تستثمر عشرات من الشركات الصينية الخاصة والمملوكة للدولة في القارة السمراء، وتقدر شركة "ماكينزي" الاستشارية عدد الشركات الصينية التي تعمل في إفريقيا حالياً، بأكثر من عشرة آلاف شركة، توفر فرص عمل لملايين من أبناء القارة. وتعد مالو جونتيلانو المديرة الإدارية لشركة "جي آند إتش جارمنتس" الصينية لصناعة الملابس، إحدى هؤلاء، إذ ظلت تعمل على مدار السنوات الثلاث الماضية، على زيادة الإنتاج في دولة رواندا، شرقي إفريقيا، ويعمل في الشركة أكثر من ألف موظف، وتقول جونتيلانو "إفريقيا سوق جذابة جدا بالنسبة إلينا". وبحسب "الفرنسية"، تعمل بكين على تعزيز نطاق نفوذها، وتنافس الغرب في أنحاء القارة السمراء، وقد تفوقت الصين على الولايات المتحدة، وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، كشريك تجاري رئيسي للقارة، حيث وصل حجم التجارة بين العملاق الآسيوي والقارة إلى 170 مليار دولار في 2017. وتؤكد "قمة بكين 2018 لمنتدى التعاون الصيني - الإفريقي"، دور إفريقيا في إطار الخطط الصينية للتجارة والاستثمار والأمن، حيث يتوافد زعماء القارة على العاصمة الصينية للمشاركة في الحدث البارز. ولم يعد التزام الصين في إفريقيا يتعلق بتأمين الحصول المواد الخام فحسب، حيث تقوم الشركات الصينية بنقل عديد من عمليات الإنتاج إلى دول إفريقيا، بسبب ارتفاع تكاليف العمالة المتزايدة في الداخل. وتؤكد جونتيلانو أن هدفها هو تحويل علامة "صنع في الصين" إلى "صنع في إفريقيا"، ويقع مصنع "جي آند إتش جارمنتس" داخل منطقة تجارية خاصة، تبلغ مساحتها نحو 300 هكتار، في ضواحي كيجالي، عاصمة رواندا، وقد جرى تصميمها على غرار المناطق التي أسهمت في الانفتاح الاقتصادي في الصين خلال ثمانينيات القرن العشرين. وتتمتع الشركات التجارية العاملة في المنطقة التجارية الخاصة برسوم جمركية ومصاريف إيجار وكهرباء منخفضة، إضافة إلى التخليص الجمركي السريع واللوائح المبسطة. وفي ظل تصاعد الخلاف التجاري مع الولايات المتحدة، تبحث بكين بشكل متزايد عن شركاء تجاريين جدد، ومن المتوقع أن يكون للصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، تأثير غير ملحوظ لكنه مهم، في قمة بكين. وتعتقد سابين موكري من معهد ميركاتور للدراسات الصينية "ميريكس" في العاصمة الألمانية برلين أنه "سيكون من المثير للاهتمام أن نرى مدى قوة الصين في تقديم نفسها كبديل للولايات المتحدة، من حيث تأكيدها حرية التجارة والتعددية". ومن المقرر أن تستغل بكين القمة للترويج لـ "مبادرة الحزام والطريق" التي تهدف إلى إنشاء شبكة للتجارة والبنية التحتية، عبر قارات، تشمل إنشاء مشاريع ضخمة في إفريقيا. وبدأت المشروعات الصينية العملاقة بالفعل في تغيير وجه القارة، فقد أقام الصينيون خطوط سكك حديدية رئيسية، في كينيا ونيجيريا وإثيوبيا وتنزانيا وأنجولا والمغرب، كما قاموا بتمهيد آلاف الكيلومترات من الطرق، وبناء مستشفيات ومبان حكومية. ووصل الأمر إلى تمويل المستثمرين الصينيين مدنا بأكملها، مثل مدينة سيداد دي كيلامبا، التي تبلغ مساحتها نحو تسعة كيلومترات، في أنجولا. ويقول المختصون "إن الصين تريد تأمين مصالحها الاقتصادية في القارة، إضافة إلى طرقها البحرية، من خلال تعاونها العسكري مع إفريقيا". وفي حين يعتقد كثير من الأفارقة أنه من الممكن أن تساعد استثمارات الصين التنمية في القارة، ينتقد آخرون "الغزو الاستعماري الجديد" لإفريقيا. ويقول جوميدي "تجري الصين مفاوضات على عقود بناء وتشييد، مقابل الحصول على امتيازات للتعدين في إفريقيا، كما هو الحال في زامبيا أو زيمبابوي، أو تخصص قروضا مقابل حصة من إنتاج النفط المحلي، كما هو الحال في أنجولا". ويوضح جوميدي أن التجارة بين الصين وإفريقيا تعد أحادية الجانب، حيث تكاد السوق الصينية تخلو من المنتجات الإفريقية، مضيفا "لن تربح إفريقيا شيئا على الإطلاق من كل هذا
مشاركة :