر مشاريع التشغيل والصيانة لهذه المشاريع الكبرى التي ستنتهي خلال الأعوام القليلة المقبلة. وقال الاقتصادي عضو مجلس الشورى السابق الدكتور زين العابدين بري إن الموازنة في كل أبوابها تعتبر معقولة ومنطقية، إلا أنها مفاجئة بحجم ومستوى النفقات العامة، معتبراً أن الدولة رغبت بالتوسع في المشاريع، وأعلنت موازنة ضخمة قياساً بالظروف الراهنة. وأكد بري أن التقديرات المتحفظة للإيرادات ستسهم في حماية الموازنة من العجز المتوقع عند 145 بليون متى ما تم الالتزام بحجم المصروفات المعلنة، مضيفاً: «دائماً ما يكون تقدير أسعار النفط أقل من الفعلي، لذلك إن تم الالتزام بحجم المصروفات الفعلي، أتوقع أن يكون هناك فوائض». وأوضح أن الحديث عن عجز في الموازنة يعتمد على التقديرات المتحفظة لوزارة المالية، وحجم الإنفاق المرتفع يؤكد اطمئنان الدولة في قراءتها للمستقبل الاقتصادي، مع وجود احتياطات قادرة على تغطية أي عجز محتمل لأعوام مقبلة، على رغم أن الاقتصاد لن يستمر بوضعه السلبي الراهن، وستعود الأمور إلى وضعها الطبيعي. واعتبر أن أهم نقطتين شملتهما الموازنة هما الثبات على دعم المشاريع القائمة حالياً، ولن يكون هناك مشاريع كبرى جديدة كون الحالية تكفي، وإشراك القطاع الخاص في عجلة التنمية، مضيفاً: «الدولة لم تقصر مع القطاع الخاص، والآن تسعى إلى دعمه على التوسع ليتحمل جزءاً من المسؤولية عن الدولة، سواء في مجالات التوظيف أم المساهمة في بناء المشاريع». وشدد بري على أن القراءة للموازنة تعطي انطباعاً جيداً كونها لا تحمل اختلافات عن الموازنات السابقة، مضيفاً: «الأهم هو الالتزام بمستويات الإنفاق، ومستوى الإنفاق في أبواب الموازنة الرئيسة متكافئ، وليس هناك أوجه قصور، ولذلك إن تم التعامل معها من الجهات الحكومية لن نحتاج إلى مزيد من الدعم، وإن تم الالتزام بالأرقام المعلنة ربما يتم تحقيق فوائض بدلاً من العجز». من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة أموال للاستشارات المالية فهد القاسم، إن المشكلة الأساسية التي تسببت بظهور العجز ما زالت قائمة منذ عقود، وهي الاعتماد على النفط بصفته مصدراً رئيساً للدخل، من دون وجود موارد دخل أخرى لها ثقل في إيرادات الدولة. وأضاف القاسم: «الأرقام كانت متوقعة، ومستوى الإنفاق مطمئن، وحتى العجز كان متوقعاً، وللأسف أن خطط التنمية الخمسية ومن أول خطة كان تنويع مصادر الدخل أحد بنودها الرئيسة، إلا أننا في نهاية الخطة التاسعة لم نفعّل إيجاد البدائل للنفط وتنويع مصادر الدخل، وما زال النفط يشكل 90 في المئة من إيرادات الدولة». وطالب بدق ناقوس الخطر وتعليق الجرس مع انخفاض أسعار النفط والعمل جدياً هذه المرة على تنويع مصادر الدخل، منتقداً الوزارات والكيانات الاقتصادية في تجاهلها لهذا الأمر، مضيفاً: «بصراحة الوزارات المعنية بالأمر مثل الاقتصاد والمالية والتجارة والكيانات الاقتصادية الأخرى يأتي في آخر اهتمامها تنويع مصادر الدخل وإيجاد روافد حقيقية لموازنة الدولة». ولفت القاسم في قراءته للموازنة إلى أنها ما زالت تحاكي سابقاتها، ومن الممكن تصنيفها بـ«موازنة مشاريع»، موضحاً أن المشاريع الضخمة القائمة الآن ستنتهي خلال أعوام قليلة وستدخل في مصاريف ضخمة أخرى تتمثل في مشاريع الصيانة والتشغيل، مضيفاً: «لو حدث انخفاض في الإيرادات ستحدث مشكلة وستضطر الدولة للسحب من الاحتياطات لدعم مشاريع التشغيل والصيانة، إضافة إلى بند الرواتب والذي يمثل بعبع الموازنة». وامتدح استمرار الصرف الكبير على قطاعات التعليم بقطاعاته كافة، منتقداً في الوقت نفسه عدم قدرة أجهزة التعليم على تطوير أدواتها على رغم اهتمام الدولة وصرفها الباذخ على التعليم. وتابع: «أكثر من نصف موظفي الدولة يعملون في التعليم، ولذلك يأخذ قطاع التعليم مبلغاً ضخماً من الموازنة، وعلى رغم الصرف الكبير سواء على أفراد قطاع التعليم أو مشاريع التعليم، إلا أن المخرجات ما زالت دون التوجهات، وخريجو التعليم العام لا ينافسون خريجي التعليم الخاص، وكذلك خريجو التعليم المهني أصبحوا عبئاً كبيراً ولا يجدون وظائف لضعف الأدوات التعليمية وعدم مواكبتها لحاجات سوق العمل، لذلك على الأجهزة التعليمية أن تركز اهتمامها على الإنسان». وأشار إلى ما حظي به القطاع الصحي بتخصيص 160 بليون ريال بزيادة بلغت 52 بليوناًَ عن الموازنة الماضية، مؤكداً أن هذا القطاع يواجه تحديات كبيرة، خصوصاً مع تعيين وزير جديد يحتاج وقتاً لتحقيق النجاح المرجو منه. ولفت القاسم إلى أنه خلال الأعوام الماضية كان يزيد معدل الصرف على الرقم المعلن بنسبة تراوح بين 10 و15 في المئة، والآن يجب أن نكون أكثر انضباطاً في التمسك بالأرقام المعلنة، وعدم المساس بالاحتياطات التي تعتبر من حق الأجيال القادمة، وأن يتم شد الحزام عبر خفض كلفة المشاريع وإدارتها بكفاءة ومراقبتها بشكل صارم، وهذا ما سيخفض من العجز وليس بالاعتماد على الاحتياط.

مشاركة :