نسبت مجلة فورين بوليسي أول أمس الأربعاء إلى مصدر أمريكي قوله إن الرئيس دونالد ترامب قرّر - خلال اجتماع حضره صهره ومستشاره جاريد كوشنر، ووزير الخارجية مايك بومبيو، في أغسطس الجاري- حرمان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بالكامل من المساعدات التي تصل قيمتها إلى 350 مليون دولار، هي في الواقع ربع الموازنة السنوية للوكالة. الإجراء الأمريكي -الذي لم يعلن رسمياً، وأبلغ مضمونه إلى حكومات لم يحدّدها المصدر- يأتي في سياق عقوبات فرضها ترامب على الوكالة منذ يناير، عندما قرّر حرمانها من 300 مليون دولار في أعقاب إجماع الفلسطينيين على الاحتجاج على قراره نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. ثم ألحق قبل أيام، بقرار يقضي بحرمان السلطة الفلسطينية من 200 مليون دولار كانت مخصّصة لتمويل مشاريع في الضفة وغزة. وفي تبرير لشطب الـ 300 مليون دولار، نقل عن مسؤول أمريكي قوله: "إن الوكالة بحاجة إلى إصلاحات"، لم يحدّدها. أما حجب الأموال المخصّصة لمشاريع غزة والضفة فربطه مسؤول آخر بالخارجية بـ"إعادة توجيه الأموال لتنفق بما يتسق مع المصالح القومية الأمريكية". وخلال مشاركتها أمس الأول في مداولات معهد بحثي أمريكي متعاطف مع إسرائيل، شكّكت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نكي هيلي في صحة الإحصاء الأممي لأعداد اللاجئين الفلسطينيين. غير أن ما أخفته عبارات هيلي المنتقاة بعناية بشأن أونروا، كشفته مراسلات كوشنر مع مسؤولين نشرت "فورين بوليسي" في 4 أغسطس الجاري مقاطع منها. فهو يتحدّث صراحة عن "جهد دؤوب لتعطيل أونروا". ويكتب أيضاً أن هذه الوكالة "تديم الوضع الراهن، وهي فاسدة وغير فعّالة، ولا تساعد في السلام". وقالت المجلة الأمريكية كذلك: إن "كوشنر أثار قضية تصفية أونروا خلال لقاء مع مسؤولين بالأردن في يونيو الماضي، وقام بالضغط على عمّان لتجريد أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني من صفة اللجوء لتصبح أونروا عديمة الفائدة". وكان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد استبق المسؤولين الأمريكيين بالمطالبة منذ يناير بـ "بإزالة أونروا من الوجود" وحمّلها مسؤولية "إدامة المشكلة الفلسطينية". ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولين إسرائيليين اتهامهم أونروا "بتعليم كراهية إسرائيل داخل الصفوف المدرسية، والتهاون مع مقاتلي حماس أو مساعدتهم في غزة". وتعدّدت الردود على الحملة الأمريكية الإسرائيلية المنسّقة على أونروا. أولها جاء من طرف أونروا نفسها حيث أصرّت أمس على افتتاح العام الدراسي بمدارسها في مدن ومخيّمات الضفة الغربية وقطاع غزة في موعده. جاء ذلك بعد أسبوعين من تأكيد مفوضها العام بيير كروهينبول بحصولها على مساهمات إضافية قدرها 238 مليون دولار منذ بداية العام. وقام كروهينبول في 24 أغسطس الجاري بتفنيد مزاعم مسؤولي إدارة ترامب، وكشف خلفياتها في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس. وأكد أن الفلسطينيين ليسوا الوحيدين بالعالم الذين ينقلون صفة اللاجئ من جيل إلى آخر، مستشهداً بحالة الأفغان الذين اضطروا لمغادرة بلادهم إلى دول الجوار قبل عقدين. وشكّك بقدرة إدارة ترامب على شطب قضية اللاجئين قائلاً: "لا يمكن لأحد ببساطة إلغاء خمسة ملايين شخص". وفي هذا السياق أعلن وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي أمس أن بلاده تعمل على عقد مؤتمر نهاية الشهر المقبل في نيويورك لدعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) التي تعاني عجزاً مالياً يفوق 200 مليون دولار. وقال الصفدي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بيير كرينبول المفوض العام للوكالة، في عمان "نقوم في 27 من الشهر القادم وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بتنظيم مؤتمر برعاية أردنية سويدية وبرعاية الاتحاد الأوروبي واليابان وتركيا بهدف حشد الدعم المالي والسياسي لاونروا لاستمرار أداء هذه المنظمة الأممية كونها قائمة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وأشار الصفدي إلى أن "المملكة ستقوم أيضاً بالدعوة لعقد جلسة طارئة لمجلس وزراء دول الخارجية العرب على هامش الدورة العادية التي ستعقد في العاشر من الشهر القادم".
مشاركة :