متطوعون يرممون آثار الرقة بعد تحريرها من «داعش»

  • 9/1/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تعمل منظمات المجتمع المدني في مدينة الرقة شمال سوريا، على إعادة ترميم وتأهيل المواقع الأثرية التي دمرتها الحرب، بدعم من الخارجية الأميركية وبالتنسيق مع مجلس الرقة المدني.وتحت شعار «نحو بيئة أفضل لمستقبل أجيال الرقة»، بدأت منظمة «شباب أوكسجين» حملة تنظيف سور الرقة الأثري وباب بغداد، وأطلقوا حملة بعنوان «رقتنا أحلى» بالتنسيق مع منظمات ومجموعات محلية شريكة، حيث حصلت المنظمة على دعم من برنامج «وئام» الممول من واشنطن. وقال بشار القرف مدير منظمة «شباب أوكسجين» لـ«الشرق الأوسط»: «مدة تنفيذ المشروع كانت شهرا واحدا»، ويبلغ طول سور الرافقة الأثري نحو 3 كيلومترات واستغرقت أعمال التنظيف شهرا كاملا، حيث عمل 43 شخصاً.وكان القسم الأكبر من العمال الذين تولوا مهمة تنظيف باب بغداد ومحيط السور الأثري، من أعضاء منظمة شباب أوكسجين الذين عملوا بشكل تطوعي، وتابع القرف مدير المنظمة أن هذه الآثار ليست عبارة عن أحجار ومعالم تاريخية: «إنما هي تاريخ الرقة وحضارتها، هي ماضينا ومستقبلنا، هي حكاية مدينتنا».وأشار عبد الجليل (42 سنة) الذي يقع متجره مقابل باب بغداد، إلى أن البوابة باتت نظيفة اليوم، وقال: «أزيلت النفايات ورفعت الأنقاض المتناثرة في محيط البوابة والسور. البوابة أصبحت جميلة للغاية بعد حملة التنظيف».وتقع مدينة الرقة على الضفة الشرقية لنهر الفرات، تبلغ مساحتها نحو 27 ألف كيلومتر مربع، خرجت عن سيطرة النظام الحاكم في سوريا ربيع 2013، لكن عناصر تنظيم داعش أحكموا قبضتهم عليها نهاية العام نفسه، قبل أن يطردوا على يد «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من التحالف الدولي والولايات المتحدة الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي. وتعرض سور الرافقة الذي يحيط بالمدينة القديمة لأضرار بليغة، حيث عمد عناصر تنظيم داعش وأثناء معركة الرقة بين يونيو (حزيران) وأكتوبر 2017 إلى فتح ثلاث فوهات لربط الأحياء القديمة بمركز الرقة، الأمر الذي خلف أضراراً جسيمة في جسم السور القديم، ويعتبر السور من أهم الآثار التي بقيت منذ حقبة العصر العباسي وبقي شاهداً على أصالة الرقة وعراقتها.ونقل سكان المنطقة الذين يعيشون في محيط السور القديم، أن عناصر «داعش» وأثناء سيطرتهم على الرقة، حولوه إلى مكب للسيارات المفخخة والمحترقة والقديمة ورمي النفايات والقمامة، وكانت تباع فيه غنائم الحرب، وذكر بشار القرف: «قمنا بالتنسيق مع بلدية مجلس الرقة المدني حيث تم رمي جميع النفايات والأنقاض والآليات القديمة في مكب أنقاض مخصص خارج مدينة الرقة»، منوهاً أن الحملة استهدفت تنظيف المناطق الأثرية دون ترميم جسم السور أو البوابة، وأضاف: «لأن هذه الأماكن التاريخية تحتاج إلى خبراء وفنيين في علم الآثار للعمل على ترميمها. دورنا اقتصر على النظافة فقط».