لا تزال التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين تلقي بظلالها على الأسواق العالمية، إذ إن بعض السلع الزراعية مثل الصويا مستهدفة بالرسوم الجمركية، ما يضغط بدوره على المزارعين الذين يصفهم تقرير نشرته «الإيكونوميست» بـ«تجار سلع ومديري صناديق تحوط». وذكر أحد المحللين، ويدعى تيد سيفرايد، أن المحاصيل الزراعية في الولايات المتحدة تبدو على وشك طرح كميات قياسية هذا العام، ولكن عند الحديث عن التوترات التجارية وهبوط قيمة عملات وبدء ما وصفه بـ«حرب اقتصادية باردة» بين الولايات المتحدة والصين، تتحول الأمور إلى اللون القاتم. عوامل سلبية – ربما يكون توقيت طرح محاصيل جيدة بكميات وفيرة في أميركا غير مناسب هذا العام حيث إنه رغم انتعاش سوق الأسهم، فإن قوة الدولار وزيادة معدل الفائدة وتراجع عملات الأسواق الناشئة والمخاوف بشأن الرسوم الجمركية الانتقامية قد أثرت بشكل سلبي كبير في أسعار السلع في الأشهر الأخيرة. – على الجانب الآخر، هناك التغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة الأرض وانتشار الجفاف في عدد من المناطق حول العالم لا سيما أوروبا، الأمر الذي يضر بمحصول القمح في موسم الصيف هذا هو ما رفع أسعار الحبوب في القارة العجوز. – رغم ذلك، هناك العديد من السلع الأخرى تشهد أسعارها تراجعا، ففي أغسطس الجاري، انخفض سعر رطل أحد أنواع القهوة إلى أقل من دولار واحد، كما هبط سعر السكر الخام إلى أدنى مستوى في عشر سنوات. – تضررت أسعار القهوة والسكر بوفرة المعروض في البرازيل بالإضافة إلى انخفاض قيمة الريال البرازيلي، الأمر الذي يدعم صادراتها من المحاصيل والسلع المختلفة بدلا من تخزينها. – في الآونة الأخيرة أيضا، انخفضت أسعار النحاس بأكثر من %20 منذ يونيو بفعل مخاوف الإجراءات الحمائية التي تقوض نمو الاقتصاد العالمي، ومن ثم الإضرار بالطلب على المعادن لا سيما من الصين. – هبطت أسعار النفط بفعل المخاوف حيال الطلب في الأسواق الناشئة وقوة الدولار، الأمر الذي جعل الدول ذات العملات المنخفضة تشتري الخام. – بالعودة إلى الصويا والذرة في الولايات المتحدة، واصلت أسعارهما بالانخفاض نتيجة وفرة المحاصيل هذا العام، وسط توقعات من وزارة الزراعة الأميركية بتسليم محصول ذرة قياسي في 2018 وتحقيق أكبر حصاد سنوي للصويا على الإطلاق. – لا يزال مزارعو أميركا قلقين بشأن الحرب التجارية مع الصين – التي تعد أكبر مشتر للصويا من واشنطن، ولكن المزارعين يأملون في بيع المزيد لأوروبا التي تواجه مشكلة في ارتفاع تكلفة القمح. التوترات التجارية والسلع – من وقت لآخر، يسود تفاؤل في الأسواق وترتفع أسعار السلع جراء بعض الإشارات الإيجابية كانخفاض الدولار – مثلما حدث عند انتقاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسياسة النقدية للفدرالي. – لا تزال الأسواق أيضا في ترقب لسير المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين من جانب، وحول اتفاقية التجارة الحرة في أميركا الشمالية من جانب آخر. – أصدرت أكبر شركة تعدين في العالم «بي إتش بي» تقييما محفوفا بالمخاطر على المدى الطويل للمنتجين، حيث حذرت من السياسات الحمائية وأضرارها على نمو الاقتصاد العالمي، متوقعة انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لكل من أميركا والصين بحوالي %0.75. – أشار محللون إلى أن طريقين يمكن للتوترات التجارية أن تضر بأسعار السلع من خلالهما الأول زيادة أهمية الأسواق الناشئة من حيث تحريكها للطلب على السلع. – قدر البنك الدولي أن ثلثي الارتفاع في الطلب على الطاقة وخُمسي الارتفاع في استهلاك الغذاء قد سببه سبع دول من بينها الصين والهند وروسيا والبرازيل. – يزيد الطلب من هذه الدول عن نظيره من الدول الصناعية السبع على الفحم والمعادن النفيسة والأرز والقمح والصويا، وهو ما جعل أسعار السلع شديدة الحساسية لاقتصادات الدول التي أشار إليها البنك الدولي. – أما الطريق الثاني، فهو المضاربة، وأوضح أحد الخبراء أن مخاوف الحرب التجارية أثارت مضاربات بيع على السلع، ورغم الرسوم على الصلب والألمنيوم، فإن ذلك لم يؤثر في الطلب من جانب بكين، فيما تأثرت المضاربات بشكل أكبر بعوامل العرض والطلب. – لا تزال الصين محركا رئيسيا للطلب على السلع، وتقول «بي إتش بي» إن بكين سوف تستغل توسعها المالي والنقدي للمساعدة في تحقيق التوازن مع الأضرار الناجمة عن الصراعات التجارية، وبالتالي، سوف تستفيد أسواق السلع. (أرقام)
مشاركة :