كشفت فورين بوليسي، حقيقة أن دور وزير الخارجية الإيراني الحالي محمد جواد ظريف تضاءل خلال السنوات القليلة الماضية في الشؤون الإقليمية الإيرانية، ليحل محله شخصية أخرى كانت في الظلال لفترة طويلة. محمد جواد ظريف عمِل وزيرًا لخارجية إيران طيلة السنوات الخمس الماضية، وخلال هذه الفترة أصبح وجهًا مألوفًا لدى الغرب وكسب سمعة كواحد من الأشخاص الرئيسين الذين يمكن التحدث معهم لحل أي خلاف مع طهران. ما ساعد ظريف في اكتساب مكانته هذه هو تخرجه في كلية دراسات عليا في ولاية كولورادو وإتقانه اللغة الإنجليزية بطلاقة أثناء ذلك، بالإضافة إلى أنه يشتهر بكونه إحدى الشخصيات القيادية في معسكر الإصلاحيين في إيران.وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال اجتماع في موسكو يوم 28 أبريل نيسان 2018. تصوير: ريجوري دوكور – رويترز. وبالرغم من أنه استمر في جولاته للغرب، إلا أنه قد حلت محله شخصية أكثر هدوءًا وأكثر تأثيرًا في حقائب السياسة الإقليمية الأكثر أهمية بالنسبة لطهران، والتي تشمل وجود إيران في العراق وسوريا واليمن، هو علي أكبر ولايتي مستشار السياسة الخارجية للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي منذ فترة طويلة. أنه يجدر بأي شخص مهتم بفهم إستراتيجية السياسة الخارجية لإيران أن يدرس ما يقوله ولايتي داخل إيران وأثناء رحلاته المتكررة في المنطقة، وسيكون التحدي الحاسم بالنسبة للغرب هو فهم نظرة ولايتي المحافظة للعالم والمميزة عن براغماتية ظريف والعداء الأيديولوجي للمتشددين الإيرانيين. وفي حين أنه غير معروف نسبيًا في الخارج بحسب ما ذكرته الصحيفة، إلا أن ولايتي كان لاعبًا أساسيًا في السياسة الإيرانية التي أعقبت الثورة. وتمامًا مثل ظريف، التحق ولايتي بجامعة في الولايات المتحدة حيث درس الطب في جامعة جونز هوبكنز في الستينيات. وعلى عكس ظريف رفض في الغالب العادات والتقاليد الثقافية الأمريكية بدلاً من تقبلها. بعد الإطاحة بالشاه انضم ولايتي على الفور للحكومة، وأصبح في نهاية المطاف وزير الخارجية الأطول خدمة في الجمهورية الإسلامية إذ شغل المنصب لمدة 16 سنة ابتداء من عام 1981. وانتهت فترة ولايته في عام 1997، عندما فاز الإصلاحي محمد خاتمي الذي أراد تعميق العلاقات مع الغرب بالانتخابات الرئاسية في ذلك العام، ثم عيَّنه خامنئي مستشارًا شخصيًا له في الشؤون الدولية.الرئيس الإيراني حسن روحاني في مؤتمر صحفي في فيينا يوم الرابع من يوليو تموز 2018. تصوير: ليسي نيسنر – رويترز. ويلاتي تخلى عن دوره كمستشار في عام 2013 للترشح للرئاسة. وخلال هذا السباق ظهرت ملامح معالمه السياسية للمرة الأولى في الرأي العام، إذ كان ولايتي في الأصل جزءًا من ائتلاف فضفاض من المرشحين المحافظين المعارضين للمعتدل حسن روحاني والإصلاحي محمد رضا عارف. سرعان ما أصبح ولايتي هدفًا لغضب ائتلافه خلال مسار الحملة، بحسب ما أكدته فورين بوليسي، إذ هاجمه منافساه المحافظان سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف لدوره قبل عقد من الزمن في السعي لمحادثات نووية مع الغرب وربطا سجله السابق في السياسة الخارجية بروحاني. وهكذا أصبح ولايتي وروحاني حليفَي مصلحة، إذ أصبحا يدافعان عن بعضهما ضد المتشددين الذين عارضوا أي محادثات مع الغرب على الإطلاق. وفي نهاية المطاف تراجع ولايتي عن وعده بالانسحاب لصالح المرشح القيادي في الائتلاف المحافظ، قاليباف؛ ما أدّى إلى انقسام الأصوات المحافظة لصالح روحاني. بعد انتصار روحاني في عام 2013، نبذ المتشددون ولايتي ووصفوه بأنه خائن، ودعمه على نحو متزايد الإصلاحيون والمعتدلون. وفي وقت لاحق من ذلك العام، عيّن الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني ولايتي رئيسًا لـ”مركز الأبحاث الإستراتيجية” الرائد في إيران. ومن هذا المنصب، دافع ولايتي بشكل بارز عن مفاوضات ظريف المباشرة مع الولايات المتحدة. موقف ولايتي تبدّل مرة أخرى في السنوات الأخيرة. ففي أعقاب وفاة رفسنجاني في عام 2017، تم اختيار ولايتي ليحل محله كرئيس مجلس أمناء جامعة آزاد الإسلامية وهي أكبر مؤسسة أكاديمية في البلاد وملاذ تقليدي للإصلاحيين. وقام ولايتي على الفور بتنفيذ عملية تطهير وصرف معظم مسؤولي الجامعة الذين كانوا موالين لرفسنجاني. ثم طرد قائمة طويلة من الأساتذة الإصلاحيين، على الرغم من الاحتجاجات العامة المتزايدة. موقف ولايتي من الصفقة النووية مع الغرب -المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة- تغيّر بعد انتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة، فبدأ بمقارنتها مع معاهدتين شهيرتين في القرن التاسع عشر أجبرتا إيران على التخلي عن السيطرة على المناطق التي تضم داغستان الحديثة وشرقي جورجيا وأذربيجان وأرمينيا. وصرح ويلاتي في الـ 31 من مايو/أيار أن “المشكلة الأخرى في خطة العمل الشاملة المشتركة تتمثل في عدم وجود نسخة فارسية من الاتفاق؛ ما يجعل المرء يشعر بالاستخفاف. فحتى معاهدات كلستان وتركمان شاي ذات المحتوى المهين كانت لها نسخ باللغة الفارسية”. وخلال الخطاب نفسه، أعاد ولايتي تأكيد شعارات المتشدّدين المناهضة للصفقة، بينما انتقد استعداد روحاني للتفاوض من موقف ضعف وسط العقوبات الدولية قائلاً: “فيما يتعلق بخطة العمل الشاملة المشتركة، قاموا بتقييد “توفير” المياه والخبز للناس بـخطة العمل الشاملة المشتركة وأغلقوا البلاد. لقد حقنوا الإحباط واليأس في المجتمع وأخبروهم أنه يجب علينا التفاوض لحل المشاكل إذا كان طموح ولايتي هو العودة إلى رحاب المحافظين والمتشددين، فقد نجح.
مشاركة :