المستشار أسامة العوفي رئيس التفتيش القضائي يفتح قلبه لـ«أخبار الخليج»

  • 9/13/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بيني وبـيـن القاهرة صداقة عمرها 27 عاما الذين يتابعون المستشار أسامة العوفي المحامي العام رئيس التفتيش القضائي في قاعات المحاكم لا يعرفون عنه سوى الوجه الصارم والنظرة الحادة والخطاب القويّ البليغ في مرافعاته في القضايا الكبرى، لكن الذين يقتربون منه يدركون أنه صاحب شخصية محبوبة من الجميع، يرفع سيف العدالة في وجه أعداء الوطن والخارجين عن القانون، ويفتح قلبه بالمحبة لكل صاحب حق أو مظلومية. قابلته كثيرا في قاعات المحاكم، وفي مكتبه بمبنى النيابة العامة، لكني أعترف بأنني لم أتمكن من رؤيته بصورة أوضح، كالتي رأيته عليها خلال حواري معه أثناء وجوده في القاهرة، حيث يحتفظ في هذه المدينة بالكثير من الأصدقاء والذكريات والحكايات التي تراكمت على جدران ذاكرته، منذ أيام دراسته بجامعة القاهرة. سألته عن عمله فقال إنه كل حياته، وعن أكثر من تأثر بهم قال إنه النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين الذي تعلم منه الكثير وخاصة الحلم وسعة الصدر، وسياسة الأبواب المفتوحة مع كل صاحب حق أو شكوى. عن دراسته وذكرياته في القاهرة، ورحلة عمله في النيابة العامة وطبيعة عمله كرئيس للتفتيش القضائي دار حواري معه، من دون أن نغفل بطبيعة الحال الحديث عن آخر عمليات التطوير في النيابة العامة، والدفعة الجديدة التي تم تعيينها. * المستشار أسامة العوفي وجودك في القاهرة يعني أشياء كثيرة وذكريات.. ما هو أكثر ما تذكره دائما عن زياراتك وذكرياتك في العاصمة المصرية؟ - لقد درست في جامعة القاهرة فتخرجت في كلية الحقوق بها في عام 1995، ولم تتوقف رحلتي الدراسية بالقاهرة عند هذا الحد، بل امتدت بشكل آخر حيث توالت الدورات التدريبية التي حضرتها فيها، فأنا خريج المركز القومي للدراسات القضائية، وقد التحقت به عام 2001 في دورة متخصصة في «الإعداد الأساسي لتكوين أعضاء النيابة العامة» واجتزتها بعد ستة أشهر، وبعد ذلك التحقت بالنيابة العامة في البحرين عام 2003، فقد كنت ضمن الرعيل الأول الذي واكب تأسيس النيابة العامة، ومازلت على رأس العمل حيث أشغل الآن منصب رئيس التفتيش القضائي، ولدينا ارتباط وثيق مع النيابة العامة بجمهورية مصر العربية. كما التحقت بالعديد من الدورات المتخصصة في جمهورية مصر العربية ولا تزال العلاقات وثيقة . * وماذا عن زملاء الدراسة في جامعة القاهرة هل مازلت تحتفظ بصداقتهم بعد أن دخلوا سلك القضاء والنيابة في مصر؟ - لي صداقات مع من درست معهم في الجامعة، أو من بين من شاركتهم الدورة المتخصصة في الإعداد الأساسي لتكوين النيابة العامة فقد كان عددنا في هذه الدورة حوالي 180 شخصا وكنت واحدا من بين ثلاثة بحرينيين حضروها. وأحمد الله أن عدد الأصدقاء والزملاء يتزايد لأن هناك تعاونا وثيقا مع رجال القضاء والنيابة المصريين . * بعيداً عن العمل.. ما هي ذكرياتك عن مصر وما الأماكن التي تحرص على زيارتها؟ - أحفظ لمصر الكثير من الذكريات، وهناك عادات أحرص عليها وأنا في مصر.. حيث أشعر بأنني في بلدي الثاني الذي لا أشعر فيه بأي غربة، وهناك أماكن تمثل لي تاريخا سواء في المنطقة التي كنت أقطن بها أثناء الدراسة أو الأماكن والمحلات التى كنا نزورها في هذا الزمن ومازلنا نحرص على زيارتها إلى اليوم ومنذ 27 سنة كلما حضرت إلى مصر. كنت أسكن خلال فترة الدراسة فى كلية الحقوق بمنطقة المهندسين، والى الآن أزور البناية التي عشت بها، وأتجول في الشوارع المحيطة بها، وإن كانت معالمها قد تغيرت إلى حد كبير مع مضي الزمن. وعموماً صداقتي للقاهرة استمرت 27 عاما لم تنقطع فكل عام أزورها مرة أو مرتين. كما أتفقد المكتبات التي اعتدت زيارتها أيام الدراسة واقتناء أهم إصداراتها وبالأخص في المجال القانوني. وإلى جانب القاهرة سافرت إلى مدينة الأقصر الأثرية ومدينة أسوان وشرم الشيخ والغردقة والإسكندرية. ثاني رئيس للتفتيش القضائي قد لا يعرف البعض طبيعة التفتيش القضائي ومهمة رئيسه، ويتطلب هذا منكم شيئا من الإيضاح؟ - منصب رئيس التفتيش القضائي في مملكة البحرين تقلدته عام 2016، ولي الشرف أنني ثاني من تقلده خلفا للمستشار حميد حبيب المحامي العام الأول بالنيابة العامة سابقاً.. ورئيس التفتيش القضائي يتبع النائب العام مباشرة، وهو يمتلك صلاحيات كبيرة وواسعة، فهو الجهة الرقابية التي تراقب أعمال النيابة العامة، من حيث التفتيش عليهم وعلى أعمالهم، ويشمل التفتيش الأمور المسلكية لأننا ملتزمون بما فرضه قانون السلطة القضائية من واجبات على أعضائها ومنهم بالطبع أعضاء النيابة العامة. * هذا يعني أنك تتابع أعضاء النيابة العامة على مستويين.. العمل والسلوك الشخصي؟ - نعم لأن هناك قيما وتقاليد يجب ألا يخرج عنها عضو النيابة العامة، ونحن في مجال التثقيف والتوعية عندما يتم اختيار أعضاء النيابة العامة، نتحدث معهم حول القيم والتقاليد والأعراف القضائية فهناك مادة تشمل القيم والتقاليد التي لا يجب على عضو النيابة العامة أن يحيد عنها، بالإضافة إلى القرارات التي يصدرها سعادة النائب العام فيما يتعلق بتنظيم سير العمل والتي تشمل أمورا توجيهية. 15 سنة في النيابة العامة * مسيرتك في النيابة العامة بدأت منذ انطلاق أعمالها منذ خمسة عشر عاما، كيف تراها اليوم؟ - بدأت عملي كعضو في النيابة العامة في عام 2003 أي مع بداية عملها، وفي عام 2005 أصبحت رئيسا لنيابة المحرق لمدة خمس سنوات، ثم أصبحت رئيسا لنيابة المحافظة الشمالية، ثم تم تعييني رئيس نيابة بالتفتيش القضائي إلى أن أصبحت اليوم بترشيح من النائب العام وبموجب قراره عام 2016 رئيسا للتفتيش القضائي. * من خلال متابعة مرافعاتك المشهودة في العديد من القضايا، هل هناك سمات معينة في مرافعة ممثل النيابة العامة الشفوية؟ - من واجبات عضو النيابة العامة أن يباشر مهامه في الدعوى الجنائية بموضوعية تامة.. وبقصد بلوغ الحقيقة ومن ثم تحقيق العدالة لا غير، ويتطلب ذلك من ممثل النيابة عرض الأدلة القائمة في القضية على المحكمة، وأن ينقل إليها في أسلوب واضح ما وقع من المتهم خرقاً للقانون.. وأثر جريمته على المجتمع ومدى مساسها بقيمه ومبادئه، وأن تشتمل مرافعته على بيان للنصوص القانونية والمبادئ القضائية. والمرافعة الشفوية واجبة في القضايا الجنائية من أجل تمكين المحكمة من تقييم الأدلة وتقييم دفوع ودفاع المتهم في المقابل.. وصولاً من ذلك الى تكوين عقيدتها واقتناعها. وبالتالي فإن الأمر يتطلب من ممثل النيابة دراسة وافية للقضية وجهداً مضنياً في إعداد مرافعته على النحو الذي يحقق الغاية منها. * كيف يتم تدريب عضو النيابة على المرافعة الشفهية؟ - هناك بعض القضايا التي تحتاج إلى خبرة شخصية يتم اكتسابها من خلال الممارسة العملية لسنوات طويلة، وبصفة عامة فإن كل أعضاء النيابة يمتلكون مهارات المرافعة الشفهية، بموجب التدريب الذي تلقوه والخبرات التي اكتسبوها، ويحرص التفتيش القضائي على تنفيذ توجيهات النائب العام بتطوير كفاءات وقدرات أعضاء النيابة العامة في كافة النواحي والمهارات الخاصة بالعمل، وخاصة التي نشعر بوجود أي قصور فيها مهما كان بسيطا، ولهذا نخضعهم لدورات في فن المرافعة والتحقيق، فهذه كلها إجراءات متوافرة الآن لدى أعضاء النيابة العامة، ولكن أتفق معك في هذا الجانب، حيث ان المهارات الشخصية تختلف من شخص الى آخر، سواء كان الأمر متعلقا بالقدرات القانونية أو بالإمكانيات الشخصية كالصوت والحضور الذهني والهيئة. * السوشيال ميديا أصبحت تمثل جانبا مهما ومؤثرا في حياتنا، هل تتأثر بما يتردد فيها فيما يتعلق بالقضايا؟ في القضايا التي أختص بها لا أتأثر بالسوشيال ميديا ولا يجب أن يتأثر عضو السلطة القضائية عموماً بما ينشر أو يتردد بين الناس ما لم يكن هناك دليل يستمد منها كشفا لحقيقة ما.. فعندئذٍ ينبغي تتبع ذلك الدليل، أما ما ينشر من آراء أو انطباعات شخصية فلا يُنظر إليه. وعلى كل حال فأنا لا أهتم إلا بالجاد والإيجابي مما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي. * مَن مِن الأساتذة تأثرت بهم؟ - إذا تكلمت عن الأشخاص الذين أثروا في شخصيتي ففي مقدمتهم النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين، حيث تربطني به علاقة عمل بدأت قبل عملي في النيابة العامة، وقد تعلمت منه أشياء كثيرة ولمست مقدار إنسانيته، فهو رجل حليم صاحب رؤية، ولديه سعة صدر تجعله يسمع ويتلقى شكاوى من الناس ويعطي فيها القرارات، وهو من علمنا سياسة الأبواب المفتوحة وهذه السياسة انتهجناها من خلاله مع كل صاحب حق أو شكوى أو تظلم. لا طلبات خطية * حركة التطوير لا تهدأ في النيابة العامة، وهناك دائما خطوات جديدة نتابعها ونسمع عنها، ما الجديد الذي ستشهده النيابة العامة خلال الفترة المقبلة؟ - في إطار توجيهات النائب العام لرفع كفاءة وقدرات أعضاء النيابة العامة، هناك دورات لأعضاء النيابة العامة بالتعاون مع معهد الدراسات القضائية والقانونية بمملكة البحرين، ففي مجال التدريب المستمر هناك خطة سنوية توضع كل عام تتضمن المناهج التدريبية والدورات المتخصصة في موضوعات متعددة، من بينها ما يتعلق بحقوق الإنسان وضمانات المتهم. كما أن لدينا اتصالات مع جهات أخرى في مجال التدريب، من بينها جمهورية مصر العربية. هذا بالإضافة إلى دعم أعضاء النيابة في دراساتهم الأكاديمية، وقد حصل عدد من أعضاء النيابة على درجات الدكتوراه والماجستير نتيجة ذلك الدعم الذي يتبناه سعادة النائب العام من أجل تنمية قدرات أعضاء النيابة. وفيما يتعلق بالتفتيش القضائي وجه النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين بأن يكون تقديم طلبات السادة المحامين بشأن أمور وإجراءات قضائية محددة على سبيل الحصر من خلال الموقع الخاص بالنيابة العامة، ويتم موافاتهم بالرد خلال 24 ساعة من تقديم الطلب، وهذا في إطار العدالة الناجزة التي يولي النائب العام اهتماما خاصا لها، ولاختزال الوقت والجهد على السادة المحامين. كما أن هذا نابع من تقديره لمكانة المحامين ودورهم في إظهار الحقيقة وإعلاء كلمه الحق، ولتذليل العقبات التي قد تعترضهم، وقد تم اللقاء بعدد من السادة المحامين وعلى رأسهم رئيس جمعية المحامين الدكتور حسن بديوي وأعضاء الجمعية، وتم إعداد خمس دورات تدريبية للمحامين في