أكد وزير الخارجية سامح شكري أن القضية الفلسطينية تمر بمنعطف خطير، يهدد بتقويض حل الدولتين وتهديد أسس الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، في ظل استمرار الاحتلال وسياسة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة والاعتداء المتواصل على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وهو أمر لم يعد مقبولا الصمت حياله أو التجاوز عنه.وقال شكري، في كلمته الثلاثاء أمام الدورة العادية 150 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب برئاسة السودان، إن "مصر حذرت مرارا من التبعات الخطيرة لأي محاولة أحادية للمساس بالوضع القانوني للقدس على مسيرة السلام في الشرق الأوسط والأمن والاستقرار في المنطقة".وأكد شكري أن مصر ترفض بشكل قاطع ولا لبس فيه ما يسمى "بقانون القومية" الذي أقره الكنيست الإسرائيلي، وما ينطوي عليه من تكريس لمفاهيم الاحتلال والفصل العنصري، وإهدار لأسس العملية السلمية برمتها، وإجهاض لأي جهد لاستئناف المفاوضات.وأضاف "شكري" إن التسوية التي نريدها جميعا لا يمكن أن تتم إلا على أساس استعادة الشعب الفلسطيني لكافة حقوقه المشروعة والتاريخية وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.وشدد "شكري" على أن مصر ستدعم خيارات الشعب الفلسطيني بشكل كامل، كما ستواصل جهودها لدعم المصالحة الفلسطينية، وللمساعدة على التغلب على العقبات التي تواجهها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".وقال شكري "إن أمتنا العربية تواجه أزمات عصيبة تعصف بأكثر من قطر عربي، وأن النظام الإقليمي العربي يواجه تحديا وجوديا لم نعرف له مثيلا منذ تأسيسه قبل أكثر من سبعين عاما". وتساءل "شكري": كيف نرتقي جميعا إلى مستوى هذه المسئولية، وأن نستعيد زمام المبادرة لمواجهة هذه الأزمات، وتجنيب منطقتنا مخاطر الانهيار الداخلي، ومحاولات التدخل الخارجي في شئونها؟.وأشار إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها مصر في الفترة الأخيرة لاجتثاث الإرهاب، سواء من خلال المواجهة الميدانية التي تقوم بها "قواتنا الباسلة في إطار عملية "سيناء 2018"، أو من خلال المواجهة الفكرية والدبلوماسية الرامية لمحاربة الفكر الإرهابي المتطرف ومواجهة التنظيمات المتطرفة وكل من يدعمها ماليا أو لوجيستيا أو يوفر المنابر الإعلامية لبث الكراهية وخطاب التحريض .وقال "شكري":" لقد نفد الصبر حيال هذه الأطراف المصرة على الوقوف على الجانب الخاطئ من التاريخ، ولن تتسامح مصر مع كل من تورط في دعم الإرهاب أو التحريض أو التدخل في شئون الدول العربية بأي شكل من الأشكال" .وجدد وزير الخارجية شكره للدول العربية الشقيقة التي ساندت المساعي المصرية في المحافل الدولية والإقليمية لاستصدار قرارات تعزز من المنظومة الدولية لمكافحة الإرهاب، مؤكدا أهمية تفعيل التعاون بين الدول العربية، لوضع رؤية عربية موحدة ومتسقة لمكافحة الإرهاب، وتفعيل قرارات جامعة الدول العربية والقرارات الدولية ذات الصلة.وأكد شكري أنه لم يعد مقبولا أن يستمر نزيف الدم السوري، في ظل تعطل كامل لمسيرة الحل السياسي، ومحاولات مكثفة من أطراف إقليمية لاستغلال الأزمة الممتدة التي تعيشها سوريا الشقيقة، لإيجاد مواطئ أقدام لنفوذها وخدمة مصالحها الضيقة وأهدافها السياسية والطائفية . وقال شكري" إن علينا جميعا مسئولية تجاه أشقائنا السوريين الذين يتطلعون لموقف عربي قوي، يؤكد أن العرب لم يتخلوا عن سوريا، وليسوا على استعداد لتركها ساحة لتسوية صراعات إقليمية ودولية بالوكالة".