المدافعون عن التجارة الحرة يستلهمون أفكار ومبادئ الاقتصادي السياسي سميث في القرن الثامن عشر للتذكير بها في عالم الرئيس الأميركي دونالد ترامب. عُرف عن أبي الاقتصاد الحديث «آدم سميث» تبنيه فكرة الأسواق الحرة، لكن مع وجود دور للحكومات في الاقتصاد العالمي من خلال مبدأ «دعه يعمل دعه يمر»، وتساءل تقرير «وول ستريت جورنال»: «ما رأي «سميث» في الرسوم الجمركية المقدرة بعشرات مليارات الدولارات التي فرضتها الولايات المتحدة والصين؟ لا تزال تلوح في الأفق المزيد من الرسوم الجمركية المتبادلة بين واشنطن وبكين وسط ترجيحات بنشوب أول حرب تجارية تريليونية في العالم. «دونالد ترامب» في مواجهة «آدم سميث» - المدافعون عن التجارة الحرة يستلهمون أفكار ومبادئ الاقتصادي السياسي سميث في القرن الثامن عشر للتذكير بها في عالم الرئيس الأميركي دونالد ترامب. - يطيح البيت الأبيض بمبادئ مؤلف كتاب «ثروات الأمم» فيما يتعلق بالتجارة الحرة، إذ إن سميث من أكثر معارضي تدخل الدول في الاقتصادات بشكل فاعل – لا مجرد منظم – مشيراً إلى أن ذلك يعود بالمنفعة ليس فقط لتحرير التجارة بل أيضاً بالقدرة على تحقيق تعاون الدول معاً. - في الواقع، تعد آراء سميث أكثر دهاء مما يظن الكثيرون كما أنها متسعة النطاق فضلاً عن أنه أكثر الاقتصاديين تأثيراً في عالمنا الحديث بأفكاره التي شكلت العديد من المجالات على مدار القرنين الماضيين ليس فقط في الاقتصاد بل في الفلسفة والسياسة وعلم النفس الاجتماعي. - استلهم البعض رؤية سميث عن «التخصص» المدفوع بغريزة البشر في خلق أنشطة مقايضة وتبادل لتكون نتيجة ذلك معجزة بالفعل وهي: «اقتصاد ضخم منسق لا يوجد فيه أي مخطط مركزي ولا توجهه أي منظمات أو مؤسسات أنشأه الناس للبيع والشراء داخله بشكل حر». - مع ذلك، فإن أفكار سميث عن الأسواق الحرة تختلف تماماً عما يواجهه العالم اليوم من إجراءات حمائية وتشديد في حركة التجارة إذ يرى أن الأسواق ليست بنية رياضية مجردة، بل إنها مؤسسات ديناميكية متطورة تشكلت بطرق مختلفة وفي أحوال وقوانين وبحكومات متنوعة. - هذه الفكرة هي التي ربطت كتاب «ثروات الأمم» عام 1776 بأول كتاب أصدره سميث وهو «نظرية المشاعر الأخلاقية» عام 1759 الذي كان بمنزلة تحقيق رائد في علم النفس الاجتماعي وأصول القيم الأخلاقية. - بالنسبة لسميث، نشأت الأسواق عن طريق الطبيعة البشرية بوسائل ينتج عنها قيم خاص وعامة. - ما يهم سميث ليس وضع قوانين لنشوء أسواق حرة بل ما يعنيه خلق أسواق تنافسية، فالتنافسية هي التي ينتج عنها القيمة الاقتصادية. تدخل حكومي؟ - رأى سميث وجود تدخل حكومي في مبدئه «دعه يعمل دعه يمر»، لكن دون أي تقليل فاعل من التنافسية في الأسواق، إذ أفاد بأن الحكومات يمكنها وضع قوانين تنظيمية شريطة عدم كبح الثقة وعدم التأثير في آلية السوق، ولسوء الحظ، تنصت بعض الحكومات للجزء الأول فقط وتتجاهل النقطة الأخيرة. - في القرن الثامن عشر، كانت الأسواق في الغرب تتحكم فيها السلطات التنظيمية في الدول والكنائس والنقابات والغيرة التي تعزز مزايا بعض الدخلاء لدى حكومات. - لا عجب من وصف سميث كتاب «ثروات الأمم» بأنه بمنزلة هجوم ونقد لاذع للمنظومة التجارية لبريطانيا العظمى في ذلك الوقت، إذ إن أي تحرير للسوق حينها كان سيهدف على الأرجح إلى زيادة الرخاء والمساواة. - لا يتبنى سميث مبدأ «دعه يعمل دعه يمر» بشكل مطلق، لكن من خلال سلسلة تدخلات حكومية تكمن في ضريبة قيمة أو إجراءات تنظيمية للبنوك وأسعار الصرف، إذ يرى أن الحكومة ضامن أساسي لشرعية وعدالة منظومة السوق. - انتقلت هذه المبادئ من الأسواق المحلية في الغرب إلى الساحة العالمية، إذ رأى «سميث» أن هذه الأفكار ستصب حتماً في مصلحة التجارة الحرة على مستوى العالم، وعارض عموماً الاحتكار واستغلال المستعمرات البريطانية. - توقع أبو الاقتصاد الحديث أن الدول سوف تسعى دائماً إلى الهيمنة على بعضها بعضاً، بالتالي، هناك أهمية لوضع قوانين دولية تحافظ على الانضباط التجاري مستقراً. - اعترف سميث بأنه في بعض الأوقات، ستضطر دول لفرض رسوم جمركية وإجراءات حمائية انتقامية حتى لو تسبب ذلك في زيادة أسعار السلع محلياً، وقلل من التنافسية، وأيد بالفعل قوانين أتاحت لبريطانيا استغلال نفوذها البحري للسيطرة على التجارة والمستعمرات.
مشاركة :