... هكذا سَقَطَ العبادي على جدار القنصلية الإيرانية في البصرة

  • 9/10/2018
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

سَقَطَ مرشّح أميركا حيدر العبادي عن كرسي رئاسة الوزراء في العراق للدورة الثانية باحتراق القنصلية الإيرانية في مدينة البصرة الجنوبية حيث خرَج المتظاهرون عن السيطرة بعدما دُفعوا للتظاهر من أجل مطالب محقة تتعلّق بأبسط معايير العيش اليومي وذهب بعضهم لتنفيذ أجندة سياسية أبعدت حلفاء العبادي عنه للتنصل من المسؤولية. وهذا ما دفع قائد الكتلة الأكبر، السيد مقتدى الصدر، لإطلاق رصاصة الرحمة على رأس ترشيح العبادي لدورة ثانية كي لا يَظهر هو كجزءٍ من العداء لإيران وكجزءٍ من المحور الأميركي. وهذا ما حصل:بعدما انقسمت القوى السياسي الى قسمين (قسم تدفع به الى الأمام أميركا ويتمثل بمرشحها حيدر العبادي وقسم تدفع به إيران لتوحيد كل الكتل الشيعية والسنية تحت مظلة واحدة يتقدم هؤلاء فالح الفياض) وقعتْ أحداث البصرة التي أودت بحياة 16 شخصاً وتَسبّبت بإصابة 195 بجروح، خلال تظاهراتٍ طالب فيها السكان بمياه نظيفة وكهرباء وفرص عمل وبنية تحتية.وفي خضمّ أحداث البصرة بَرَزَ تيار شيعي يحرّكه بؤس الحياة ومعه تيارات أخرى أحرقت مباني تابعة لمركز المحافظة وأحد المستشفيات والمدرسة الإعدادية ومناطق نفطية لا علاقة لمطالب المتظاهرين بها.وقد حاول رئيس الوزراء تصريف الأعمال وتَدارُك الوضع ولكن من دون جدوى: فأَمَر بمنْع التجول ليلغي الأمر لاحقاً ويعيده مجدداً، وسط تَخبُّط في طريقة احتواء التظاهر وأعمال الشغب.فما كان من الصدر، وهو زعيم كتلة تتكوّن من 54 نائباً، إلا ان امتطى حصان التظاهر وحاول تبني مطالب الشعب، فعمدتْ مرجعية السيد علي السيستاني في النجف الى ايفاد السيد احمد الصافي لشراء مولدات تحلية وتنقية للمياه، وحاولت استيعاب الغضب بأعمال على الأرض لم تقم بها الحكومة نفسها.لكن أطرافاً عدة اندسّت بين المتظاهرين وحوّلت حركة هؤلاء في اتجاه المستشفى التابع للحشد الشعبي وإسعافاته الاثني عشر التي احترقت وسط البصرة. وحاول المتظاهرون خطْف بعض الجرحى الذين يتلقون العلاج من جراء قتال «داعش». ومن المعروف أن أكثر تعداد «الحشد» يتألف من الشباب الفقير في البصرة والعمارة والناصرية وكوت والجنوب العراقي. كما ذهب هؤلاء المندسون الى القنصلية الإيرانية وأحرقوها.وهنا وقع الفراق بين الصدر والعبادي. فمن المعلوم ان الصدر يحاول استغلال الظروف ليركب الحصان الرابح ويستفيد من الفرص المتوافرة. وهو لا يمانع ان يُظهِر العداء لتدخل إيران في العراق من دون أن يكون عدواً لإيران. وهذا ما يخطئ فيه الكثيرون بوضعهم الصدر في خانة اميركا. ويرفض مقتدى ان يَظهرعلى أنه يريد احراق الممثلية الديبلوماسية لبلد شقيق في البصرة. وقد علم ان «الحشد الشعبي» قد اتخذ قراراً بالتصدي لأي تَظاهُرٍ يَخرج عن حدود المطالب المحقة. ولهذا ما كان منه إلا ان تفادى الدخول في مواجهة مع «الحشد الشعبي» وترك الحصان الخاسر الأميركي وخصوصاً عند تسرب اخبار مؤكدة ان المحكمة الاتحادية ستعطي الكتلة الأكبر لفريق نوري المالكي - هادي العامري وحقّ انتخاب رئيس الوزراء ورئيس البرلمان ورئيس الجمهورية والنواب التابعين لهذه المناصب.وطالب مقتدى عبر نوابه باستقالة العبادي الذي عَرف في هذه اللحظة ان حظوظه بالرئاسة قد انتهتْ الى غير رجعة، وفَتَح التحالف المناوئ لأميركا الباب للسيد عمار الحكيم للعودة الى حضن التحالف الأكبر، وكذلك لحزب الدعوة وفريق العبادي ليبقى هؤلاء تحت مظلة واحدة تمكّنه، بالتضامن مع أحزاب السنّة (انضم فريق من السيد أسامة النجفي الى كتلة المالكي - العامري)، من تشكيل أكبر كتلة برلمانية. وبهذا سقط حق الأكراد (42 نائباً) بابتزاز الكتلة الأكبر لأن كتلة المالكي - العامري ستحظى بـ 165 نائباً وهو العدد المطلوب لتشكيل الحكومة واختيار الرؤساء.ويبقى على الأكراد الالتحاق بالكتلة الأكبر وإنزال سقف مطالبهم كي لا يبقى هؤلاء منعزلين خارج الحُكم.وهكذا سقط الفارس العبادي عن الحصان الأميركي وربحتْ إيران باحتراق قنصليتها في البصرة. ويبقى السؤال: كيف سينجح قائد العراق باستيعاب أميركا وجعْلها لا تصبّ جام غضبها على بلاد ما بين النهرين وتتقبل الخسارة وتسمح للعراق بالتعامل مع إيران؟

مشاركة :