صنفت الحكومة التركية، ما تُعرف بــ«هيئة تحرير الشام» كمنظمة إرهابية، وجاء التصنيف بمرسوم جمهورى نُشر فى الجريدة الرسمية، ليتطابق مع قرار الولايات المتحدة الأمريكية، يونيو الماضي، باعتبار الهيئة منظمة إرهابية بسبب صلتها بتنظيم «القاعدة»، وذلك بعد رفض الأخيرة العرض التركى مقابل حلِّ الهيئة.وعلى الرغم من العلاقة الوثيقة التى جمعت الحكومة التركية والهيئة خلال السنوات السابقة؛ حيث قدم الجانب التركى العديد من المساعدات المختلفة لأعضاء الهيئة، شملت الأموال والعتاد والملابس والطعام، إضافة إلى ذلك كانت الهيئة تعتبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بمثابة الأب الروحى لها، ولكن تركيا تتجه لتغيير أجندتها السياسية، ونبذ الهيئة من أجل مصالحها مع روسيا.وبالتزامن مع القرار، أعلنت بعض الفصائل المسلحة الموجودة فى الشمال السورى عبر منابرها الإعلامية المختلفة خلال اليومين السابقين، رغبة تركيا فى تفكيك ما تُعرف بـ«هيئة تحرير الشام»، مؤكدة أن الحكومة التركية تواصل جهودها على مستويات عدة من أجل إقناع قيادات الهيئة بأمر الحل.وأشارت تلك الفصائل، إلى أن هناك بعض التيارات داخل الهيئة تجاوبت مع العروض التركية والبعض الآخر -وهم الأغلبية- رفضوا طلب حل الهيئة، مؤكدة أن تركيا تواجه تعقيدات كبيرة فى إقناع التيارات المتشددة داخل الهيئة بأمر الحل والاندماج فى فصائل أخرى لا تتبنى فكر تنظيم «القاعدة»، وذلك لأن معظم القيادات فى الهيئة ترغب فى إقامة إمارة إسلامية فى الشمال السوري؛ ولهذا السبب يرفضون طلب تركيا.ضغوط روسيةيقول هشام النجار، الباحث فى شئون الحركات المتطرفة: إن تركيا ترغب فى تفكيك هيئة تحرير الشام بضغوط من روسيا، لتفادى الهجوم على «إدلب» وفق تفاهمات مشتركة بين موسكو وأنقرة.وأكد «النجار» أن الرئيس التركى يفاضل خلال هذه المرحلة بين أمرين، إما الضغط على قادة الهيئة فتحل نفسها، وإما أن يعطى الضوء الأخضر لفصائل أخرى لمواجهتها عسكريًّا، وفى كلتا الحالتين سيفى بما هو مسند إليه من قبل الروس، وسيضمن زحف الهاربين من الاقتتال إلى مناطق تمركز الأكراد فى «عفرين»، وبذلك يستطيع أردوغان أن يحقق ما يصبو إليه من خلط للأوراق أمام الطموحات الكردية بشأن العودة لمناطق نفوذ الأكراد، وذلك لأن النازحين من الصراع غالبيتهم عرب، وسيضمن كذلك ألا يعبروا إلى الجانب الآخر داخل الحدود التركية.وأشار إلى أن قيادات «تحرير الشام» تشعر فى الوقت الحالى بالخطر من غدر «أردوغان»، ولذلك أكد بعض القيادات فى الهيئة خلال الأيام الماضية عدم الاستسلام وتسليم السلاح، وحذروا أيضًا من التعويل على وعود «أردوغان» أو الاعتماد على نقاط المراقبة التركية فى «إدلب».وأوضح الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن «أردوغان» يسعى فى الوقت الحالى للحيلولة دون وقوع هجوم سورى على «إدلب» لتحريرها، وتُعد هذه هى المعركة الفاصلة والحاسمة، وإذا تحقق النصر فيها فستكتب نهاية حضور «أردوغان» فى المشهد السوري.
مشاركة :