لم تكن الاحتجاجات العراقية في محافظة البصرة في مجملها سوى رسائل شديدة اللهجة ضد التدخل الإيراني السافر في العراق، إذ بدا العراقيون وقد ضاقوا ذرعًا بما تتعرض له بلادهم جراء مخططات التقسيم على أساس مذهبي، وسلب مقدراتها. وتوجّهت التظاهرات، اليوم الجمعة، نحو القنصلية الإيرانية في البصرة التي باتت هدفًا للمتظاهرين حيث اقتحموها وأشعلوا النار فيها، لتدعو طهران على إثر ذلك إلى مغادرة رعاياها على وجه السرعة، بينما أطلقت ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لها النار صوب المتظاهرين السلميين، في خطوة ترجمت دعوة الرعايا إلى المغادرة. الهتافات المناهضة للتواجد الإيراني في بلاد الرافدين علت واضحة بين المتظاهرين إذ رددوا عبارات "إيران بره" و"أحرقوا العلم الإيراني"، وهي النداءات التي عكست ملل العراقيين لسنوات من محاولات الهيمنة وفرض سطوة نظام الخميني على شعبهم. أمام مقر الحشد الشعبي في البصرة، فكان له نصيب مماثل من هجوم المتظاهرين الذين أحرقوه، تزامنًا مع حرق مقر لحركة البشائر التي تتبع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، وكلها أسماء تتعدد وتجتمع على عصبية واحدة وهي الموالاة لإيران وتنفيذ أهدافها ضد الأمن القومي العربي. وخلال الاحتجاجات أطلقت ميليشيا ما يسمى "عصائب أهل الحق" النار على المتظاهرين، لتردي أحدهم قتيلًا وتصيب آخر، ما اتّجه بالاحتجاجات إلى مزيد من التصعيد، خاصة وأن اتهامات سابقة كان محتجون قد اتهموا تلك الميليشيات بها مؤكدين أنها للأحزاب الموالية لإيران وترتدي زي عسكري، وتطلق الرصاص والقنابل عليهم. وبقي الآن أن يدعم الشعب العراقي مطالبه محافظًا على استقلالية قراره وإدارته لتكون من بغداد وحدها دون تأثر بإملاءات طالما أثرت على البلاد والعباد، وذلك لاستعادة دولته قبل أن تتجه بها التدخلات إلى مزيد من المجهول.
مشاركة :