كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الحكومة الإسرائيلية سلّحت وموّلت على الأقل 12 جماعة مسلحة معارضة للحكومة السورية في جنوب البلاد، والتي ساعدت بدورها في منع المقاتلين المدعومين من إيران وعناصر تنظيم "داعش" من السيطرة على مواقع قريبة من الحدود مع إسرائيل خلال السنوات الأخيرة. وفي تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، اليوم الخميس، نقلت المجلة عن أكثر من 20 عضوا بتلك الجماعات، بينهم قادة، أن المساعدات العسكرية الإسرائيلية لهم، والتي بدأت في 2013 وتوقفت في يوليو الماضي، تضمنت بنادق هجومية ومدافع رشاشة ومنصات إطلاق لقذائف الهاون ومركبات لنقل المقاتلين، مشيرين إلى أن وكالات أمنية إسرائيلية كانت ترسل تلك الأسلحة عبر 3 معابر تربط سوريا بالجولان المحتل، وهي المعابر نفسها التي تقول إسرائيل إنها استخدمتها لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في الجنوب السوري. ونقل التقرير عن المتمردين أنفسهم وصحفيين محليين أن إسرائيل دفعت أيضا رواتب للمقاتلين المتمردين، حيث كان كل مقاتل بتقاضي حوالي 75 دولار شهريا، كما قدمت تل أبيب تمويلا إضافية لتلك الجماعات لشراء الأسلحة من السوق السوداء في سوريا. وقالت المجلة إن المدفوعات، بالإضافة إلى الخدمات التي حصلت إسرائيل عليها في المقابل، نمّت لدى المقاتلين اعتقادا بأن إسرائيل ستتدخل لحمايتهم إذا حاولت القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد التقدم نحو الجنوب السوري على غرار ما حدث بالفعل خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما جعل المتمردين يشعرون بـ"خيانة" مع عدم تدخل إسرائيل مع تقدم القوات النظامية مدعومة بالطيران الروسي، هذا الصيف. وقال عضو بـ"لواء فرسان الجولان"، وهي إحدى الجماعات التي دعمتها إسرائيل: "هذا درس لن ننساه عن إسرائيل. إنها لا تهتم بالناس.. لا تهتم بالإنسانية. كل ما تهتم به هو مصالحها". وكانت تقارير إعلامية سابقة قد تحدثت عن دعم إسرائيلي، حاولت الإسرائيليون إخفاءه، لبعض جماعات المعارضة المسلحة في سوريا بأشكال عدة، لكن التقرير الأخير يمثل الرواية الأكثر تفصيلا لملف التمويل الإسرائيلي للجماعات المسلحة في الجنوب السوري، لا سيما مع العدد الكبير نسبيا للجماعات والألوية التي شملها التمويل والتي تضم الآلاف من المقاتلين، وفقا لـ"فورين بوليسي". وتتخوف إسرائيل من النفوذ الكبير الذي تتمتع به إيران في سوريا، لا سيما في الجنوب، إذ تخشى تحوُّل تركيز القوى العسكرية التي حشدتها إيران في سوريا صوب إسرائيل بعد استقرار وضع الرئيس السوري بشار الأسد. ويؤكد المسئولون الإسرائيليون بشكل متكرر أن توسع النفوذ الإيراني في سوريا هو التهديد الأول في الوقت الحالي لأمن إسرائيل، الأمر الذي دفعها إلى استهداف مقاتلين وقطع عسكرية إيرانية داخل الأراضي السورية في الفترة الأخيرة.
مشاركة :