نظمت أمس، المديرية العامة للأمن العام اللبناني، عودة مئات من اللاجئين السوريين في لبنان الى بلدهم. وسجّلت تجمعات للاجئين في مناطق مختلفة لنقلهم الى معبر المصنع الحدودي البقاعي مع سورية أو عبر معبر العبودية الحدودي الشمالي. وكان العائدون سبق أن سجلوا أسماءهم في قوائم سُلمت الى الأمن العام وحظيت بموافقة سورية عليها. وكان الأمن العام اللبناني سهّل إجراءات العودة من خلال تسوية أوضاع الأشخاص الذين انتهت إقامتهم وأوضاع الأطفال الذين وُلدوا في لبنان خلال فترة النزوح ولم يُسجَّلوا. وتمت هذه التسويات في شكل مجاني. وتابعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين العملية، بانتظار أن تتلقى من الأمن العام الأسماء التي غادرت لكي يتم شطبها من لوائح اللاجئين في لبنان. ولا تزال عملية تجديد إقامات الموظفين الأجانب في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، مجمّدة بقرار من وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، منذ حزيران الماضي احتجاجاً على ما اعتبره «سلوك المفوضية» تجاه عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم. وأكدت الناطقة باسم المفوضية ليزا أبو خالد، في اتصال مع «الحياة»، أن «المفوضية لم تتبلغ أي تغيير في هذا الإجراء حتى الآن». وكان المفوض السامي فيليبو غراندي الذي زار لبنان نهاية الأسبوع الماضي في إطار جولة شملت الأردن وسورية، أثار مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، مسألة تجميد الإقامات، وأكد له الحاجة الى تسهيل عمل موظفي المفوضية لمساعدة لبنان، وتحدث بيان صادر عن باسيل بعد مقابلته غراندي عن أن باسيل «لمس تطوراً في موقف المفوضية لجهة عدم العمل على عرقلة عودة النازحين، ولناحية البدء بإزالة العراقيل من أمام العودة الطوعية، وكذلك لوضع آلية مشتركة لتوفير شروط العودة الآمنة والكريمة وخطة شاملة ممرحلة للعودة في ضوء تطوّر الأحداث في سورية، وأن غراندي أبدى تفهماً أكبر لموقف لبنان من مسألة العودة». وكرر مدير مكتب الجنوب في المفوضية في لبنان كامرون راشيه الذي تابع عملية عودة السوريين من النبطية أمس، موقف المفوضية بأن «المفوضية لا تشجع ولا تسهل عملية العودة لأن الظروف الأمنية في سورية غير مواتية والأمن داخلها غير مستقر والظروف الإنسانية غير موجودة هناك»، مشيراً الى أن «المفوضية لا تستطيع أن تتواجد في المناطق السورية حتى تعرف ماذا يجري هناك». وأكد أن «العودة منظمة بالتنسيق مع الأمن العام، والمفوضية موجودة لتدعم اللاجئين، وهي ليست مشاركة في تنظيم العودة التي تتم في شكل جيد وطوعي ونحن نراقب العملية»، لافتاً الى أن «لا ضغوط على اللاجئين، والإجراءات التي تمت اليوم متوافقة مع الأمور التي جرى التنسيق فيها مع الأمن العام». وكانت انطلقت 3 حافلات تقل نحو 130 نازحاً عبر نقطة المصنع الحدودية، من البقاعين الأوسط والغربي، وغالبيتهم من سكان ريف دمشق والزبداني. وكان عشرات اللاجئين الموجودين في قرى شبعا والعرقوب، تجمعوا في باحة ثانوية شبعا الرسمية، تمهيداً لعودتهم الطوعية الى قراهم في المقلب الشرقي لجبل الشيخ. وأنجز الأمن العام معاملاتهم وسجل أسماء العائدين وفق لوائح معدة سلفاً، وجرى نقلهم الى نقطة المصنع. حيث أقلتهم من هناك حافلات أمنتها الجهات السورية المعنية الى داخل الأراضي السورية. وتجمع عدد من العائلات السورية الراغبة بالعودة في ملعب برج حمود في ضواحي بيروت، حيث دقق عناصر الأمن العام في كل الأوراق المطلوبة، ثم أقلتهم باصات للأمن العام إلى نقطة المصنع. وفي النبطية، تجمع 144 لاجئاً بينهم 75 طفلاً، في مدرسة عبداللطيف فياض لإتمام إجراءات العودة مع الأمن العام، وأقلتهم 4 حافلات كبيرة حضرت من سورية. وسلكت القافلة طريق مرجعيون - حاصبيا - راشيا الوادي، متوجهة نحو المصنع. والعائدون هم من سكان ريف حلب ودمشق ودرعا، وكانوا لجأوا الى النبطية والنبطية الفوقا والدوير وأنصار وكفرجوز ويحمر والشرقية. وواكب عملية المغادرة في النبطية منسق الجنوب في اللجنة المركزية للنازحين في «التيار الوطني الحر» خليل محمد رمال، ورئيس «رابطة العمال العرب السوريين في لبنان» مصطفى منصور، ورئيس الرابطة في الجنوب محمد كراف. وتولت وزارة الصحة و»الهيئة الصحية الإسلامية» (حزب الله) تلقيح الأطفال المغادرين. واعتبر منصور أن هؤلاء اللاجئين «هربوا من بلادهم بسبب الإرهاب، وعندما استقرت الأوضاع الأمنية بفضل دور الجيش السوري، عادوا الى الديار التي عاد الأمن والاستقرار إليها، ونشكر اللواء عباس ابراهيم والأمن العام اللبناني على تسهيل عودة السوريين الى بلادهم بالتنسيق مع السفارة السورية لدى لبنان وإشراف مباشر من السفير السوري علي عبدالكريم علي». ولفت كراف الى أن الرابطة «تقوم بتأمين عودة المئات من المواطنين السوريين من لبنان إلى أرض الوطن وتأمين الحافلات التي تنقلهم إلى داخل سورية، وندعو كل السوريين الراغبين بالعودة إلى الاتصال بالرابطة من أجل تأمين العودة الآمنة لهم ووفق القوانين المرعية بالتنسيق مع الأمن العام اللبناني». وفي طرابلس، تجمع مئات اللاجئين أمام مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في معرض رشيد كرامي الدولي، وأقلتهم حافلات على مرحلتين باتجاه معبري المصنع والعبودية. وتحدث لاجئون عن «أن كل التسهيلات من جانب الأمن العام قدمت لهم وأنهم تواقون للعودة منذ زمن بعيد، وأن تراب الوطن أغلى من كل شيء»، شاكرين الأمن العام على «مبادرته الممتازة في تأمين كل مستلزمات العودة». وواكب رئيس شعبة المعلومات في مديرية الأمن العام في الشمال العقيد خطار نصر الدين، الإجراءات اللوجستية لمغادرة اللاجئين.
مشاركة :