لا مؤشرات حقيقية عن قرب التوصل إلى حل لمعضلة التشكيل الحكومي في لبنان على ضوء استمرار العقدتين المسيحية والدرزية، فضلا على أن الرياح الإقليمية العاصفة تبدو غير مواتية للوصول إلى هكذا تسوية يرجح البعض أن تطول لأسابيع بيروت - يظهر حزب القوات اللبنانية مرونة في التعاطي مع أزمة التشكيل الحكومي المستمرة، وترجم ذلك في تراجعه عن التمسك بمنصب نائب رئيس الوزراء، وأيضا موافقته على الحصول على أربع حقائب وزارية فقط بعد أن كان يطالب بخمس وزارات. وتقابل تنازلات حزب القوات بسلبية من الطرف المقابل وخصوصا التيار الوطني الحر وحليفه حزب الله، اللذين يعملان على تحجيمه وإضعاف حضوره الحكومي، من خلال إصرارهما على رفض منحه أية حقيبة سيادية واقتصار وجوده على ثلاث وزارات. ويؤكد قادة القوات بأنهم قدموا كل ما يمكن من جانبهم لتسهيل عملية تشكيل الحكومة، بيد أن لديهم سقفا محددا للتنازل وأن على الطرف المقابل تحمل مسؤولياته، خاصة أنه هو من يضع العراقيل أمام ولادة الحكومة العتيدة. وقال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور الخميس “قبولنا بـ4 وزارات هو تنازل كبير لأجل المصلحة الوطنية العليا ولن نتنازل عن هذا السقف. ونحن منفتحون على خيارات عديدة ضمن سقف ممكن من التنازل”. وشدد على أن ما تطلبه “القوات” أقل من حصتها وهو الحد الأدنى في وقت يضخم فيه سواها حجمه في محاولة لتحجيمها. وكان رئيس القوات سمير جعجع اجتمع برئيس الوزراء المكلف سعد الحريري مساء الأربعاء في بيت الوسط وأكد حرص حزبه على تسهيل تشكيل الحكومة وعلى دعم العهد، بيد أن ذلك لا يجب أن يكون على حساب القوات. شارل جبور: قبولنا بـ4 وزارات هو تنازل كبير لأجل المصلحة الوطنية العلياشارل جبور: قبولنا بـ4 وزارات هو تنازل كبير لأجل المصلحة الوطنية العليا ووفق مصادر مطلعة فقد أبدى الحريري تفهما لموقف جعجع، خاصة وأنه يدرك أن محاولة ضرب الأخير في حال تمريرها فهو من سيكون في مقدمة المتضررين منها. وقال أمين سر تكتل الجمهورية القوية فادي كرم الخميس “إن طرح 3 وزارات للقوات غير مقبول، وما طرحناه بداية هو 5 وزارات وهذا حقنا لكننا تنازلنا ووافقنا على 4 وزارات شرط أن تكون بينها وزارة سيادية والتنازل عن هذا السقف مرفوض”. واستبعد أن يتقدم الحريري بمسودة لتشكيلة حكومية، ورأى أن ما يعرقل التأليف هو فكرة الاستئثار وعدم السماح بالتمثيل الحقيقي لكل فريق سياسي وفق نتائج الانتخابات النيابية. وأشيعت في الأيام الأخيرة أجواء إيجابية عن قرب التوصل إلى اتفاق بشأن التركيبة الحكومية بيد أن لا مؤشرات حقيقية توحي بذلك. ويواجه الحريري منذ مايو صعوبة في تشكيل الحكومة نتيجة عدم فك عقدة الحصة المسيحية وأيضا الدرزية حيث يصر أيضا التيار الوطني الحر على عدم منح الحزب التقدمي الاشتراكي 3 حقائب وزارية، رغم أن الأخير يملك الأغلبية المطلقة في عدد المقاعد البرلمانية المخصصة للطائفة الدرزية. ورغم ما يبذله رئيس مجلس النواب نبيه بري من جهود لحلحلة الأمر بتكثيف التواصل مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حيث عرض عليه أن يكون الوزير الثالث من خارج الطائفة الدرزية، لا يبدو أن هناك اتفاقا بشأن الأمر. وقال مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس في تصريحات الخميس “لا نقبل بوزير ثالث غير درزي وهذا الموضوع غير مطروح والرئيس بري مقتنع بموقفنا”. وأضاف “هناك 20 نائبا مسيحيا من خارج الثنائي المسيحي فأين تمثيلهم الوزاري طالما البعض يريد توزير نائب درزي واحد وُهب وهباً ولذلك نقول بتوحيد المعايير”، في إشارة إلى إصرار رئيس التيار الوطني الحر على توزير النائب الدرزي طلال أرسلان. ويقول متابعون إن أزمة التشكيل الحكومي في لبنان ليست فقط وليدة التعقيدات الداخلية المرتبطة بالحسابات الضيقة للقوى السياسية ومحاولة كل منهم توسيع دائرة نفوذه الحكومي على حساب الآخر، بل أيضا هي مرتبطة بالوضع الإقليمي. ويشير هؤلاء إلى أن فترة المراوحة قد تطول إلى ديسمبر المقبل إلى حين أن تنقشع الأجواء الملبدة على الساحة السورية.
مشاركة :