ساد هدوء مشوب بالحذر محافظة البصرة، أمس، غداة يوم دام اقتحم فيه المحتجون القنصلية الإيرانية في المدينة وأضرموا النار فيها. وأعلنت وزارة الصحة في بيان أن الحصيلة النهائية لأحداث أول من أمس بلغت 7 قتلى و50 جريحا، ضمنهم عنصران أمنيان، فيما أعلنت دائرة الطب العدلي في البصرة عن تسلمها جثامين 4 شباب قضوا رميا بالرصاص.وفي حين اختار المحتجون التزام الهدوء، أمس، بادر رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى إجراء تغييرات في قيادة الجيش والشرطة في المحافظة. ونقلت شبكة «رووداو» عن مصدر من وزارة الدفاع العراقية أن العبادي عيّن الفريق الركن رشيد فليح، قائداً لـ«عمليات البصرة» (الجيش)، بدلاً من الفريق الركن جميل الشمري، واللواء الركن جعفر صدام، مديراً عاماً للشرطة في المحافظة، بدلاً من اللواء جاسم السعدي.وفي وقت سابق أمس، قال مكتب العبادي، في بيان، إن رئيس الوزراء أحال وحدات أمنية مسؤولة عن حماية القنصلية الإيرانية ومؤسسات بالبصرة إلى التحقيق؛ لـ«عدم قيامها بواجباتها»، على خلفية تعرض تلك المقار للحرق والاعتداء من قبل محتجين، في اليومين الماضيين.وبعد ساعات من رفع حظر تجول فرض في البصرة أول من أمس، أعلنت قيادة عمليات البصرة عن إعادة فرضه في عموم المحافظة من الساعة الرابعة من عصر أمس وحتى إشعار آخر. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر أمنية أن قوات من الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية تم نشرها في الشوارع الرئيسية، وبالقرب من الأبنية الحكومية لبسط الأمن والاستقرار.وبدا أن حملة التشكيك الواسعة التي تعرضت لها المظاهرات المطلبية واتهامات طالتها من قبل جماعات المصالح التي تضررت في البصرة، إضافة إلى قيام بعض الشباب المتحمسين بتصرفات خارجة عن أهداف المظاهرات والخشية من انفلات الأوضاع، كل هذه العوامل دفعت إحدى اللجان التنسيقية للمظاهرات إلى إصدار بيان أعلنت فيه عدم الخروج في مظاهرات أمس وبينت فيه الأسباب التي دعتها لذلك. وقال بيان «التنسيقية»، إنه نظرا «لاتهام المتظاهرين الشرفاء بأنهم (بعثية) ومخربون وذلك لقيام بعض المتظاهرين المندفعين بحرق مقرات وأماكن لا تمت للحكومة الفاسدة بصلة، وحتى نفوت الفرصة على بعض المندسين من ركوب موجة المتظاهرين الشرفاء ولكي نثبت للشارع البصري أننا متظاهرون سلميون مطالبون بحقوق جميع البصراويين، لذا تقرر وبالإجماع عدم النزول إلى الشارع يوم السبت المصادف 8/ 9/ 2018». وأشار البيان إلى أن الغاية من تعليق المظاهرات هي «الوقوف على الأخطاء التي حصلت أثناء المظاهرات والتي أدت إلى حرق ونهب مقرات ليس لها علاقة». لكن البيان لم يترك أمر إيقاف المظاهرات مفتوحا ولوح بـ«وقفة أخرى تقررها اللجنة التنسيقية» في وقت آخر.بدوره، أكد الناشط المدني البصري، نائل الزامل، توقف المظاهرات لإشعار آخر، وذكر أن ذلك يأتي من «أجل عدم إحراق البصرة واستثمارها من قبل المندسين وأصحاب المصالح المرتبطة بالميليشيات والأحزاب».ويقول الزامل لـ«الشرق الأوسط»: «المتظاهرون لا يريدون إيذاء محافظتهم، وانفلات الأمور لا يخدم هدفهم، الأحزاب بدأت بتصفية حساباتها بعضها مع بعض، لاحظ أنهم قاموا اليوم بقصف القنصلية الأميركية بأربعة صواريخ، في رد على ما يبدو على حرق القنصلية الإيرانية». ويعتقد الزامل أن «حرق القنصلية الإيرانية ومقرات الأحزاب والفصائل المسلحة تم بطريقة عفوية من شباب متحمسين بهدف لفت الانتباه لمطالبهم مع إصرار الحكومات على تجاهلها». ويؤكد أنه وبعد «عمليات الحرق التي طالت مقرات الفصائل والأحزاب، نشطت تلك الجهات وبدأت بالتشويش على المتظاهرين وحرق الممتلكات العامة والقيام بعمليات اغتيال لإفراغ المظاهرات من محتواها وتشويه سمعتها».من جهتها، أعلنت هيئة المنافذ الحدودية، أمس، عودة العمل بميناء أم قصر الشمالي بعد توقفه ليومين. وقالت الهيئة في بيان: «تم معاودة العمل في منفذ ميناء أم قصر الشمالي وبطاقته الطبيعية، وذلك بعد توقفه عن العمل وبشكل شبه كامل خلال اليومين الماضيين بسبب الاحتجاجات وما رافقتها من اضطرابات مما أدى إلى قطع الطرق المؤدية له».إلى ذلك، سقطت 4 قذائف أمس في باحة مطار البصرة الدولي بحسب ما قالت مصادر أمنية عراقية لوكالة الصحافة الفرنسة، فيما أكد موظفون أن حركة الطيران في المطار لم تتأثر. ولم يعرف مصدر أو نوع هذه القذائف التي تأتي فيما تشهد البصرة حركة احتجاج اجتماعية دامية منذ الثلاثاء الماضي أسفرت عن مقتل 12 متظاهرا على الأقل، بحسب ما أفاد مسؤولون. وتقع القنصلية الأميركية في البصرة داخل محيط المطار.
مشاركة :