ما العوامل التي تحدد نطاق الإشراف؟ يصل نطاق الإشراف إلى الحد الأقصى عندما يتجاوز عدد المرؤوسين عدد الأشخاص الذين يستطيع المرء أن يمارس سلطته عليهم. وتنطوي هذه السلطة على الإشراف عليهم وحل النزاعات والصراعات بين المرؤوسين. بشكل عام، كلما ازداد عدد المرؤوسين المباشرين للمشرف، يقل التفاعل فيما بينهم، أي صعوبة إدارة المجموعة تصبح أضعافا مضاعفة بحسب حجم المجموعة، الأمر الذي يدركه أي مدير. ففي سبيل زيادة نطاق الإشراف، ينبغي علينا زيادة قدرة المدير على إدارة النزاعات ضمن المجموعة، واحتمالية جعل الموظفين قادرين على حل نزاعاتهم من تلقاء أنفسهم أو كلا الأمرين. كيف بإمكاننا تحقيق ذلك؟ إعادة تنظيم وتقسيم العمل "بالتالي خفض الترابط"، واستخدام القواعد وسياسات العمل والتكنولوجيا لتعزيز التعاون على صعيد الموظفين والكادر الإداري وبناء ثقافة عمل تسهم في تمكين التعاون بين الموظفين، تعد من أكثر الخيارات المتاحة. حيث يسهم كل منها في تقليص التسلسل الهرمي. على سبيل المثال، وجدنا خلال الاستطلاع برهانا على أنه مع الأخذ في الحسبان حجم الشركة والقطاع ، يبقى معدل متوسط المستويات في الشركات الآسيوية أكبر من تلك الموجودة في أوروبا. ربما تلعب الاختلافات الثقافية دورا في ذلك. وإذا ما كان ذلك صحيحا، فذلك يعني أن الاختلافات في الثقافة التنظيمية قد يكون لها آثار مماثلة. بإمكاننا أيضا محاولة تخفيف حدة الآثار السلبية للمستويات في التسلسل الهرمي مع الحفاظ على شكله من خلال القيام بعدة إجراءات، تتمحور في أربع نقاط أساسية: أولا، تخفيف التصورات الذهنية عن عدم المشاركة في عملية صنع القرار، من خلال إتاحة الفرص للتفاعل بشكل مباشر عبر المستويات. كما يشير بريد إلكتروني وجهه إيلون ماسك إلى موظفيه، مؤكدا على ضرورة فصل التسلسل الهرمي للسلطة عن شبكة الاتصالات في المؤسسة: في حين تعبر السلطة بالضرورة عن العلاقة المتباينة للمستويات في السلم الهرمي، إلا أن الاتصالات من حيث المبدأ قد تكون بشكل متكافئ ومتعددة الاتجاهات. ثانيا، تخفيف التصورات الذهنية عن عدم المساواة واختلافات الترتيب الوظيفي من خلال إرساء معايير قائمة على المساواة. ثالثا، دفع الأشخاص إلى تفويض المهام كلما سنحت الفرصة. هنا يجب التنويه إلى أنه بحسب الهيكل القانوني للشركة، تقع المسؤولية على عاتق الإدارة العليا في نهاية المطاف. فالسلطة يتم تفويضها على امتداد التسلسل الهرمي، لكن المساءلة ليست كذلك. ما يعني بدوره أن المزايا المعروفة لتفويض السلطة - مثل جعل عملية اتخاذ القرار محصورة في دائرة المعرفة، والآثار الإيجابية التحفيزية على المرؤوسين وإيجاد فرص التدريب - يجب أن تكون مدروسة بعناية كي لا تتسبب في فقدان السيطرة والتنسيق. لكن ببساطة، ينبغي ألا نستهين بتكاليف تفويض السلطة نحو المستويات الأدنى في التسلسسل الهرمي: كون السلطة توفر لنا إمكانية فرض النفوذ والتنسيق، في حين يجبرنا التفويض على التخلي عن بعض الإجراءات. أخيرا وليس آخرا، قد يكون التأثير الأهم لإدراك التسلسل الهرمي، هو تثقيف الناس حول كيفية أداء عملهم، لماذا يعملون بالطريقة الحالية، ومزاياهم وسلبياتهم. فالفهم العميق لمفاهيم مثل فقدان السيطرة، وقيود نطاق الإشراف، وقصور تفويض المهام، بإمكانه تحويل النقد باتجاه إخفاقاتهم الفعلية.
مشاركة :