رغم خشيتها من الغرق في الديون التجارة البينية بين الكتلة الصينية والمنظومة العربية سترتفع إلى 600 مليار دولار جعفري: البنية التحتية في البحرين مهيأة لكنها ليست جاهزة للتعامل مع الطريق! عبر صندوق النقد الدولي عن قلقه إزاء مشاريع البنى التحتية ضمن طريق الحرير الذي أطلقته جمهورية الصين الشعبية، وذلك بأن تغرق الدول المستفيدة من تلك المشاريع في الديون، وأن تلك المشاريع قد تدفع بعض الدول إلى التردد في خوضها والعمل بها. وقال الرئيس الصيني مؤخرًا، إن المشروع (ليس ناديًا صينيا)، مشيدًا بـ (تعاون منافع متبادلة)، لكن إذا كان المشروع يشمل نظريًا نحو 70 دولة يفترض أن تساهم في الاستثمارات معًا، إلا أن الكثير من المشاريع تمولها فعليًا المؤسسات الصينية. وفي هذا الإطار، أكد الباحث بمركز (دراسات) د. عمر العبيدلي، على أن الصين تسعى لتعظيم الاستفادة من طريق الحرير وذلك عبر مضاعفة تجارتها مع الدول العربية، مشيرًا إلى أن المشروع سوف تجني ثماره الدول المستفيدة على المدى البعيد. وأضاف العبيدلي في تصريحات لـ (أخبار الخليج) أن الصين ستصبح في نهاية المطاف المستهلك الأكبر دون منازع لصادرات النفط من الخليج العربي، مؤكدا أن النمو الاقتصادي في دول آسيوية مثل الهند والصين وماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية يمثل نقطة ارتكاز تحسن أسعار النفط، كما أن تحسن هذه الأسعار يزيد من استهلاك الأسواق الخليجية للسلع والمنتجات الآسيوية، وهكذا تبدو العلاقة تكاملية وليست تنافسية. ومن المتوقع أن تتضاعف التجارة البينية بين الصين والدول العربية من 240 مليار دولار إلى 600 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، وذلك بفعل مبادرة طريق الحرير، كما تستهدف الصين رفع رصيدها الاستثماري غير المالي في الدول العربية من 10 مليارات دولار إلى أكثر من 60 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة، بالإضافة إلى الوصول بحجم تجارتها مع إفريقيا إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2020. ويشمل طريق الحرير التاريخي تشييد شبكات من الطرق وسكك الحديد وأنابيب النفط والغاز وخطوط الطاقة الكهربائية والإنترنت ومختلف البنى التحتية. ويتكون طريق الحرير البري من ثلاثة خطوط رئيسية، وهي كالتالي: الخط الأول: يربط بين شرق الصين عبر آسيا الوسطى وروسيا الاتحادية إلى أوروبا. الخط الثاني: يبدأ من الصين مرورًا بوسط وغرب آسيا ومنطقة الخليج ووصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط. الخط الثالث: يمتد من الصين مرورًا بجنوب شرقي آسيا وآسيا الجنوبية فالمحيط الهندي.. أما طريق الحرير البحري فيتكوّن من خطين رئيسيين، هما: الخط الأول: يبدأ من الساحل الصيني مرورًا بمضيق مالَقَة إلى الهند والشرق الأَوسط وشرق إفريقيا، فوصولاً إلى سواحل أوروبا. الخط الثاني: يربط الموانئ الساحلية الصينية بجنوب المحيط الهادئ. وتهدف الرؤية الاستراتيجية لجمهورية الصين الشعبية من هذا المشروع والتي أعلن عنها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013 إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والسياحي والعديد من التطلعات الطموحة للأمة الصينية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في الصين والعالم. وعلى صعيد متصل، قال الخبير الاقتصادي، د. أكبر جعفري، لافتا الى أن التجارة في السنوات الماضية كانت ترتكز من الغرب إلى الشرق، ولكن الآن أصبح الاتجاه مغايرًا لما وصلت إليه دول الشرق من تطور سواء على الصعيد التجاري أو التكنولوجي. وأضاف جعفري: منطقة شرق آسيا أصبحت حيوية أكثر من السابق، والأهم من ذلك أنها أصبحت دولا منتجة، بل ووصل الحد الى أن لديها فائضا تجاريا، لذلك ترى أنها من الضروري أن تزيد صادراتها عبر طريق الحرير. وعما إذا كانت البنية التحتية في الدول العربية جاهزة أم لا، لفت جعفري الى أن البنية في البحرين ودول الخليج وفي بعض الدول العربية مهيأة، لكنها ليست جاهزة بنسبة 100%، فهناك احتياجات خاصة لتلبية هذا المشروع وخاصة أننا بحاجة الى تطوير التكنولوجيا الحديثة في مجال المواصلات واللوجستيات. فبعض الدول ذهبت نحو هذا الاتجاه بإطلاق مشاريع القطارات السريعة (قطار الرصاصة). وعبر جعفري عن تفاؤله بمشروع طريق الحرير الصيني، مؤكدا أن هذه المبادرة