خاض المنتخب الوطني الأول لكرة القدم مواجهتين وديتين أمام الفلبين والصين، خلال أيام الفيفا، وذلك في إطار استعداداته للمشاركة في منافسات كأس الأمم الآسيوية 2019 التي ستستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة مطلع العام المقبل. وقد خرج الأحمر بنتيجة التعادل الإيجابي 1-1 من مواجهة الفلبين التي أقيمت يوم الخميس الماضي على ستاد البحرين الوطني، قبل أن يتعادل سلبا مع الصين في المواجهة التي أقيمت يوم الاثنين (أمس الأول) على الملعب نفسه. المنتخب الوطني ظهر بأداء دون المتوسط في معظم فترات المباراة الأولى، لكن الأداء تحسّن في المواجهة الثانية بشكل ملحوظ، ويعود ذلك إلى الاختلاف في أسلوب اللعب، والاختلاف في التشكيلة التي بدأ فيها المدرب سكوب كلا المباراتين، وطريقة توظيف اللاعبين. سكوب نجح في كلا المباراتين في تطبيق التكتيك الدفاعي، ويُحسب له أنه حسّن من الشكل الدفاعي للمنتخب، ويتضح من الأسلوب الدفاعي أن هناك منهجا ومحاولة لبناء منظومة دفاعية تعمل بصفة تكاملية، بدلا من الاجتهادات التي يقوم بها اللاعبون، وهذه تعد واحدة من أبرز إيجابيات المدرب التشيكي، ويمكن القول إنها لمسته الأبرز على شكل المنتخب. وعلى عكس النجاح الدفاعي، كانت معاناة منتخبنا الوطني واضحة في الشق الهجومي، وتحديدا في عملية البناء، ففي المباراة الأولى حاول المدرب اختراق دفاعات الفلبين من العمق، لكنه افتقد للقدرة على بناء الهجمة وصناعة الفرص. أما المباراة الثانية، فقد انتهج المدرب نهجا هجوميا مغايرا، إذ حاول تفعيل الأطراف بشكل أكبر، وبناء الهجمة من الخلف، وفيها أظهر المنتخب درجة من الثقة في تناقل الكرة، ومحاولة البناء التي كانت تعتمد أيضا على تموقع لاعبي المحور وصانع اللعب، ولكن الأحمر لم يتمكن أيضا من ضرب دفاعات الصين وصناعة الفرص إلا في حالات نادرة لم يتم استغلالها. لقد تابعنا ورصدنا ردود الأفعال الجماهيرية والمتخصصة بعد كل مباراة، فوجدنا حالة من عدم الرضا على المنتخب الوطني أداءً ونتيجة، ونوعا من عدم القبول للمدرب التشيكي ميروسلاف سكوب، وربما تكون ردة الفعل هذه مبررة، ولكن لا بد أن نضع المدرب سكوب والمنتخب الوطني تحت المجهر؛ حتى نشكل صورة أوضح تساعدنا على الخروج بآراء أكثر دقة وموضوعية. المدرب سكوب قاد المنتخب في محطتين رئيستين، هما التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2019، ودورة كأس الخليج العربي 23 التي استضافتها الكويت، ولقد حقق نجاحا نسبيا في كلا المحطتين بعدما خطف إحدى بطاقات التأهل للمسابقة الآسيوية، وخرج من دور الأربعة في كأس الخليج. وبالعودة إلى التفاصيل، خاض سكوب 8 مباريات رسمية، انتصر في أربع، وتعادل في اثنتين، وخسر مثلهما، ففي التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الآسيوية، فاز على تايوان 5-0، قبل أن يتلقى أسوأ هزيمة له بهدفين مقابل هدف من أمام المنتخب التايواني نفسه، ويمكن عدّ تلك الهزيمة النقطة الأكثر سوادا في مسيرة سكوب، قبل أن ينتصر على سنغافورة بثلاثية نظيفة، وأخيرا على تركمانستان برباعية نظيفة. أما كأس الخليج، فقد استهلها بتعادل مقنع أمام العراق 1-1، ثم أتبعه بانتصار هزيل على اليمن 1-0، قبل أن يخطف بطاقة التأهل بتعادل مثير مع قطر 1-1، وأخيرا خرج من البطولة بهزيمة من منتخب عمان بهدف دون رد. إن هذه الإحصائيات تعبّر عن حقيقة المنتخب مع سكوب، وحينما نقول إنه حسّن من الجانب الدفاعي، فإن الأرقام تؤكد واقعه الفني، فالمنتخب لم يتلقَّ أي هزيمة رسمية بفارق هدفين، بل إنه لم يتلقَّ هدفين في مباراة واحدة سوى في مواجهة تايوان، مقابل شباك نظيفة في أربع مباريات، وشباك تلقت هدفًا واحدًا فقط في ثلاث مباريات. كل تلك المباريات تشير إلى جودة دفاعية، مقابل صعوبة هجومية أمام المنتخبات الجيدة، وبالتالي نستنتج أن المنتخب يحتاج إلى التركيز على تحسين نهجه الهجومي، خاصة في عملية بناء الهجمة وصناعة اللعب، ولدى المدرب سكوب قرابة أربعة أشهر قبل انطلاق كأس الأمم الآسيوية، من أجل العمل على ذلك. وتبقى الأسئلة المطروحة حول المنتخب: كيف سيعمل سكوب على تحسين وضعه الهجومي؟ وهل ستكون الاختيارات مفتوحة أمامه أم أنه سيتمسك بمجموعة معينة لا يخرج عنها؟ وهل سيحصل المدرب التشيكي على الدعم اللازم؟ وهل سنرى تمسّكا بالقناعات التي بدت كأنها لا تخدم المنتخب على صعيد النتائج في المشاركات الآنية، أم سيتم التخلي عنها لتحقيق أفضل ما يمكن من نتائج في المرحلة الحالية؟ كل هذه التساؤلات سيجيب عنها المدرب سكوب وفريق عمله من خلال ما سنراه في الفترة المقبلة.
مشاركة :