في خضم أزمة اقتصادية طاحنة تمر بها تركيا، أعلنت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان أنها ستوقع اتفاقاً اقتصادياً للشراكة التجارية مع قطر، لتأمين إمدادات أرخص ثمناً من المنتجات النفطية المكررة والغاز الطبيعي، في خطوة وصفها خبراء بأنها محاولة من الدوحة لتخفيف فاتورة الطاقة المتفاقمة على أنقرة.وقالت وزارة التجارة التركية في بيان، أمس الاثنين، إن الاتفاق يهدف إلى تحرير شامل للتجارة في السلع والخدمات بين البلدين، ويشمل قطاع الاتصالات والخدمات المالية.وتعليقاً على الاتفاق المزمع، قال خبير اقتصادي ل«سكاي نيوز عربية» إن قطر بهذا الاتفاق تحاول مساعدة الحكومة التركية بطريقة غير مباشرة، لانتشالها من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها جراء انهيار الليرة وتراكم الديون وارتفاع التضخم.وأشار الخبير إلى أن الاتفاق سيخفف عجز موازنة تركيا التي تعتبر مستوردا خالصا للطاقة، إذ تمثل واردات النفط والغاز عبئا كبيرا على حكومة أردوغان، تفاقم مع انهيار الليرة التي فقدت 42 في المئة من قيمتها خلال الأشهر الماضية.وقال إن مردود الاتفاق سيكون أقل بالنسبة لقطر، لكنها تعول على فتح شراكة تجارية مع تركيا التي تشكل سوقا كبيرا للطاقة.ووصف محللون الخطوة، بمثابة الإتاوات النقدية التي تدفعها قطر لأنقرة ضمن تبعيتها لتركيا.ورأوا وفقاً لموقع «إرم نيوز» في الخطوات القطرية، لحظةً فارقةً تتحوَّل فيها الدوحة إلى ما وصفه معلقون بمواقع التواصل الاجتماعي ب«البقرة الحلوب» التي تدفع لتركيا «إتاوات» نقدية متى دعت الضرورة، ضمن تبعية قطرية لتركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان سياسيًا وأمنيًا وحتى اقتصاديًا.وهذه أحدث محاولة قطرية لمساعدة تركيا، إذ أعلنت الدوحة في أغسطس/آب الماضي، اتفاقا لتبادل العملة المحلية مع أنقرة عند سقف 3 مليارات دولار، ضمن حزمة مساعدات من الدوحة لأنقرة بقيمة 15 مليار دولار، بعد أن أعرب الأتراك عن غضبهم إزاء صمت الدوحة على أزمتهم الاقتصادية.ولم يعلن النظام القطري بعد تعرضه لضغوط من أنقرة، حيث شنت الصحافة الموالية لأردوغان، هجوما حادا على الدوحة وصف ب«حملة ابتزاز»، بسبب صمتها حيال الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد جراء التوتر المتصاعد مع الولايات المتحدة.إلا أن الولايات المتحدة اعتبرت أن الأموال القطرية «لن تستطيع انتشال الاقتصاد التركي من أزمته».ويقول خبراء إن الأموال القطرية لن تحل المعضلة الاقتصادية لتركيا، ذلك أن 15 مليار دولار تمثل 10 بالمئة من احتياطيات أنقرة الأجنبية، وبالنظر إلى معدل التضخم في البلد، فمن الأرجح أن يكون ذلك حلاً قصير الأجل سرعان ما يزول أثره.وفي المقابل، وصل الدين الخارجي إلى أكثر من 411 مليار دولار بحسب إحصائية رسمية، وهو ما يضع عبئا ضخما على الاقتصاد.من جهة أخرى، قالت صحيفة «ديلي صباح» التركية إن أنظار القطاع الخاص في قطر تحولت للاستثمار في تركيا، مشيرة إلى تطلع خمس جهات كبرى إلى استثمار 300 مليون دولار في تركيا. وأوضحت الصحيفة أن رجال الأعمال القطريين وضعوا أعينهم على الاستثمارات الفردية في تركيا، حيث قال أحمد حسن، المدير العام لشركة «رويال لينك»، التي تدير استثمارات شركات «قطر القابضة» و«عيسى» و«نورا راشد الدوسري» و«السميطي» و«راشد الكبيسي»، إنه إذا تم تأسيس مكتب للمستثمرين في قطر، فإن استثمارات القطاع الخاص قد تصل إلى 50 مليار دولار.وفي تصريح للصحيفة ، قال حسن: «إن الشيوخ والمديرين، أصحاب الكيانات الخمسة الكبرى، على استعداد للاستثمار في تركيا في كل مجال، من الطاقة إلى الزراعة والعقارات».وأردف: «نقوم بالبحث في جميع أنحاء البلاد.. بدأنا أول عملية استحواذ لدينا في مصنع لأوراق الجدران في أضنة، بالإضافة إلى ذلك، تم شراء مساحات شاسعة من الأراضي لإنتاج الفواكه المجففة، والآن، نحن في محادثات للحصول على موقع للفيلات».
مشاركة :