تشكل اضطرابات النوم واختلال الساعة البيولوجية، هاجسًا مزعجًا للأهالي، خاصة مع عودة أبنائهم لمقاعد الدراسة بعد إجازة طويلة، وهي المشكلة التي تتفاقم في الأسبوع الدراسي الأول (أسبوع العودة)؛ حيث تزداد نسبة الغياب ويغلب الكسل والخمول على الطلاب، الأمر الذي من شأنه يؤثر على التحصيل الدراسي بل ونفسية الطالب أيضًا. وفي هذا الصدد، أوضح لـ"عاجل"، السبت، استشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم الدكتور أيمن بدر كريّم، أن الإجازة الطويلة تشهد تغييرًا في نمط النوم واضطراب الساعة البيولوجية خاصة في شهر رمضان، وتعد ظاهرة منتشرة لدى الكبار والصغار، مشيرًا إلى أن الأطفال الصغار خاصة طلاب المدارس منهم، عندما يتحررون من مسؤولية المدرسة وتبدأ الإجازة الصيفية يصبحون أكثر حماسة للسهر، وينعكس لديهم نمط النوم من خلال النوم نهارًا والسهر ليلًا، الذي يلقى قبولًا من الأهالي بسبب الارتباطات الاجتماعية، وهو يعد نمط نوم معاكس للفطرة السليمة وهي النوم ليلًا والاستيقاظ نهارًا. وحول تعديل نمط النوم خلال الأسبوع الأول للدراسة، أكد أنه أمر إيجابي للأطفال تحت سن العاشرة؛ حيث أن لديهم مقدرة أكبر من الكبار على العودة إلى النمط السليم للنوم بعد دخول المدارس، ويستطيع الطفل خلال أسبوع أو أسبوعين التأقلم تمامًا مع نمط النوم السليم، لافتًا إلى أن الأطفال الذين لم يناموا جيدًا في فترة الليل لا يستطيعون الدخول في مرحلة النوم العميق، وهي مرحلة مهمة جدًا للنمو العقلي والبدني للأطفال، وعندما يفتقر لها نوم الطفل تحدث له مشاكل عدة. ونوه إلى أن من أبرز حلول مشاكل النوم قبل العودة لمقاعد الدراسة وأكثرها شيوعًا، هو التدريج في تنظيم النوم، والذي له طريقتان لا بد من البدء بهما قبل العودة للمدارس بأسبوع أو أسبوعين وليس في ليلة العودة، وتتمثل الطريقة الأولى في تقديم نصف ساعة عن موعد النوم المعتاد، فعلى سبيل المثال لو كان الطفل ينام بعد صلاة الفجر، يتم تقديم موعد نومه نصف ساعة يوميًّا حتى يستعيد نمط النوم السليم خلال أقل من عشرة أيام. أما الطريقة الثانية وهي الأكثر صعوبة، فتتمثل في امتناع الطفل عن النوم في فترة النهار؛ لتأتي فترة الليل وقد أنهكه التعب ليخلد إلى النوم وهي طريقة تحتاج للتعود. ونبه إلى أن الطريقة المعروفة في تعديل نوم الأطفال المتمثلة في إيقاظهم قسرًا بعد نومهم بحوالي ساعتين إلى ثلاث ساعات ليعودوا إلى النوم في فترة الليل ليست طريقة مثالية؛ لما يترتب على ذلك من اضطرابات في المزاج، وفرط الحركة، واضطرابات في الشهية كالشراهة. وأشار استشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم، إلى أن عدد الساعات للنوم المثالي بالنسبة لطلاب المدارس خاصة المرحلة الابتدائية يتراوح من "9 - 10" ساعات، وبالرغم من ذلك لو خلد الطفل إلى النوم في الساعة التاسعة أو العاشرة مساء، واستيقظ في السادسة أو السابعة صباحًا، فيعد ذلك نومًا أقل من الاحتياج؛ إذ أن الطفل يحتاج إلى النوم "9" ساعات متواصلة يدخل خلالها في مراحل النوم المختلفة مثل النوم العميق والنوم الحالم وغير الحالم؛ ليحصل على النوم الكافي والجيد. وشدد على أهمية التهيئة النفسية للأطفال قبل عودة المدارس بأسبوع إلى عشرة أيام، وذلك من خلال إفهام الطفل بعودة الدراسة وتحميله جزء من المسؤولية، وتعويده على نمط غذاء صحي يخلو من المشروبات الغازية والكافيين والوجبات السريعة التي اعتاد عليها طوال الإجازة، لافتًا إلى أن الموز والحليب والأجبان والكورن فليكس والباستا والدجاج المشوي، من الأغذية التي تحتوي على مادة "التربتوفان" التي تساهم في إفراز مادة "السيروتونين" وهي مادة مهدئة ومحفزة للنوم. وعلى صعيد فئة الطلاب في عمر المراهقة "المرحلة المتوسطة وما فوق" أكد استشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم، أن تنظيم النوم لديهم يعد أصعب من الأطفال؛ بسبب تولعهم أكثر في الأجهزة التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي والأفلام وغيرها، وهي بحسب دراسات كثيرة تؤدي الى التأخر في النوم والأرق، وتجعلهم يشعرون بالخمول والتعب في فترة النهار، معتبرًا أن أجهزة الهواتف الذكية تعد بمثابة "طاردة للنوم"؛ لانشغال الذهن بها كما أثبت الدراسات أن ضوء تلك الأجهزة يدخل إلى شبكية العين ويثبط من هرمون "الميلاتونين" المسؤول عن النوم، ونصح بتخفيف إضاءة الجهاز خلال ساعات الليل، بما فيها أجهزة التلفاز للمساعدة في تحفيز هرمون "الميلاتونين".
مشاركة :