فيما تعرض متحف الرقة الأثري لدمار شبه كامل جراء المعارك التي شهدتها المدينة، وفي بداية يونيو الماضي، بدأت منظمة «رؤية للأعمال الإنسانية» بترميم جزئي للمتحف ضمن مشروع «رقتنا أحلى»، بالتنسيق مع لجنة السياحة والآثار التابعة لمجلس الرقة المدني، ويبلغ مدة المشروع 3 أشهر على أن تنتهي أعمال الصيانة في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وتشمل عملية الترميم بناء المتحف من الداخل والخارج وجميع الصالات، بهدف عودة المتحف لاستقبال زواره من السياح والباحثين المهتمين.وذكر عمر النوح مدير منظمة رؤية أن المشروع ينفذ بالتعاون مع منظمة «يونيسكو» التابعة للأمم المتحدة، وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قال: «خاطبنا اليونيسكو للموافقة بالسماح على ترميم المتحف، وبالفعل أرسلوا لنا موافقة رسمية»، على أن تتضمن عملية الترميم ثلاث مراحل، حيث يتم خلال المرحلة الأولى الإنشائية ترميم الأسقف والجدران داخل المتحف وصالات العرض، فيما تتضمن المرحلة الثانية تصليح الأبواب والنوافذ وصيانة شبكة المياه والصرف الصحي والحديقة الخلفية للمتحف، لتأتي بعدها المرحلة الثالثة والأخيرة على أن يتم تجهيز صالات العرض وعددها 6 وإعادة المنحوتات واللوحات والقطع الأثرية.ويتألف الفريق المشرف على عمليات ترميم المتحف من مهندسين وعمال ومختصين في الآثار، وقال عمر النوح: «اعتمدنا على مخطوطات المتحف في الترميم لإعادة شكله القديم، وإعادة صالة العرض وغرف المقتنيات، لأنها تعرضت للإهمال ونالها الخراب بعد سيطرة عناصر (داعش) الذين كانوا يمنعون أي شخص من الاقتراب منها».ويقع متحف الرقة في مركز مدينة الرقة وتبلغ مساحته نحو 811 مترا مربعا، وهو عبارة عن بناء من طابقين وحديقة خلفية صغيرة. وقد كان يتألف الطابق الأرضي للمتحف من بهو للدخول وأربع صالات للعرض وغرفة إدارية، فيما كان يتألف الطابق الأول من 6 صالات للعرض وغرفة إدارية، بالإضافة إلى صالة استقبال مركزية.وبني متحف الرقة سنة 1861 واستخدم سابقا دارا للسرايا، قبل أن يبدأ استخدامه متحفا منذ عام 1981. وتقول ساجدة (42 سنة) التي تقيم في الشارع الذي يقع فيه المتحف وعادت لمنزلها قبل 8 أشهر: «قبل 2011، كانت صالات المتحف تعرض لوحات فسيفسائية وتماثيل وآثارا تاريخية، إضافة إلى لوحات خزفية ومخطوطات قديمة، كان مكاناً يضم بين أجنحته تاريخ الرقة».ويعد الجامع العتيق أو جامع المنصور، إلى جانب سور الرقة الأثري ويعرف باسم سور الرافقة، وبوابة بغداد، وقصر البنات، من أبرز معالم مدينة الرقة الأثرية، بالإضافة إلى متحف الرقة.«معظم آثار الرقة ومقتنيات المتحف سرقت ونهبت، أما التي سلمت منها فنالت نصيباً من الخراب على إثر المعارك الدائرة في محيط المتحف»، بحسب المهندس حسن مصطفى حسن رئيس لجنة الثقافة والفنون في مجلس الرقة المدني، وأكد أن بناء المتحف تعرض لقذائف صاروخية وشظايا أثناء معركة طرد عناصر «داعش» العام الماضي، ويضيف: «جزء قليل من آثار المتحف سلمت وهي موجودة بعين عيسى. حفظت في مستودعات خاصة تحت إشراف خبراء أثار، وسيتم إعادتها إلى المتحف بعد الانتهاء من أعمال الترميم والصيانة».

مشاركة :