وأضاف "شكري" ويجب علينا جميعا أن نوجه رسالة واضحة ولا لبس فيها إلى المبعوث الأممي بأن الوقت قد حان لإطلاق مسار لجنة صياغة الدستور بشكل فوري ودون إبطاء، كمقدمة لاستئناف المفاوضات السياسية على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254، مؤكدا أنه لم يعد مقبولا أن تستمر حالة المراوحة في المسار السياسي، وأن تتحول العملية السياسية في سوريا إلى رهينة في أيدي أطراف تستخدمها كورقة تفاوضية لخدمة مصالح وتسوية صراعات لا ناقة للشعب السوري فيها ولا جمل .وتابع "شكري" :" ينطبق نفس المنطق أيضا على الوضع في ليبيا، فلم يعد مقبولا أن تصبح ليبيا ساحة أخرى للتدخلات الخارجية، وبيئة حاضنة للمنظمات الإرهابية، مشيرا إلى أن المطلوب موقف عربي واضح، يؤكد التزام كل الدول العربية بالحفاظ على وحدة ليبيا واستقرارها وسلامة مؤسسات الدولة الوطنية فيها، ورفض كافة التدخلات الخارجية في الشأن الليبي.وأكد أن مصر مستمرة في جهودها لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، بوصفها الضمانة الأمنية الضرورية وحجر الزاوية الذي يمكن أن يدفع مسار الحل السياسي في ليبيا للأمام.وقال شكري " إنه قد آن الأوان لإنجاز كافة عناصر مبادرة الأمم المتحدة للحل في ليبيا، التي مر عام كامل على إطلاقها دون إحراز تقدم يذكر لتنفيذها، ولم يعد مقبولا أن تستمر معاناة أبناء الشعب الليبي، ويجب أن نوجه جميعا رسالة واضحة تدعو كافة الأطراف الليبية إلى إنهاء حالة الاستقطاب السياسي واستعادة جسور الثقة المفقودة فيما بينها، وإعلاء المصلحة الوطنية الليبية فوق كل اعتبار آخر".وأضاف شكري " لقد فقدنا في الأيام الماضية فرصة ثمينة لوضع حد للكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يعانيها أبناء الشعب اليمني الشقيق، بسبب تعنت جماعة الحوثي ورفضها المشاركة في المفاوضات السياسية والتجاوب مع مساعي المبعوث الأممي، فيما يعكس تمسكا غير مقبول بمنطق الغلبة والاستقواء بأطراف إقليمية لفرض الوصاية على سائر أبناء الشعب اليمني".وقال شكري " إن مصر تدعم جهود المبعوث الأممي، وتؤكد أنه لا مفر من الحل السياسي الشامل على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومقررات الحوار الوطني، ليستعيد اليمن الشقيق وحدته ودوره، في ظل قيادة حكومته الشرعية التي ندعمها جميعا".وأكد شكري "أن الأزمات غير المسبوقة التي تعيشها أمتنا العربية، تستوجب منا جميعا بذل كل الجهود للحفاظ على تماسك الجسد العربي ومواجهة محاولات التفكيك والاستقطاب والانقسام المذهبي والطائفي التي تعصف بدولنا العربية، وتفعيل جامعة الدول العربية وتمكينها من أداء دورها ومواجهة التحديات غير المسبوقة التي تعصف بمنطقتنا" .وقال شكري " علينا جميعا مسئولية حقيقية للتمسك بهذا الكيان العريق، ومواصلة مسيرة الإصلاح والتطوير لتعزيز دور الجامعة العربية وأمانتها العامة وتوفير كافة الإمكانات التي تحتاجها لأداء واجباتها وممارسة دورها، معربا عن ثقته وأمله في "أن تساعد اجتماعاتنا اليوم على الخروج برؤى توافقية وأفكار بناءة لمواجهة هذه التحديات، وإرسال رسالة أمل في المستقبل، فشعوبنا في أمس الحاجة إليها".
مشاركة :