يحق لقطر اللجوء إلى الأمم المتحدة لمعاقبة أبوظبي على «التجسس»

  • 9/2/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قال الدكتور ناصر العذبة -أستاذ القانون الدولي في جامعة قطر- إن التجسس على الهواتف الذكية من قبل دولة الإمارات بالتعاون مع شركة إسرائيلية، يُعد من الجرائم السيبرانية التي تمت عبر الشبكات العالمية بشكل غير قانوني. وأضاف العذبة -في تصريح لـ «العرب»- أنها أيضاً تُعد من الجرائم المنظمة العابرة للحدود -حيث لا توجد حدود سيبرانية بين الدول- ولا تسقط بالتقادم، والتي تحرمها الاتفاقيات الدولية، مما يؤدي -إن ثبتت- إلى تعكير صفو العلاقات الدولية وتكديرها، وهذا المبدأ هو غاية العلاقات الدولية والأساس الذي من أجله تعقد الاتفاقيات الثنائية والمتعددة. واعتبر أن التقرير الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الجمعة، عن تورط أبوظبي في التجسس واستعانتها بشركة إسرائيلية للتجسس على جوال حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في عام 2014 لم يشكّل مفاجأةأوضح العذبة أن «الجميع يعلم مدى التعامل اللا عقلاني الذي وصلوا إليه -الإماراتيين- خصوصاً بعد عملية الاختراق لوكالة «قنا»، والتي قامت بها تلك الدولة، واختلاقها لتصريح على لسان سمو الأمير المفدى، وغيره من الأمور التي يندى لها الجبين». ورأى أن «من قام بتلك الإجراءات ليس غريباً عليه التجسس والاستعانة بالشركات الإسرائيلية». السبل القانونية وعن إمكانية لجوء المتضررين من اختراق أبوظبي لخصوصيتهم إلى القضاء، قال العذبة إن «هذه الجرائم من الممكن ملاحقة مرتكبيها، سواء على المستوى الدولي أم على المستوى الإقليمي، فمن الناحية الإقليمية يمكن ملاحقة شركة «أن. أس. أو. جروب» في البلدان التي لها الحق في بسط الولاية القضائية عليها أو على فروعها إن وجدت». واستكمل: «أما دولياً، فمن الممكن رفع الأمر إلى الأمم المتحدة بشكوى تقدم إلى الاتحاد الدولي للاتصالات، لمطالبة المجتمع الدولي بالقيام بواجباته المنوطة به»، موضحاً أن ذلك سيمر بمراحل عديدة منها مرحلة جمع الاستدلالات، ومن ثم الاستدعاء للتحقيق، وإذا ثبت الأمر فإن الاتحاد الدولي للاتصالات من المتوقع أن يصدر توصياته ضد التصرفات التي قامت بها الإمارات، وإحالتها للجمعية العامة». واستدرك قائلاً: «كما هو معلوم، يجب كذلك إحالة جميع الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بمكافحة الجرائم السيبرانية إلى فريق عمل من المختصين في القانون الدولي لمراجعة انضمام ومصادقة دولة الإمارات على تلك الاتفاقيات، والتنبه إلى نقطة مهمة جداً، وهي الإجراء واجب التطبيق عند حدوث الجريمة المذكورة من طرفها، والدول جميعاً تتفق على أهمية مكافحة الجرائم السيبرانية والعمل على تطوير منظوماتها الوطنية لتتفق مع المعايير والاتفاقيات الدولية». جهات المكافحة وعن المنظمات المنوط بها مكافحة جرائم التجسس، أوضح أستاذ القانون الدولي في جامعة قطر، أن الموقف الدولي من مكافحة الجرائم السيبرانية يشمل عدة جهات وهي كما يلي: - مجموعة «G8»: تتكون من أكبر 8 دول صناعية في العالم، وتشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وفرنسا وإيطاليا واليابان وألمانيا وكندا، وتلك المجموعة أصدرت في عام 1997 خطة عمل تمخض عنها الاجتماع الوزاري لمكافحة الجرائم السيبرانية. - الأمم المتحدة: وقد أصدرت في عام 1990 خلال اجتماع الجمعية العامة، قراراً بمكافحة الجرائم السيبرانية، وتم إقرار الإصدار الثاني في عام 2002. - الاتحاد الدولي للاتصالات: وهو ينضوي تحت مظلة الأمم المتحدة ومتخصص في وضع الأطر والسياسات العامة لمكافحة جرائم التجسس السيبرانية، وهو ما أدى إلى صدور ما يسمى «التزام تونس» أو «أجندة تونس»، التي تم اعتمادها لمكافحة هذا النوع من الجرائم. - المجلس الأوروبي: هو منظمة دولية مهمتها تطوير المسائل الخاصة بحقوق الإنسان والديمقراطية لأعضائها الـ 47، وقرر عام 2001 إصدار اتفاقية الجرائم السيبرانية التي تحدد الأطر القانونية واجبة التنفيذ حال اكتشاف قيام جريمة سيبرانية في إحدى الدول الأعضاء، وقام