مبنى النيابة العامة في كيفية استخدامهم موقع النيابة في تلبية طلباتهم بشأن الأمور التي وردت على سبيل الحصر فى الموقع الالكتروني وأن يكون ذلك مع بداية العام القضائي الجديد، هذا بخلاف التدريب على استخدام الموقع، فقد تم تخصيص أحد موظفي النيابة تكون مهمته إحاطة السادة المحامين بكيفية التعامل من خلال الموقع الالكتروني والرد على استفساراتهم في هذا الشأن. وبمشيئة الله بعد شهر أكتوبر لن تتلقى النيابة العامة أي طلبات خطية من التي وردت على سبيل الحصر في الموقع الالكتروني للنيابة العامة . وبناء على ذلك يجب أن يكون لكل محام مفتاح الكتروني يحصل عليه عن طريق الحكومة الالكترونية، يمكنه من الولوج إلى الموقع، ويشترط في مستخدم الموقع أن يكون طرفاً في الدعوى حتى يقبله النظام، وهذا يعدّ أهم وأحدث تطوير فى النيابة العامة. من ناحية أخرى فإن هناك تحديثا لأدوات ووسائل العمل في النيابة العامة في مجال التحقيق الالكتروني والإدلاء بالشهادة عن بعد في إطار حماية الضحايا والشهود، فضلاً عن تطوير مكتب التعاون الدولي. * هل هناك دفعات جديدة سيجري تعيينها بالنيابة العامة؟ - تم اختيار 18 شخصا من بينهم 3 نساء، وقد تم تعيينهم بناء على قرار النائب العام كباحثين قانونيين لمدة سنة، وسيلتحقون بدورة نظرية وعملية لمدة شهرين في القضاء بالتنسيق مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للقضاء ومعهد الدراسات القضائية والقانونية، حيث يتم اطلاعهم على جميع الإجراءات القضائية وطريقة صياغة الأحكام ومن ثم سيلتحقون بمعهد الدراسات القضائية لمدة أربعة أشهر في دورة متخصصة حول العمل بالنيابة العامة، وبعد اجتيازهم هذه الدورة سيلتحقون بالنيابة ويجري توزيعهم على النيابات إلى أن يصدر قرار النائب العام بتعيينهم كمساعدين بالنيابة العامة، ومن ثم يكونون تحت الاختبار لمدة عام، ثم سيتم تعيين من يجتازون هذه الدورة كوكلاء للنائب العام بموجب الأمر الملكي السامي. * النيابة العامة أصبحت رافدا رئيسيا للقضاء.. هل أثر ذلك على عدد العاملين في النيابة العامة؟ - بالفعل النيابة العامة هي الرافد الأساسي للقضاء، وذلك بعد أن شهدت السنوات الأخيرة انتقال عدد كبير من أعضائها للعمل كقضاة ورؤساء محاكم. لكن في المقابل هناك دفعات جديدة تنضم للعمل في النيابة العامة، وهي دماء جديدة يتم اختيارها بدقة وفقاً لشروط وضوابط معينة، ولدينا الآن في النيابة العامة 67 عضوا بدرجاتهم المختلفة. تمكين المرأة في النيابة * كيف تحافظ النيابة العامة على تطبيق سياسة تمكين المرأة على أرض الواقع؟ لقد أصبح للمرأة في النيابة العامة اليوم وضع ممتاز، حيث تقلدت المناصب الموجودة في النيابة العامة سواء في الجهاز الإداري أو على الصعيد القضائي وهن يتولين المناصب الرفيعة في النيابة العامة ويؤدين أعمالهن إلى جانب الرجال، وللحق أقول إن المرأة أصبح لها مكانتها في النيابة نتيجة لدورها المتميز وما أثبتته من كفاءة، ولحرص النائب العام على تمكينها بخطى ثابتة ومدروسة تم اتخاذها على مدى السنوات الماضية. وهناك لجنة تكافؤ الفرص التي أتشرف برئاستها، ومازالت تمارس عملها بقرار من النائب العام لضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين وتعنى بإدماج احتياجات المرأة في العمل، وهناك ارتباط وثيق وتواصل مباشر ومستمر بين النيابة العامة والمجلس الأعلى للمرأة لتنفيذ الخطط الوطنية للنهوض بالمرأة.

مشاركة :