شراكة قطريّة ألمانيّة متعددة الأبعاد والدلالات

  • 9/8/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم / رئيس التحرير - صالح بن عفصان العفصان الكواري : اكتسبت زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى والترحيب الواسع الذي حظيت به من جميع الأوساط السياسية والاقتصادية والثقافية، وافتتاح سموه لمنتدى قطر - ألمانيا للأعمال والاستثمار، ومباحثاته مع الرئيس الألماني والمستشارة إنجيلا ميركل، وعدد من المسؤولين الألمان، والاتفاقيّات التي وقعها الجانبان، أهميّة قصوى في ظل ما تشهده العلاقات المتقدمّة والعميقة بين البلدين من تطور ملحوظ ومتسارع، ورغبة مشتركة لتمتينها وتوثيقها، في ظل المتغيّرات والأزمات الإقليميّة والعالميّة التي تشهدها العديد من الساحات، وبالأخص السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة منها. وقد انطوت الكلمة التي ألقاها حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى في الجلسة الافتتاحيّة لمنتدى قطر - ألمانيا للأعمال والاستثمار، على دلالات ورسائل عميقة تؤكد في مجملها متانة وعمق وتميّز العلاقات القطرية الألمانيّة علَى كافَّة المستويات، واعتزاز قطر بها، ما جعل برلين شَريكاً استراتيجياً للدوحة، إضافة إلى الثقة العالية التي تحظى بها قطر لدى شركائها في العالم، ونجاعة سياستها ورؤيتها فيما يتعلق بحل الأزمة الخليجية عبر الحوار المفضي إلى استقرار وأمن المنطقة، وكذا قوة الاقتصاد القطري، رغم الأزمات الماليّة والاقتصاديّة التي عصفت ولا تزال بالمنطقة والعالم، وحرص قطر على الوفاء بالتزاماتها لشركائها وأصدقائها، مهما كانت التحديات، بما في ذلك دول الحصار المأزومة نفسها، ونجاح الاستثمارات القطريّة في ألمانيا، وثقة سموه وقطر بقوة الاقتصاد الألماني، وأهَميّة الاستثمار فيه، وبالتالي إعلان سموه «حفظه الله ورعاه» ضخ استثمارات بقيمة 10 مليارات يورو في الاقتصاد الألماني على مدى السنوات الخمس المقبلة. ولم ينسَ سمو أمير البلاد المفدى موقف ألمانيا الأخلاقي من الأزمة الخليجية حين قال في كلمته «لابد من الإشارة هنا إلى أنني وأبناء شعبي ما زلنا نتذكر بكثير من التقدير والاحترام، الموقف الأخلاقي الذي عبّرت عنه جمهورية ألمانيا الاتحادية برفضها الإجراءات غير القانونية التي فرضت على دولة قطر من قبل بعض جيرانها السنة الماضية وما زالت مستمرة». نعم إنه تقدير عالٍ من القائد والشعب للموقف الألماني القوي والواضح المؤيّد لقطر في الأزمة الخليجيّة والرافض لحصارها، وضرورة حلها سلمياً، وتجنب تصعيدها، وعدم العبث بأمن المنطقة، وهو الموقف الألماني الراهن الثابت والقوي، والذي عبّر عنه في حينه عند بداية افتعال الأزمة وزير الخارجيّة الألماني السابق زيغمار غبريال، حين شدد على أن المطالب التي قدمتها دول الحصار لقطر «مستفزة» جداً وتمسّ في جانب منها السيادة، واصفاً تصرفات دول الحصار وبالأخص السعودية منها بالمغامرة والصبيانية. وعلى هذا النحو جاءت كذلك كلمة المستشارة الألمانية الدكتورة إنجيلا ميركل، مؤكدة أهمية التوصل إلى حل سلميّ ينهي الأزمة الخليجية، ودعم الوساطة الكويتية بشأنها، وتنبيهها إلى أن منطقة الخليج في حاجة إلى بنية أمنية، ما يعني رباطاً أمنياً وثيقاً يمنع تكرار الأزمات والتوترات بشكل نهائي، بعد التوصل إلى حلول مقبولة لها من جميع الأطراف. كما تطابقت رؤية المستشارة مع ما ذكره صاحب السمو في كلمته من تميّز العلاقات القطرية الألمانية، وتطلع الجانبين لدفعها خطوات أوسع وأسرع في المرحلة القادمة، عبر اتفاقيات واستثمارات منفردة أو مشتركة في كلا البلدين، تعزيزاً للشراكة الإستراتيجية بينهما في كافة المجالات، علاوة على تقدير وإشادة ميركل بالنمو المتسارع في عجلة الاقتصاد القطري، والثقة فيه رغم التحديات والظروف التي تمر بها المنطقة والعالم. ما من شك إنه منتدى مثمر ومتميز، وزيارة مباركة ناجحة، تشابك فيها الاقتصاد والسياسة، في ظل تطور وتيرة علاقات الصداقة القطرية الألمانية، والتي بلا شك لن تبقى كما كانت عليه قبل هذه الزيارة السامية، بل ستتوسع أكثر فأكثر إلى مرحلة الشراكة الإستراتيجية العميقة على المستوى الرسمي أو على مستوى قطاع الأعمال والاستثمار، مع التطلع الكبير بتفعيل دور القطاع الخاص في البلدين، لا سيما بعد تأسيس مجلس الأعمال القطري الألماني. يمكن القول وبكل ثقة، إن دولة قطر وجمهورية ألمانيا الاتحادية، بلدان لهما تأثيرهما القوي على الساحتين الإقليميّة والدوليّة، وإسهامات بالغة الأهمية في جهود إحلال الأمن والسلم الدوليين، فضلاً عن روابط وعلاقات سياسية واقتصادية وثقافية وإنسانية وحضاريّة، تاريخيّة ممتدة الجذور، قائمة على التفاهم المشترك والتعاون المتبادل واحترام خيارات الغير، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وفي هذا الإطار جاءت زيارة صاحب السمو الأمير المفدى، لجمهورية ألمانيا الاتحادية بكل ما صاحبها من مباحثات ولقاءات وفعاليات اقتصاديّة، محطة مهمة ومضيئة في مسيرة العلاقات بين الدوحة وبرلين، ما يؤكد حرص وسعي البلدين الحثيث، لتعزيز القواسم المشتركة في شتى محاورها وملفاتها. وبالطبع سيكون لهذه الزيارة السامية ونتائجها المثمرة والمبشرة ما بعدها، وسيعقبها بكل تأكيد متابعة وخطوات عديدة لتنفيذ ما أسفرت عنه، في جوانبها السياسيّة والاقتصاديّة والاستثماريّة والتجاريّة والثقافيّة، وغيرها من فرص تعاونية أخرى جديدة، وبالتالي تحقيق قفزات نوعية وإستراتيجيّة في هذه المجالات الحيوية والملفات ذات الاهتمام المشترك على كافة الصعد والمستويات، ما يجعل علاقات الصداقة القطرية الألمانية نموذجاً حياً للتعاون الثنائي بين الدول.     editor@raya.com

مشاركة :