ذكرت وزارة الاقتصاد الروسية أمس أن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا انكمش في تشرين الثاني (نوفمبر) في حين استمر تراجع الروبل مع تضافر العقوبات الغربية وانخفاض أسعار النفط ليسجل الاقتصاد أول انكماش منذ الأزمة المالية العالمية. وقالت وزارة الاقتصاد "إن الناتج المحلي الإجمالي انكمش 0.5 في المائة في الشهر الماضي وهي أول مرة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2009". ويتوقع بعض المحللين أن يتفاقم الانكماش نظرا لأن صادرات النفط تمثل العمود الفقري للاقتصاد. ونقلت وكالت «رويترز» عن ديمتري بوليفوي كبير المختصين الاقتصاديين لشؤون روسيا وكومنولث الدول المستقلة في بنك آي.إن.جي في موسكو، قوله "نتوقع أن تسوء الأمور في ظل أسعار النفط الحالية. ليس هناك ما يدعو إلى التفاؤل". وأضاف "أولا وقبل كل شيء يرتبط الأمر بالعقوبات والنفط وحالة الذعر التي شهدناها في السوق في كانون الأول (ديسمبر). رأب الصدع الذي أصاب النظام المصرفي وثقة المستهلكين سيستغرق وقتا طويلا". وأدت العقوبات إلى الحد كثيرا من قدرة الشركات الروسية على الاقتراض من الخارج وهو ما تسبب في نشوب أسوأ أزمة عملة منذ عجز روسيا عن سداد ديونها في عام 1998. وانخفض الروبل الروسي أكثر من 6 في المائة مقابل الدولار في التعاملات المبكرة أمس، وسط تداولات ضعيفة مع تقليص المصدرين مبيعات العملات الأجنبية بعد جمع مبالغ كافية من الروبل لسداد مستحقات الضرائب في نهاية الشهر. ونزلت العملة الروسية 6.3 في المائة مقابل الدولار لتسجل 57.42 روبل. ونزلت 6 في المائة أمام اليورو إلى 70 روبلا. وتتوقع الحكومة أن يؤدي هبوط أسعار النفط إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 4 في المائة في العام المقبل فيما قد يتجاوز التضخم 10 في المائة. وفي نفس السياق، أظهر مسح أمس انكماش القطاع الصناعي الروسي في كانون الأول (ديسمبر) للمرة الأولى في ستة أشهر متأثرا بانخفاض طلبيات التوريد الجديدة بسبب مشكلات التمويل والشكوك بشأن سعر صرف الروبل. وزادت الضغوط التضخمية بأسرع وتيرة لها في أكثر من عشر سنوات نتيجة لانهيار قيمة الروبل جراء انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية التي حدت من توافر رأس المال الأجنبي ودفعت بالاقتصاد إلى حافة الركود. ووفقا لما نقلته وكالة «رويترز»، فقد نزل مؤشر إتش.إس.بي.سي لمديري المشتريات في قطاع الصناعات التحويلية الذي يشكل نحو 16 في المائة من الاقتصاد إلى 48.9 في كانون الأول (ديسمبر) من 51.7 في تشرين الثاني (نوفمبر) لينزل عن مستوى الـ50، ما يشير إلى حدوث انكماش للمرة الأولى منذ حزيران (يونيو). وقال ألكسندر موروزوف كبير اقتصاديي روسيا ودول الكومنولث في "إتش.إس.بي.سي"، "تضرر قطاع المنتجات الاستهلاكية أكثر من غيره حيث شهد تراجعات في الطلب والإنتاج مع استمرار الزيادة في مخزونات السلع تامة الصنع. "كان هذا القطاع هو محرك التصنيع الرئيسي في السنوات القليلة الماضية. الآن أصبح أداؤه دون المستوى"؛ كما قال موروزوف. وزادت أسعار المنتجات بأسرع وتيرة منذ بدء إجراء المسح في 2003 وارتفعت أسعار مستلزمات الإنتاج بأقوى معدل في أكثر من 16 عاما بسبب انخفاض قيمة الروبل بمقدار النصف تقريبا أمام الدولار هذا العام. وقال موروزوف "إن الزيادة السريعة في الأسعار تشير إلى استمرار تصاعد المخاطر التضخمية في الاقتصاد". وقال "يرجع ذلك إلى انخفاض الروبل. نتوقع نمو أسعار المستهلكين بمعدلات في خانة العشرات معظم فترات 2015". من جهة أخرى، قال إيجور يوسفوف وزير الطاقة الروسي السابق لـ "رويترز"، "إن روسيا قد تساعد على دعم أسعار النفط العالمية من خلال خفض صادراتها بشكل طفيف وتوجيه قسم أكبر من الإنتاج إلى أنشطة التكرير المحلية". وشغل يوسفوف منصب وزير الطاقة في الفترة من 2001 إلى 2004 ويقول "إنه ما زال على اتصال منتظم مع وزراء النفط في الدول الخليجية الأعضاء في "أوبك"، لكنه لم يعد يشغل أي منصب رسمي مهم بل يدير شركة خاصة للاستثمار في الطاقة". وترأس يوسفوف وفدا ناقش التعاون مع "أوبك" في عامي 2001 و2002 لدعم الأسعار العالمية ووافق حينئذ على خفض طفيف للإنتاج إلا أنه لا الدولة ولا الشركات الخاصة التزمت بذلك بل إنها رفعت الصادرات. وتضخ روسيا 10.5 مليون برميل يوميا وهي منتج مستقل. وقال "مستوى إنتاجنا ثابت والسؤال هو هل سنرفع الإنتاج.. لا أستبعد خفضا بسيطا للصادرات.. لن تقع كارثة. القرار بيد كل شركة وعلى سبيل المثال قد ترفع الشركات حجم التكرير داخل روسيا وتبيع المنتجات في السوق المحلية". ويتطلب ضبط ميزانية روسيا سعرا يبلغ 100 دولار لبرميل النفط. وتقول موسكو "إنها لا تستطيع خفض الإنتاج بسهولة بسبب الظروف الجوية القاسية ونقص طاقة التخزين وذلك على النقيض من السعودية". وقال يوسفوف "إنها قد ترفع حجم التكرير المحلي أو ترجئ بدء الإنتاج من حقول جديدة". ولا يتوقع يوسفوف انخفاضا أكبر لأسعار النفط وتكهن بنطاق بين 60 و80 دولارا للبرميل في العام المقبل. وقال "إنه نطاق معقول ويناسب الجميع" مضيفا أن "روسيا بحاجة لإيفاد مبعوث خاص إلى "أوبك" لتنسيق الحوار مع المنظمة وشركات الطاقة العالمية".
مشاركة :