من المقرر أن تبدأ محكمة الاستئناف العليا الجنائية اليوم نظر طعن النيابة العامة على حكم براءة 3 متهمين «علي سلمان وحسن سلطان وعلي الأسود» من تهمة التخابر مع دولة قطر والصادر من محكمة أول درجة يونيو الماضي، وسيمثل في الاستئناف المتهم الأول علي سلمان، فيما يتغيب كل من المتهمين الثاني والثالث «هاربان». وأصدرت محكمة أول درجة حكمها في 21 يونيو 2018م في القضية ببراءة المتهمين الثلاثة من تهم التخابر مع دولة أجنبية لارتكاب أعمال عدائية ضد مملكة البحرين، والإضرار بمركزها السياسي والاقتصادي وبمصالحها القومية؛ بغية إسقاط نظام الحكم في البلاد، وتسليم وإفشاء سر من أسرار الدفاع إلى دولة أجنبية، وقبول مبالغ مالية من دولة أجنبية مقابل إمدادها بأسرار عسكرية ومعلومات تتعلق بالأوضاع الداخلية بالبلاد، وإذاعة أخبار وشائعات كاذبة ومغرضة في الخارج من شأنها إضعاف الثقة المالية بالمملكة والنيل من هيبة المملكة واعتبارها، حيث قضت المحكمة ببراءة المتهمين من الاتهامات المسندة اليهم. وبعد صدور الحكم أكدت النيابة العامة في تصريح لها بأن الحكم قد جانبه الصواب وشابه الخطأ، وانتهى إلى قضاء لا يتفق مع حقيقة الوقائع موضوع الاتهامات، والتي لم يستطع المتهم ودفاعه دحضها، وأعلن المستشار أسامة العوفي المحامي العام أن النيابة ستبادر بالطعن في ذلك الحكم بالاستئناف ازاء ما وقع فيه من تردٍ في تقييم الأدلة والرد عليها. وأشار المحامي العام إلى أن النيابة العامة قد قدمت في هذه القضية أدلة قوية متنوعة تمثلت في تسجيلات الاتصالات التي دارت بين المتهمين ومسئولي دولة قطر بما يؤكد بشكل يقيني لا يدع مجالاً للشك في تخابر المتهمين مع أولئك المسئولين الأجانب لغرض استمرار أعمال العنف والفوضى التي شهدتها المملكة خلال أحداث عام 2011، والعمل على تقويض الجهود الوطنية المبذولة من أجل السيطرة على هذه الأعمال والقضاء عليها، ومن ثم افشال السلطات في تحقيق الاستقرار في البلاد واسقاط نظام الحكم. وهو ما تأيد بشهادة الشهود التي أظهرت بصورة قطعية مدى تآمر المتهمين مع المسئولين بدولة قطر والمعلومات التي نقلها المتهمون اليهم في شأن تحركات قوات الأمن وقوات درع الجزيرة في مسعاها لتقويض تلك الأحداث، وما صاحبها من أعمال القتل والتخريب التي تعرض لها المواطنون والمقيمون وممتلكات الدولة. كما تأيدت جميعها بما قدمته النيابة من أدلة مادية أخرى تكشف عن المهام التي اضطلع بها المتهمون؛ تنفيذاً للتكليفات التي تلقوها من المسئولين القطريين في ذلك الاطار. وأضاف المحامي العام أن الحكم الصادر ببراءة المتهمين قد جانبه الصواب وشابه الخطأ في تقدير الحجية المستمدة من جميع تلك الأدلة، ومن ثم انتهى الى قضاء لا يتفق مع حقيقة الوقائع موضوع الاتهامات، والتي كشفت عنها التحقيقات بل وجلسات المحاكمة ذاتها، خاصة وأن المتهم ودفاعه لم يستطيعا تقديم أدلة تدحض الاتهامات الموجهة للمتهمين. المحاكمة بدأت في نوفمبر 2017، لدى إحالة النيابة المتهمين الثلاثة للمحكمة، وهم: علي مهدي الأسود «هارب» وحسن