يعتبر المعدل السنوي لهطول الأمطار في مملكة البحرين منخفضًا؛ إذ إنه يبلغ في المتوسط 78 ملم، في الوقت الذي يتزامن فيه الطلب المتزايد على المياه الجوفية مع التطور العمراني الذي تشهده المملكة والزيادة المطردة في عدد السكان وتغير نمط الحياة. وخلال العشرين سنة الماضية، تم نهج وسائل مختلفة لتنويع مصادر المياه وخاصة المياه المستخدمة في ري المزارع والمتنزهات العامة. حيث يتم استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في ريها لتقنين استخدام المياه الجوفية، فيجري استخدام كمية من إنتاج مياه الصرف الصحي المعالجة في عملية الريّ هذه. وفي ظل استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في كثير من المجالات الحيوية على المستوي الصناعي والزراعي، تدور الكثير من الأسئلة المتكررة من قبل الجمهور والمتخصصين على السواء، عن الأثر البيئي لاستخدام هذه المياه في مسألة الري، وهنا يبرز دور دراسة الأثر البيئي لتلك المياه. يأتي هذا النوع من الدراسات ضمن أولويات جامعة البحرين في خدمة المجتمع، ونشر المعلومة الصحيحة، وقطع الطريق على ترويج الشائعات وتناقل الأخبار غير المدققة والموثقة، لذا تم تشكيل فريق للتأكد من سلامة المياه المستخدمة في ري المزروعات وخلوها من الميكروبات المسببة للأمراض، وذلك بدعم من عمادة الدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة البحرين. تألف فريق البحث من كل من الدكتور علي بن ثاني، وعدد من طلبة قسم علوم الحياة في مقرر مشروع التخرج. واعتمدت الدراسة على فحص 12 عينة في الشهر من محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي على مدى ثلاثة أعوام 2014/2016 للتأكد من خلو تلك العينات من ميكروبات الـ«coliforms»؛ إذ يعد وجود هذه المجموعة من الميكروبات في مياه الصرف الصحي أحد المؤشرات الحيوية المستخدمة في قياس أعداد الميكروبات الممرضة، حيث تبين من بحوث سابقة أن المؤشر الحيوي يعطي دلالة على سلامة وجودة المياه المعالجة من ميكروبات السالمونيلا الممرضة. وميكروبات الـ«coliforms» هي التي تنتج عن المخلفات الآدمية والحيوانية، وتتسبب في العديد من الأمراض منها: التهابات القولون والأمعاء الدموية، والتهاب السحايا البكتيري. وقد اعتمدت الدراسة على طريقة (MPN) في فحص وإعداد العينات. وهي الطريقة التي تقوم على عزل الميكروبات عن أنواع خاصة من أطباق الاستزراع التي تساعد في النمو الاختياري لميكروبات الـ coliforms. وقياسا على نتائج دراسات علمية سابقة؛ فقد انتهت الدراسة الحالية إلى عدة نتائج من أبرزها: انخفاض الـ«coliforms»، ما يؤكد عدم وجود السالمونيلا الممرضة، وما يعني خلو المزروعات المحلية التي تتم سقايتها بمياه الصرف الصحي من الجراثيم الممرضة. الدراسة قارنت كذلك النتائج المستخلصة بدراسات سابقة للمياه المعالجة للأعوام 1993 و2005 من محطة توبلي قام بها مجموعة من الباحثين بجامعة البحرين منهم الدكتور هاشم السيد والأستاذ الدكتور عصام غانم، تبين خلالها انخفاض في عدد ميكروبات الـ«coliforms» خلال العشرين سنة الماضية. هذا الانخفاض في عددcoliforms يدل على تحسّن عمليات التعقيم والتخلص من الميكروبات الممرضة في محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي. * الأستاذ المساعد في قسم علوم الحياة كلية العلوم - جامعة البحرين
مشاركة :