أهم شيء يمكن استنتاجه من خسارة مانشستر يونايتد 3 - صفر على أرضه أمام توتنهام هوتسبير في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم يوم الاثنين هو مدى التعامل مع الأمر بشكل طبيعي وكأنه ليس مفاجأة. وعانى يونايتد من هزائم سابقة بكل تأكيد في أولد ترافورد لكن في المعتاد كان المنافس يحتاج إلى اللعب بشكل مذهل حتى يحقق ذلك. لكن هذا لم يحدث.وقدم فريق ماوريسيو بوكيتينو أداء جيدا لكنه ليس الأداء المذهل. وانتظر توتنهام اللحظات المناسبة لهز شباك المنافس. وقدم الفريق اللندني أداء يشبه أداء الفرق الكبيرة في الدوري الممتاز عندما تواجه الفرق الأقل قوة. وربما لم يعد هذا الأمر غريبا. وعلى مدار خمس سنوات ومنذ اعتزال أليكس فيرغسون أصبح يونايتد بشكل تدريجي، على الأقل داخل الملعب، فريقا آخر رغم أنه لم يكن من المتوقع أبدا حدوث ذلك الأمر. وكيف حدث ذلك؟ وكيف أخفق يونايتد، على عكس الفرق الكبيرة الأخرى مثل برشلونة ويوفنتوس وريال مدريد وبايرن ميونيخ، في الحفاظ على الاستمرارية كمؤسسة عملاقة خلال فترة تغيير المدربين؟وكلمة الإرث يتم استخدامها بشكل مبالغ فيه وربما بشكل خاطئ في الرياضة لكنها في الواقع تعكس تماما ما تركه فيرجسون عندما رحل عن منصبه بعد 27 عاما وإحراز الدوري 13 مرة ودوري أبطال أوروبا مرتين. وجعل فيرغسون النادي كله يتعلق بثقافة الانتصارات والأهم من ذلك أنه نجح في تكوين مجموعة تؤمن بأسلوبه في اللعبة ولديها الخبرة والذكاء لإدراك ما يحتاجه المدرب الأسكوتلندي لتحقيق النجاح الباهر.ومع ابتعاد الاهتمام بهم رحل هؤلاء الأشخاص بشكل تدريجي وبعد سنوات من النجاح لم يعد وجود الثقافة الخاصة بيونايتد واضحا ووصل إلى أنه أصبح شيئا من الماضي. وبدأ ذلك عندما تولى ديفيد مويز المسؤولية ورغم أنه كان من المتوقع أن يعمل مع الجهاز الفني المساعد لفيرغسون فإنه قرر التخلص منهم وإحضار مساعديه في إيفرتون. لذا رحل مايك فيلان الذي يحمل خبرة العمل 14 عاما إلى جوار فيرغسون إضافة إلى مدرب الحراس المخضرم إيريك ستيل ورينيه مولينستين وهو المدرب الهولندي الذي أحضره فيرغسون للعمل في 2001.وجاء تصرف مويز مفاجئا لكنه لم يتعرض للكثير من الانتقادات في ذلك الوقت. وكان مايكل أوين مهاجم ليفربول السابق الذي قضى ثلاث سنوات في أولد ترافورد قرب اعتزاله من ضمن الذين تابعوا كيف يعمل الجهاز المساعد لفيرغسون. وردا على سؤال بخصوص ذلك في 2014 قال أوين: «هناك مخاطرة دائما في التغيير ولم يكن أمام يونايتد أي خيار سوى النظر إلى المستقبل عند رحيل السير أليكس لكن هل كان ينبغي أن يكون التغيير شاملا؟» وأضاف: «شعرت بالاندهاش عند مطالبة ثلاثي الجهاز الفني بالرحيل وأثر ذلك بالتالي على النادي بشكل أكبر من رحيل السير أليكس».لكن رغم ذلك استمرت عمليات التخلص من الحرس القديم. ورحل برايان مكلير، وهو مثل فيلان توج بلقب الدوري كلاعب مع يونايتد، عن النادي في 2015 وبالتالي افتقد الفريق برحيله كل خبراته كمدرب لفريق الرديف وكرئيس لأكاديمية الناشئين بالنادي.وترك أيضا بول مكجينيس، مدير الأكاديمية السابق ومدرب فريق تحت 18 عاما، منصبه في 2015. وخلال فترة عمله مع مكلير قدم يونايتد 86 لاعبا للمشاركة مع الفريق الأول منهم 23 أصبحوا من الدوليين. ويعمل مكجينيس وستيل الآن في منصبين تدريبين بالاتحاد الإنجليزي لكرة القدم. واستمر ذلك الأمر ورحل وارين جويس، الذي قاد فريق الرديف في يونايتد من 2008، عن النادي في 2016 وكذلك توني سترادويك رئيس قطاع الأداء على مدار أكثر من عقد من الزمان في أولد ترافورد وذهب للعمل في ويلز في يونيو (حزيران).وفي ويلز عمل سترادويك مع رجل آخر يحمل خبرة كبيرة ويدرك تماما أسلوب فيرغسون وهو رايان غيغز. وكان غيغز، الذي عمل مساعداً للمدرب لويس فان غال، ضمن مجموعة من اللاعبين الذين تدربوا تحت قيادة فيرغسون وكان من المتوقع حصولهم على أدوار في الجهاز التدريبي للنادي لفترة طويلة. وهذا ينطبق أيضا على بول سكولز وغاري وفيل نيفيل الذين ذهبوا إلى العمل في مجال التحليل التلفزيوني بدلا من تطوير المواهب في يونايتد.ولا شيء من هذا كله كان حدوثه لا مفر منه. وفي الماضي أظهرت أندية القمة قدرتها على الحفاظ على ثقافتها الداخلية رغم إجراء تغييرات في أفراد الجهاز الفني. وأشهر مثال هو ليفربول، وبعد تولي بيل شانكلي المسؤولية لمدة 15 عاما، حقق النجاح لسنوات بالاعتماد على أشخاص من النادي. ولن يصبح يونايتد «مجرد ناد آخر» وهو ما يؤكده تاريخ النادي وقاعدته العريضة من المشجعين لكن ورغم أنه لا يزال يعد مؤسسة تجارية ناجحة فإنه لم يتصرف كشركة عملاقة. وسمح يونايتد لأبرز المواهب الموجودة بالرحيل ومعهم ذهبت كثير من الخبرات والمعلومات والأسرار التي جعلت النادي يحقق النجاح. وكل ذلك، وبغض النظر عن مستقبل مورينيو على المدى القصير، سيجعل تحقيق النجاح مرة أخرى أكثر صعوبة.
مشاركة :