علي جمعة سلطان «هارب»، وعلي سلمان الذي يقضي عقوبة سجن 9 سنوات عن تهم الترويج لتغيير النظام السياسي بالقوة والتهديد وبوسائل غير مشروعة، والتحريض علانية على بغض طائفة من الناس من شأنه اضطراب السلم العام، والتحريض على عدم الانقياد للقوانين وتحسين أمور تشكل جرائم، وإهانة هيئة نظامية علانية. وتضمنت مستندات النيابة تسجيلات صوتية لمكالمات هاتفية بين وزير خارجية قطر ورئيس وزرائها السابق حمد بن جاسم، والتي انطوت على اتفاق الطرفين والتنسيق بينهما على القيام بأعمال عدائية داخل مملكة البحرين، والإضرار بمركزها الحربي والسياسي والاقتصادي ومصالحها القومية والنيل من هيبتها واعتبارها في الخارج، بالإضافة إلى ما أفادت به التحريات عن صحة هذه الوقائع وعن ممارسة دولة قطر لأنشطة تستهدف عددًا من الدول العربية وفي مقدمتها مملكة البحرين وتسخير الإعلام القطري لمناهضة نظام الحكم فيها، وتواصلها مع بعض العناصر المناوئة للدولة لهذا الغرض ومنهم المتهمين في هذه القضية. وكشفت التحقيقات عن تلاقي إرادة الجانبين على القيام بالأعمال العدائية والإضرار بمراكز البلاد ونقل معلومات عن التحركات العسكرية المكلفة بحفظ الأمن والاستقرار في البلاد خلال فترة الأزمة التي تعرضت لها المملكة عام 2011م، وعن الأعمال العدائية التي يمكن القيام بها لمواجهة هذه التحركات والمساهمة في إضعافها بعدم مشاركة الجانب القطري فيها وتوجيه أجهزته الإعلامية لهذا الغرض، وظهور المتهمين من جانبهم في تلك الوسائل الإعلامية، ونشر معلومات وأخبار تضر بالمركز الحربي والسياسي والاقتصادي للمملكة وتنال من هيبتها واعتبارها في الخارج. ومن خلال هذا النشاط التخابري لهؤلاء المتهمين مع الجانب القطري، فقد باشروا أنشطة عدائية داخل البلاد في التحريض على مواجهة سلطات الدولة باستخدام القوة والعنف والقيام بأعمال إرهابية. كما تم رصد تكليفات من المتهم علي سلمان لأحد المتهمين للقيام بأعمال تضر مراكز الدولة ومصالحها القومية، وتكليف الآخر ليكون مسؤولَ اتصال مع مسؤولي دولة قطر، كما تم رصد العديد من المداخلات والمشاركات أجراها المتهمون من خلال القنوات الإعلامية القطرية، بناءً على تكليف من الجانب القطري بثوا خلالها أخبارًا كاذبة وشائعات مغرضة حول الأوضاع الداخلية بالبلاد؛ بقصد إثارة الفتن وتشويه صورة نظام الحكم في المملكة في الداخل والخارج. كما أن المتهمين في إطار هذا الاتفاق أمدوا دولة قطر بمعلومات سرية تتعلق بتحركات قوات الجيش والحرس الوطني والشرطة وقوات درع الجزيرة وأماكن تمركزها وميزانياتها، لخدمة نشاطهم المناهض لنظام الحكم؛ بهدف إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار وإحداث اضطرابات داخلية مستمرة لإسقاط النظام. ومن ناحية أخرى، ثبت تلقي المتهمين مبالغ مالية طائلة من الجانب القطري مقابل قيامهم بأنشطتهم الضارة بالبلاد، فيما ذكر أحد الشهود بأن المتهم علي سلمان قد هدد باللجوء إلى إيران لإدخال قواتها العسكرية البلاد فور علمه بدخول قوات درع الجزيرة إبان أحداث 2011.
مشاركة :