عاد الهدوء إلى العاصمة الليبية طرابلس ومحيطها، أمس الأربعاء، غداة توقيع الميليشيات المسلحة اتفاقاً لوقف إطلاق النار، تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وشكك مراقبون في التزام الأطراف المتصارعة بالاتفاق الهش، وسط ترحيب عربي ودولي.وقال شهود عيان، إن التشكيلات المسلحة انسحبت من منطقة طريق المطار وعين زارة وصلاح الدين ووادي الربيع، ومشروع الهضبة، وهي المحاور التي شهدت قتالاً عنيفاً منذ الأسبوع الماضي في طرابلس. وأضافوا أن الحركة بدأت تعود إلى طبيعتها داخل العاصمة.وشهدت شوارع طرابلس، ازدحاماً لم تشهده طوال الأيام التسعة الماضية، وساد اطمئنان عام دفع الناس إلى التوجه لأعمالهم بشكل شبه طبيعي، بعد أن أغلقت دوائر حكومية ومحلات ومصانع وورش خاصة، بسبب الاشتباكات.واكتظت الأسواق والمحلات التجارية بالمتسوقين، فيما تصطف سيارات في طوابير طويلة أمام كل محطات الوقود.وجرى أول أمس الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء كل العمليات القتالية في طرابلس، تم توقيعه من قبل ممثلين عن حكومة الوفاق الوطني، والقادة العسكريين والأجهزة الأمنية، والمجموعات المسلحة الموجودة في العاصمة وحولها، برعاية المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة.وينص الاتفاق على وقف جميع الأعمال العدائية، وعدم القيام بأي تحركات عدائية أخرى، وعدم التعرض للمدنيين واحترام حقوق الإنسان، وعدم المساس بكل الممتلكات الخاصة والعامة، وضمان إعادة فتح مطار معيتيقة، وكافة الطرق في العاصمة والمؤدية إليها، والامتناع عن اتخاذ أي إجراء قد يفضي إلى مواجهات مسلحة، بما في ذلك جميع تحركات القوات، أو إعادة تزويدها بالذخائر، أو أي أعمال أخرى قد ينظر إليها على أنها مثيرة للتوتر، وضمان احترام الاتفاق من جميع المجموعات المنضوية تحت إمرة الأطراف الموقعة عليه.لكن مراقبين استبعدوا أن يتم الالتزام بهذا الاتفاق على المدى الطويل، لتضارب مصالح واختلاف ولاءات وانتماءات الميليشيات في طرابلس.وتداولت وسائل إعلام محلية ليبية، بياناً منسوباً للمكتب الإعلامي للواء السابع؛ أحد الأطراف الرئيسية في القتال الحالي بطرابلس، وأحد الموقعين على الاتفاق، يؤكد فيه الالتزام بتنفيذه، وتعمد البيان إبراز البند المتعلق ب«خروج الميليشيات من العاصمة». إلا أن مسودة الاتفاق الأممي، التي وقعت عليها الأطراف، لم تنص على بند يشترط «خروج الميليشيات من العاصمة».وأبدى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ترحيبه بجهود المبعوث الأممي سلامة، والتي أفضت إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في طرابلس وضواحيها، مشدداً على ضرورة الامتثال الكامل للترتيبات التي تم التوافق عليها.ورحبت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا باتفاق وقف إطلاق النار في العاصمة الليبية. وقالت هذه الدول في بيان مشترك: «نؤكد مجدداً دعمنا القوي للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، في عمله على تحقيق وقف فوري ودائم للأعمال القتالية في طرابلس».وفي جنيف، دعت المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين، الأطراف المشاركة في المعارك إلى عدم التعرض للمدنيين والبنى التحتية المدنية.وقال مسؤول أمني ليبي، إن السلطات تعتزم نقل مئات المهاجرين الأفارقة إلى مركز احتجاز على طريق المطار، بعد أن فروا إلى أرض زراعية جنوب غربي العاصمة طرابلس، صباح الثلاثاء، مع تصاعد الاشتباكات بين فصائل متنافسة على مقربة منهم. (وكالات)
مشاركة :