بالتصديق على الاتفاقية 25 دولة أوروبية. - منظمة «آبيك APEC»: هي منتدى التعاون الآسيوي والباسيفيك، والذي وضع استراتيجية لمكافحة الجرائم السيبرانية عام 2002، والتي سميت بـ «إعلان شانغهاي». - مجلس التعاون الخليجي: وهو يعد جزءاً مهماً في سياق التعامل مع هذه الجريمة الحالية، حيث عقد في عام 2007 اجتماعاً لمناقشة الوسائل الدولية لمكافحة الجرائم السيبرانية. «مراهقة سياسية» ورأى العذبة، أن ذكر «نيويورك تايمز» أسماء المستهدفين من عمليات التجسس الإماراتية، ومنهم الأمير متعب بن عبدالله، ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، يعد «مشكلة حقيقية تعاني منها إمارة أبوظبي». وأوضح أن «المراهقة السياسية التي تعاني منها السعودية حالياً، هي حالة قد بدأت قبل سنوات لدى أبوظبي، والتي تظهر للمراقبين أن الإمارة لا تعرف حدود اللعبة السياسية في هذا الصدد، والتي أيضاً لا تستشعر خطورتها على الأمن الإقليمي والتعاون العربي». واستكمل: «أبوظبي لم تحسب حساب هذا اليوم، والذي تحدثت به الصحف العالمية مثل «نيويورك تايمز» مثلاً، عن السياسات الغوغائية لهذه الإمارة، والتي انسحبت على جميع الإمارات الأخرى، وخصوصاً دبي التي تعاني اليوم صداعاً مزمناً من سياسات أبوظبي اللا مسؤولة، والتي أثرت عليها سلباً باستشعار المستثمرين خطورة الموقف السياسي والأمني في ظل السياسات الحالية لأبوظبي، بعد استهداف مطار دبي الدولي من قبل صواريخ الحوثيين، وهذا الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، من وجهة نظري». دعم قانوني وسبق وأن أكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، يوم الجمعة، أنها قدّمت الدعم اللازم للضحايا القطريين المتضررين في قضية التجسس من قبل دولة الإمارات، الذين رفعوا دعاوى قضائية ضد شركة «أن. أس. أو»، وكذلك ضد السلطات الإماراتية التي اعتدت بشكل صارخ على الحق في الخصوصية، والتضييق على النشطاء الحقوقيين، والاعتداء على الصحافيين، والذي يمثّل جريمة يحاسب عليها القانون. وأكدت «اللجنة الوطنية»، في بيان لها، أنها استقبلت في شهر مارس الماضي شكاوى من المتضررين في هذه القضية، وقامت بتوفير الدعم القانوني لرفع قضايا لدى الجهات المختصة في جمهورية قبرص. وأكدت اللجنة، في الوقت نفسه، استمرارها في ملاحقة مرتكبي هذه الانتهاكات، بالتنسيق مع المحامين والمنظمات والآليات الدولية، ومن بينها المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني بحرية التعبير، وغيرهما. واستنكرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان اعتداءات دولة الإمارات وانتهاكاتها المستمرة للحق في الخصوصية، وذلك باستخدامها برامج تجسس إسرائيلية منذ أكثر من عام. حادثة مشابهة للتنصّت على الهواتف ذكر الدكتور ناصر العذبة أستاذ القانون الدولي، أن حادثة التجسس الهاتفي ومثيلاتها تعيد للأذهان حادثة التجسس على الهواتف الشهيرة في لندن عام 2011، من قبل شركة «وورلد نيوز»، والتي عصفت بشركات وأسهم اليهودي الشهير روبرت مردوخ، مالك قناة «سكاي نيوز» وابنه، والتي تخللها العديد من الجرائم كالرشاوى لبعض السياسيين والشرطة، والذي تزامن مع افتتاح قناة «سكاي نيوز عربية» في أبوظبي في شهر مايو 2012 (تملك أبوظبي 50 % من أسهم القناة). وأضاف أنه «في ذلك الوقت أصبح الموضوع غريباً، حيث إن الشركة الإعلامية المذكورة ومالكها في ذلك الوقت خضعا للتحقيق بتهمة التجسس على هواتف العائلة المالكة وبعض السياسيين البريطانيين، فكيف تُقدم أبوظبي على افتتاح فرع لها في الوطن العربي، مع ما تحمله من صيت سيئ بعد حادثة التجسس، وكيف يتم التعامل أصلاً مع روبرت مردوخ وهو قيد التحقيق، كل تلك التساؤلات ومثلها نجد إجاباتها اليوم أكثر فأكثر، لتكتمل ملابسات القضية، ومن ثم يتم الربط لتتضح الصورة أمام العالم أجمع». واختتم العذبة تصريحاته لـ «العرب» قائلاً: «لن تنتهي القصص عند هذا الحد، وكل يوم ستتكشف لنا أمور تجعلنا كمواطنين في موقف أكثر ثباتاً والتفافاً حول القيادة الحكيمة، والتي صبرت على حماقات دول الجوار منذ أكثر من 20 عاماً وحتى وقتنا الحاضر».;

مشاركة :