أوضح إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ د. عبدالرحمن السديس أن مما يثير الأسى أن نرى أقواما من أبناء الأمة قذفوا بأنفسهم في مراجِلِ الفِتنِ العمياء، والمعامع الهوجاء، في بُعدٍ واضح عن الاعتدال والوسطية، وهذا تفريط وجفاء، وتنكُر واضح لسبيل الحُنفاء الأتقياء، وإن تنكُر هذه الفئام لمبادئ دينهم ولهفهم وراء شعاراتٍ مصطنعة، ونداءات خادعة، لهو الأرضية المُمهِدة للعدو المتربِص، وأمثال هؤلاء جرؤوا الخصوم الألِداء على العبث بمقدسات الأمة، وممارسة الإرهاب المتتابع ضد إخواننا في الأرض المباركة فلسطين، تحت سمع العالم وبصره.وقال في خطبة الجمعة أمس: إننا في ختام عام منصرم وآخر مستشرف لنجدد الثقة التي استقرت في السويداء وحُقت، وانداحت في الروح وترقت، بل ونستأنس بها في هذا العالم المضطرب، ثِقة وثِيقة، وبيعة صادقة مخلصة لولاة أمرنا وقادتنا، وأئمتنا وعلمائنا، ولنكون لهم سندا وظهيرا في مواجهة الفتن والتحديات، ودرء الشبهات ودحر الشهوات، في عالم يموج بالمتغيرات، وفي الوقت الذي تُشن فيه الحملات على أجيالنا لِتفُت في هِممِهِم، يجدر بنا أن نُجدِد الثقة في نفوسِ أبنائنا وشبابنا، وطلابنا وفتياتنا هذه الأيام، وهم يتوجهون إلى صروح العلوم والمعارف، للنهل من معِينِ العِلمِ والمعرفة في بداية عامٍ دراسي حافل بالمعطيات والمنجزات، فطلابنا سواعد أوطاننا، وركائز نهضتنا، وهم الأمل بعد الله في مستقبل البلاد الواعدة، مما يؤكد مسؤولية المعلمين وأولياء أمور الطلاب والطالبات، والعناية بالمناهج والمباهج التربوية، والتحصين العقدي والفكري والأخلاقي، فتجديد الثقة عامل من أهم عوامل بناء الشخصية السوية، ومعدوم الثِقة لا تراه إلا مُضطرِبا، مُنهزِما، مُحتارا، مُتردِدا، وصاحبُ الثِقة يتسِم بالرسوخ والثبات، لا ترُدُه عن المُضِي في أداء رسالته في خدمة دينه وولاة أمره ووطنه، نفثاتُ حاقدٍ، ولا نقدُ حاسِدٍ، ولا تغريداتُ مأزُومٍ، ولا نعِيقُ مهزوم.وقال د. السديس: «ألا ما أحوج الأمة في ختام عامها إلى تجديدِ الثِقةِ بربها سبحانه أولا، ثم بأنفسها وطاقات أبنائها، في مُنازلة الأفكارِ المتطرفةِ، ومكافحةِ فُلول الغُلُوِ والإرهاب، ودُعاةِ التحرر، والإقصاء والكراهية، والظلم والتسلط والقهر، والهيمنة والتعالي، والانهزامية والانحلال، والمتنكرين لدينهم وهُوِيتِهِم، والخائنين لأوطانهم، والخارجين على ولاة أمرهم، وتعزيزِ قِيمِ التسامح والحوار، والاعتدالِ والولاءِ والانتماء، مُتسلِحِين بالاعتصام بالكتاب والسنة، والسير على منهج سلفِ الأمة، مستثمرين مُقدراتِ العصر ومعطياته ومكتسباته، في جمعِ الكلِمةِ ووحدة الصف، ونبذ الفُرقة والخلاف، ونشر رسالة الإسلام الوسطِي المعتدل، وتقوية الوحدة الدينية، واللُحمة الوطنية، جمعا بين الأصالة والمعاصرة لتحقيق سعادة الدنيا والآخرة».
مشاركة :