يبدو أن التذمر الشعبي في العراق انتقل إلى (السياسيين) من التصرفات الإيرانية، حيث قال رئيس الحكومة (حيدر العبادي) مؤخرًا: «إن الأمانة التي نحملها تستدعي منا عدم المجازفة بمصير شعبنا لصالح إرضاء إيران أو أي دولة جارة أخرى».. وانتقد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإيرانية فيما يخص إمدادات المياه إلى العراق، وشدد على أنه «ليس من حق أي دولة جارة أن تقطع مياه نهر الكارون عن شط العرب»، وكانت الزميلة (الشرق الأوسط) قد كتبت يوم أمس الأول أن «مدنا عدة شهدت مظاهرات واحتجاجات غاضبة ضد السلطات المحلية والاتحادية على ضعف الخدمات وتلوث مياه الشرب الذي بلغت الإصابات بسببه 30 ألف إصابة، وأغلق مئات المتظاهرين مواقع استراتيجية مهمة، بما فيها حقول نفطية، كما اعتصم محتجون في منفذ (الشلامجة) الحدودي الرابط بين العراق وإيران». إذن هناك تذمر شعبي عراقي كبير من السلوك الإيراني في العراق، وانتقل هذا التذمر إلى الطبقة السياسية، أو جزء كبير منها على الأقل.. ففي السابق كانت إيران تتدخل في الشؤون الداخلية العراقية من خلال المليشيات الشيعية المسلحة الموالية لها، ومنها بعض فصائل (الحشد الشعبي)، بالإضافة إلى زعامات سياسية موالية لإيران مثل (المالكي) و(العامري) وآخرين، لكن حاليا انتقلت إيران إلى معاقبة الشعب العراقي وليس الحكومة العراقية، سواء من خلال قطع أنهار تصب في شط العرب أو وقف تزويد العراق بالكهرباء بحسب اتفاقيات مبرمة سابقًا. من غير المستبعد أن ينعكس هذا الجو المشحون بالاستياء الشعبي من التصرفات الإيرانية في العراق في قرارات سياسية في أوساط الأحزاب التي تتجه إلى تشكيل حكومة عراقية لا تستلطف إيران، ولا إيران تستلطفها، وإذا حدث هذا فإن العراق القادم لن يكون (عراق الأمس)، حيث كان (قاسم سليماني) يصول ويجول في العراق كالحاكم بأمر الله!.. وخصوصًا بعد تسريب تقارير تقول إن إسرائيل ألمحت إلى أنها قد تستهدف أسلحة وصواريخ إيرانية في العراق، ما يدفع أي حكومة عراقية قادمة إلى تقليص النفوذ الإيراني العسكري والمليشياوي المسلح في الأراضي العراقية. كل هذه الرمال المتحركة في العراق من اعتصام محتجين عراقيين في منفذ (الشلامجة) الحدودي بين العراق وإيران، حتى تشكيل حكومة عراقية جديدة غير موالية لإيران.. هذه الرمال المتحركة قد يدفن فيها النفوذ الإيراني القديم في العراق.. ويبقى السؤال: ما مصير (الطابور الخامس) الإيراني هناك؟
مشاركة :