من الأمور التي تفرح أي بحريني هو أن يسمع من كبار السن عن تاريخ هذا البلد والتطور الذي سبقت البحرين فيه دول الخليج، فقد أفرحني كثيرا ما قاله الرجل الفاضل الخبير الفلكي الكويتي صالح العجيري حين كان يتحدث عن البحرين، وعن التطور في البحرين، وان بالبحرين صحيفة ولم تكن بالكويت، وأن بالبحرين مدرسة ثانوية، ولم تكن بالكويت (رغم تطور الكويت عن بقية دول الخليج آنذاك) وأن بالبحرين فريق كرة قدم قويا، إلى آخر ما تفضل به. كل هذه الأمور تفرحنا بالبحرين، ونفرح أننا سباقون في كافة الأمور يوم كان البعض مازال في طور التأمل والدهشة في ذلك الوقت، والإعجاب بالبحرين، ولم يكن لديهم شيء مما بالبحرين. توقفت عند ذلك وأنا أطلع على رؤية واستراتيجية سمو الشيخ ناصر بن حمد -حفظه الله- لتطوير الرياضة، وتطوير كرة القدم بشكل خاص، والأكثر أهمية في تقديري حين تحدث سموه وقال إننا سنطور المنظومة بشكل كامل، وكذلك سيتم تطوير المنشآت التي تواكب تطوير المنظومة. كل هذا الدعم للرياضة البحرينية إنما يقف خلفه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة -حفظه الله ورعاه- فهو الداعم الأول للرياضة البحرينية، وهو الرياضي الأول، وهذا ما يشدد عليه سمو الشيخ ناصر بن حمد، فالدعم والرعاية يأتيان من أعلى سلطة بالبلد، وهذا مهم جدا ويدعم التطور في شتى المجالات والألعاب. نستبشر خيرا حين نسمع ان هناك رؤية وعملا مخططا له لوصول المنتخب الأول لكرة القدم إلى كأس العالم 2022، هذا أمر يفرحنا كثيرا، ويجعل البحرين تخطو خطوات كبيرة في الترويج للبحرين من خلال كرة القدم، وهي اللعبة الأكثر جماهيرية والأكثر مشاهدة حول العالم. تطرق سمو الشيخ ناصر في حديثه أمام رجال الرياضة والشركات والمصارف إلى وجود اثنين من اللاعبين البحرينيين المحترفين في أوروبا، وأن هذا الأمر طيب، وان هناك سعيا لزيادة الأعداد. في تقديري أن من أهم الأمور التي تجعلنا ننافس دولا كبيرة في كرة القدم في آسيا مثل استراليا واليابان والسعودية والإمارات وكوريا وإيران، أن يكون لنا فريق لديه تجربة واحتكاك بمستويات كبيرة، ومن هنا فإن منتخبات الشباب والأولمبي والمنتخب الأول لكرة القدم يحتاجون إلى احتكاك وتجربة مع منتخبات قوية في كرة القدم على المستوى الأوروبي. فإذا لم نستطع أن نجعل لدينا 22 لاعبا محترفا في أوروبا، وهو هدف مهم جدا، فإنه ينبغي أن يكون لدينا احتكاك مستمر مع المنتخبات الأوروبية، حتى نصل إلى مستوى يؤهلنا للفوز على منتخبات آسيوية أولا، ومن ثم يكون لدينا منتخب يستطيع أن يجاري فرقا عالمية في المسابقات الدولية. تجربة المملكة العربية السعودية قبل كأس العالم الأخيرة يستفاد منها، فقد سعى اتحاد الكرة إلى أن يجعل لاعبي المنتخب السعودي يحترفون في أوروبا، لكن جلّهم لم يستطيعوا أخذ مكان في تشكيلة الفريق الأول، وبالتالي كانت الخطوة متأخرة، بمعنى لو أن هذه الفكرة طبقت منذ عامين قبل كأس العالم ربما كانت أتت بمردود ايجابي. من هنا نقول إن فكرة احتراف 22 لاعبا بحرينيا في فرق أوروبية أمر مهم، وليس شرطا أن يحترف اللاعبون في فرق الدوريات الكبيرة فهذا لن يجعلهم يحصلون على فرصة، فحتى فرق أوروبا (ذات المستوى الثاني، هولندا، بلجيكا، البرتغال، أو فرق أوروبا الشرقية أيضا شيء مهم شرط أن يحصل اللاعب على فرصة اللعب أساسيا). التعويل على الدوري المحلي لن يجعلنا نحصل على لاعبين بمستوى عال، بينما هناك فرق كبيرة ومسابقات كبيرة في آسيا، ونحن دولة صغيرة، وعدد السكان محدود، لذلك من المهم جدا أن نبحث عن الاحتكاك بمنتخبات قوية أولا، ومن ثم كيف يمكن أن يكون لدينا على اقل تقدير 22 لاعبا محترفا في أوروبا، هذا هو المهم في تقديري. وما ينطبق على كرة القدم ينطبق على السلة واليد والطائرة، والتنس الأرضي، وكل الألعاب الأخرى، فينبغي أن نذهب الى مكان التطور حتى نطور مواهبنا الوطنية ونجعل منهم نجوما وسيكون لديهم مدخول مادي محترم، إن لم يكن كبيرا. تطوير الدوري البحريني شيء مهم جدا، لكنه يحتاج إلى وقت، ويحتاج إلى احتراف، ومنظومة متكاملة، كما يحتاج إلى تطوير العمل الإداري والفني بالأندية البحرينية التي مازالت تعلم بنظام الثمانينيات، لكن بالإمكان اليوم أن نبدأ بخطوات من أجل أن نجعل لدينا 22 لاعبا محترفا، كما انه ينبغي عدم إهمال منتخب الشباب والاولمبي ونجعل منهم منتخبات مناسبات، فهذا لا يقود الى منتخب قوي، ولا يقود إلى استمرارية تطور المنتخب الأول لكون الأولمبي والشباب من دون استمرارية ومن دون احتكاك قوي، ويتجمعون في فترات متباعدة. رؤية سمو الشيخ ناصر بن حمد مبشرة بالخير، فلم تحصل كرة القدم على هذا الاهتمام من قبل، ولذلك نستبشر خيرا, كما أن على الجهات الأخرى المعنية أن تطبق أفكار سموه ورؤيته لتطوير الرياضة.
مشاركة :