شنت حركة «طالبان»، في تطور يوحي بتصميمها على مواصلة الخيار العسكري في أفغانستان، هجوماً جريئاً على قاعدة أميركية في ولاية ننغرهار شرق البلاد المحاذية للحدود مع باكستان. وأحرق المهاجمون عشرات من السيارات والصهاريج لنقل الوقود تابعة للحلف الأطلسي (ناتو) وقتلوا 3 مدنيين، قبل أن يشتبكوا لمدة ثلاث ساعات مع القوات الأفغانية والأميركية التي أردتهم. ويحمل الهجوم في المنطقة المحاذية للأراضي الباكستانية مغزى كبيراً، ترافق مع سلسلة عمليات نفذتها «طالبان» في ولايات عدة، منذ زيارة الرئيس الأفغاني حميد كارزاي إسلام آباد مطلع الأسبوع الماضي. وتريد الحركة بهذا التصعيد إبلاغ كارزاي بفشل مساعيه لإدخال خط حل الأزمة الأفغانية عبر الحوار. ويعزز ذلك القلق المتنامي من احتمال استعادة مسلحي الحركة السيطرة الميدانية بعد انسحاب القوات الأجنبية من البلاد نهاية العام 2014. وأفادت وزارة الداخلية الأفغانية امس، بأن «المسلحين فجروا في مرحلة أولى سيارة مفخخة داخل مرأب القاعدة العسكرية الأميركية في بلدة تورخام، البعيدة من مراكز تدريب القوات الحكومية والأجنبية في القاعدة ذاتها وتجمعاتها، ما أشعل النار في عشرات صهاريج النفط التابعة للحلف، ثم أطلقوا النار على القوات الحكومية والأميركية التي ردت بالمثل». ونفى الحلف سقوط قتلى في صفوفه، مؤكداً أن المهاجمين فشلوا في اختراق المعسكر الذي يقع قرب قاعدة بولندية هاجمها عناصر من «طالبان» قبل أقل من أسبوع، ما أسفر في حينه عن مقتل جندي أميركي وجرح 10 جنود بولنديين. وأعلن الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، عن سقوط عشرات الضحايا في صفوف «الأطلسي»، وتدمير آليات عسكرية. وتحدث شهود عن إغلاق الطريق العام، في وقت حلّقت مروحيات «الناتو» فوق القاعدة الخاضعة لحراسة مشددة كونها قريبة من معبر بري بين باكستان وأفغانستان سبق أن شهد عمليات مسلحة من جانبي الحدود. على صعيد آخر، واصل كارزاي إجراء تعديلات في أجهزته الأمنية وقياداتها، وبعد تعيينه السفير السابق في إسلام آباد داود عمر زي وزيراً للداخلية، أصدر قراراً أعاد بموجبه رحمة الله نبيل إلى رئاسة المديرية العامة (الاستخبارات)، بعدما كان عزله قبل نحو سنة تحت ضغوط مارستها عليه باكستان وإيران. وربط معارضون التغييرات الأمنية التي شملت تعيين الجنرال أيوب سالانغي مساعداً لوزير الداخلية لشؤون الأمن، بمحاولة كارزاي ضمان فوز مرشحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان (أبريل) المقبل، كي يتجنب أي ملاحقة القانونية في تهم قد توجه إليه. وسرت شائعات بأن مرشح كارزاي للانتخابات المقبلة قد يكون عبد رب الرسول سياف الذي يدعم كارزاي بقوة منذ إطاحة نظام «طالبان» نهاية 2001. ويحظى سياف بتأييد قادة سابقين ودعم دول إقليمية، ما عدا الجارتين المهمتين: باكستان وإيران، ما قد يجعله مرشحاً غير مناسب للمرحلة التي ستشهد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان. وكانت تحالف انتخابي للمعارضة يضم ممثلين عن عرقيات الأوزبك والطاجيك والهزارة (الشيعة) قرر ترشيح شخص واحد لمواجهة مرشح الرئيس كارزاي. وتحدثت أنباء عن إمكان انضمام الجناح السياسي لـ «الحزب الإسلامي» المتحالف مع كارزاي الى التحالف المعارض.
مشاركة :