صنفت المملكة ضمن قائمة أكثر دول العالم استهلاكا للبن، من خلال الكميات المستوردة من البن سنويا للأسواق السعودية والمستخدمة في إعداد القهوة العربية المقدرة بحوالى 10.000 طن من البن، فيما ينفق السعوديون ما يزيد عن خمسة مليارات ريال للإنفاق على القهوة ومستلزماتها، حيث تعد القهوة رمزا من رموز الكرم والضيافة عند العرب، إذ اعتاد السعوديون عندما يلتقون بعد تأدية صلاتي العصر والمغرب في المسجد أن يقول أحدهم للبقية (قهوتكم عندي) أو (فنجالكم مرفوع) بحكم أن القهوة ترتبط بحديث الذكريات ولفيف المسامرات، وتمنح الذهن توقدا يعينه على استعادة ما فات، وشاعرنا الشعبي هنا يشكر المضيف الكريم قائلا بالدارجة (مكثور خيرك على صف المعاميل صفين، كيفت غيري من العالم وكيفت رأسي). وتعزز حضور القهوة في الذاكرة اليومية من خلال النخبة العربية، التي كانت ترى في ارتشاف فنجان قهوة الصباح، وقراءة الصحف، وسماع فيروز دليل نخبوية، كما أسهم في حضورها بين الحداثيين من الشباب تأصيلها في كتابات الرمز الشعري محمود درويش، الذي يصف القهوة بأنها مفتاح النهار وبكارة اليوم يفسدها الكلام الأول لأنها عذراء الصباح الصامت بل لعل درويش أجرى فحصا شاملا لصانعي القهوة ليقول: أعرف قهوتي وقهوة أمي وقهوة أصدقائي أعرفها من بعيد وأعرف الفوارق بينها لا قهوة تشبه قهوة أخرى فالقهوة ليست مفهوما وليست مادة واحدة، ويؤكد درويش أنه يقيس من خلال فنجان قهوة درجة ذوق الشخص وأناقته النفسية، فالقهوة التي لها مذاق الكزبرة تعني أن مطبخ السيدة ليس مرتبا، والتي بطعم الخروب تشير إلى أن صاحب البيت بخيل ورائحة العطر تعني أن السيدة شديدة الاهتمام بمظاهر الأشياء، التي لها ملمس الطحلب في الفم ذلك يعني أن صاحبها يساري طفولي وثمة قهوة لها مذاق القيدومة من فرط ما تألب البن في الماء الساخن ما يعني أن صاحبها يميني متطرف، وثمة قهوة لها مذاق الهال الطاغي ذلك يعني أن السيدة محدثة النعمة. ومن خلال معرض القهوة والشوكولاته الذي اختتم في الرياض أول أمس، بمشاركة أكثر من 35 شركة محلية، بالإضافة إلى شركات عربية رائدة وأقطاب صناعة وتجارة السلعتين في العالم، أوضح وكيل وزارة الزراعة الدكتور خالد الفهيد، أن المملكة منتج رئيس لحبوب البن مقابل تصدرها لقائمة الدول الأكثر استهلاكا للقهوة والشوكولاتة في العالم، مؤكدا أن توجه المملكة من خلال وزارة الزراعة إلى إيلاء شجرة البن مزيد اهتمام وعناية عبر الاستزراع في المناطق الصالحة لزراعة البن خصوصا منطقة جازان، ومن خلال دراسة أكاديمية لأستاذة علم الأحياء الدكتورة فردوس بخاري، تعد المملكة أكثر دولة بالعالم استهلاكا للبن كون الكميات المستوردة من البن سنويا للأسواق السعودية والمستخدمة في إعداد القهوة العربية تقدر بحوالى 10.000 طن من البن، وكشفت الدراسة أن نسبة استهلاك الفرد السعودي للبن وصلت إلى 3 كجم في العام الواحد، مقدرة حجم إنفاق مواطني المملكة على القهوة، وبعض المواد الداخلة في صناعتها، بنحو 5.5 مليار ريال، ويتم استيراد أكثر من 26 ألف طن من الهيل، الزنجبيل، الزعفران، بقيمة إجمالية تتجاوز 4 مليارات ونصف المليار. يشار إلى أن منطقة جازان تحتضن في قطاعها الجبلي أكثر من 70 ألف شجرة بن يقوم على زراعتها أكثر من 600 مزارع، وتنتج قرابة 500 طن سنويا، ويعتبر البن الخولاني من أجود أنواع البن في العالم.
مشاركة :