تعتبر محفزًا لاقتصادات الدول العربية، قائلاً «رغم الصعوبات التي تواجهنا، فنعتبر هذه تحديات ويمكننا تخطيها». ومن المتوقع أن ينتفع من طريق الحرير الجديد، بشقيه البري والبحري، أكثر من 65 بلدا، يعيش فيها أكثر من 4 مليارات نسمة. وفيما ستبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات، إلا إن العوائد جراء المبادلات التجارية بين هذه الدول ستبلغ عدة مئات مليارات الدولارات. وقال مؤخرًا وزير المواصلات والاتصالات كمال بن أحمد: إن دول الخليج لديها موانئ متقدمة وشبكة طرق حديثة تسهل نجاح مشروع طريق الحرير الجديد، مضيفا أن الصين مثلا تحصل على أكثر من 60% من احتياجاتها من الطاقة من الخليج العربي وهناك آفاق واسعة لزيادة التعاون التجاري معها، وداعيا إلى تسريع توقيع اتفاقية تجارة حرة بين دول الخليج العربي والصين. ووفق ما ذكر في العربية تخشى البلدان الغارقة في الديون والمستفيدة من مشاريع البنى التحتية ضمن طريق الحرير الذي أطلقته بكين، من تزايد حجم ديونها إلى درجة تثير قلق صندوق النقد الدولي وتدفع بعض الدول إلى التردد. وقال جين بينغ إن المشروع ليس ناديًا صينيا، مشيدًا بـ (تعاون منافع متبادل)، لكن إذا كان المشروع يشمل نظريًا نحو 70 دولة يفترض أن تساهم في الاستثمارات معًا، إلا أن الكثير من المشاريع تمولها فعليًا المؤسسات الصينية. وفي غضون السنوات الخمس تجاوزت الاستثمارات المباشرة التراكمية للعملاق الآسيوي في البلدان المعنية 60 مليار دولار، في حين بلغت قيمة المشاريع التي وقعتها الشركات الصينية أكثر من 500 مليار دولار، وفقًا لما أعلنته بكين. وتعرض هذه المشاريع الدول لأخطار مالية، إذ ألغت ماليزيا للتو 3 مشاريع، ضمنها تشييد خطوط للسكك الحديدية بكلفة 20 مليار دولار، مؤكدة عدم قدرتها على تمويل ذلك نظرًا إلى ديونها التي يبلغ حجمها 250 مليار دولار. وهذا ما حدث لسريلانكا التي اقترضت 1.4 مليار دولار من بكين لتطوير أحد موانئها، لكنها اضطرت أواخر عام 2017 إلى منح الصين السيطرة الكاملة على المرفأ لمدة 99 عامًا. ودق «صندوق النقد» ناقوس الخطر. وقالت مديرته كريسيتين لاغارد في أبريل، إن هذه الشراكات «يمكن أن تؤدي إلى تزايد الإشكالية في المديونية، ما من شأنه أن يحد من النفقات الأخرى عندما ترتفع كلفة الديون. هذه ليست وجبة مجانية»، لكن نائب رئيس وكالة التخطيط الصينية نينغ جيزي قال إن «هذه الدول اقترضت في شكل كبير من دول أخرى، مشيدًا بمعايير التقويم الصارمة للمشاريع». ويعتبر معهد الأبحاث (سنتر فور غلوبال ديفيلبمانت) أن طرق الحرير تزيد في شكل ملحوظ من خطر خلخلة أوضاع ثمانية بلدان مثقلة بالديون هي منغوليا ولاوس وجزر المالديف ومونتينيغرو وباكستان وجيبوتي وطاجيكستان وقرغيزستان. فباكستان، التي يعبرها مشروع ربط عملاق بقيمة 54 مليار دولار بين الصين وميناء جوادر، تواجه خطر الإفلاس، ما يعزز إمكان تقديم مساعدة وشيكة من صندوق النقد الدولي. ويطالب رئيس الوزراء الجديد عمران خان بـ«الشفافية» حول عقود مبهمة تم توقيعها وتتضمن استخدام مواد أو موظفين صينيين وشروط سداد صعبة تصب في صالح بكين. والأسوأ من ذلك، أن الصين تقدم قروضها بالدولار، ما يجبر باكستان على السعي إلى تحقيق فائض تجاري مرتفع بهدف سدادها، في حين أن احتياطاتها من النقد الأجنبي بدأت بالنفاد. ومن المؤكد أن البلدان الأقل نموًا، بسبب احتياجاتها الماسة للبنى التحتية، تجد لها مصلحة في ذلك. أما بالنسبة إلى بكين، فإن الأخطار تستحق المجازفة، فالعملاق الآسيوي يسعى إلى منافذ لتصريف إنتاجه الفائض من الطاقة الصناعية، كما أنه يحتاج إلى طرق وموانئ وخطوط أنابيب لنقل الإمدادات من المواد الخام. هذا ويكلف إنشاء هذا المشروع – طريق الحرير - حوالي 47 مليار دولار، وسيمر عبر 56 دولة، ويرجع تاريخ إنشاء «طريق الحرير» إلى عام 3000 قبل الميلاد وكان عبارة عن مجموعة من الطرق المترابطة تسلكها السفن والقوافل، بهدف التجارة وترجع تسميته إلى عام 1877م، حيث كان يربط بين الصين والجزء الجنوبي والغربي لآسيا الوسطى والهند. وسُمي طريق الحرير بهذا الاسم لأن الصين كانت أول دولة في العالم تزرع التوت وتربي ديدان القز وتنتج المنسوجات الحريرية، وتنقلها لشعوب العالم عبر هذا الطريق لذا سمي طريق الحرير نسبة إلى أشهر سلعة تنتجها الدولة التي أطلقته.
مشاركة :