مواقف الجالية اليهودية في أمريكا من إسرائيل

  • 9/14/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يشكل ما يقارب الـ6 ملايين يهودي في الولايات المتحدة الأمريكية ثاني أكبر تجمع لليهود في العالم بعد فلسطين التاريخية المحتلة. وفي حين فضل الكثير، ومازالوا يفضلون البقاء في الولايات المتحدة رغم الإغراءات الإسرائيلية، فإنهم استمروا في دعم إسرائيل كغيرهم من «يهود الشتات» سياسيا وإعلاميا واقتصاديا، وهذا الأخير، وبحسب دراسة نشرتها وزارة الشتات بحكومة الاحتلال العام الماضي دعم يشكل: «6.35% من الزخم الاقتصادي الإسرائيلي مرتبط بأنشطة وتبرعات يهود الشتات، بما يعادل قرابة الـ25 مليار شيكل سنويًا، ما يعني أنه في حال تم وقف المساهمات والتبرعات اليهودية الأمريكية وغيرها، فسوف تفقد إسرائيل موردًا مهمًا للدعم». غير أنه، منذ منتصف عام 2017. قد ظهرت إلى العلن الخلافات الواضحة بين الجالية اليهودية في الولايات المتحدة وإسرائيل في مسألتي الحائط الغربي وقانون الهجرة، حيث قررت حكومة (بنيامين نتانياهو) بالنسبة إلى المسألة الأولى تجميد «التسوية بشأن الحائط الغربي» في ظل ضغط الأحزاب الدينية الأرثوذكسية في إسرائيل الموجهة ضد ممارسة الحرية الدينية في جهة الصلاة الخاصة باليهوديات وإلغاء الصلاة المختلطة بين الرجال والنساء أمام حائط البراق، الأمر الذي يتعارض مع مواقف التيارات اليهودية الأمريكية التي يغلب عليها الطابع الليبرالي الإصلاحي. وبالنسبة إلى المسألة الثانية، فقد جمدت حكومة (نتانياهو) قانون «اعتناق اليهودية الخاص»، حيث كان يسمح للحاخامات الأرثوذكسيين الأمريكيين بأن يجروا عملية اعتناق اليهودية للكثير من الناس في الولايات المتحدة. ويعتبر القانون الخاص مهمًّا جدًا بالنسبة إلى اليهود الأمريكيين، لأن مَن يخضع لعملية اعتناق اليهودية وفق الطريقة الأرثوذكسية يمكن أن يكون مواطنا في «دولة إسرائيل» بموجب ما يسمى «قانون العودة»، والآن لا تعترف المؤسسات الإسرائيلية بالأمريكيين الذين يعتنقون اليهودية وفق القانون آنف الذكر، ولن تسمح لهم بالهجرة إليها والحصول على جنسيتها. وقد كشف استطلاع جديد أجرته أيضا اللجنة اليهودية الأمريكية عن انقسامات عميقة بين يهود إسرائيل ويهود أمريكا، وخاصة فيما يتعلق بسياسة الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)، وقد سلط الضوء على الانشقاق المتنامي بين أكبر جماعتين يهوديتين في العالم هما اليهود الأرثوذكس واليهود من تياري الإصلاحيين والمحافظين، الذين يشكلون الغالبية العظمى من اليهود الأمريكيين. ووفقا للاستطلاع فإن «77% من اليهود الإسرائيليين يوافقون على توجهات ترامب مع العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية، في حين وافق 34% فقط من اليهود الأمريكيين». ورفض «57% من اليهود الأمريكيين طريقة تعامل ترامب، بينما رفضها 10% فقط من يهود إسرائيل». بالمقابل، وقع (170) باحثا يهوديا من كليات وجامعات أمريكية بيانا أعربوا فيه عن «الفزع» من اعتراف (ترامب) بالقدس عاصمة لإسرائيل. وأكدوا «إن القدس تعتبر ذات أهمية دينية كبيرة لليهود والمسلمين والمسيحيين على السواء، وإن إعلان (ترامب) الذي يبدو أنه يؤيد الملكية اليهودية الفردية للقدس، يضيف استفزازا إلى الجراح المستمرة ويؤدي إلى إشعال نار العنف، (ولابد أمريكيا من) توضيح حصة الفلسطينيين المشروعة في مستقبل القدس». في مقال حديث حذر رئيس الوكالة اليهودية (ناتان شارانسكي) من أزمة عميقة تتعاظم جراء تخلي يهود الولايات المتحدة الأمريكية عن إسرائيل بشكل متزايد، مضيفًا أن «تلك الظاهرة في غاية الخطورة، إذ تشجع على ضياع الهوية اليهودية لملايين اليهود الأمريكيين جراء الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها على حساب شعورهم بالانتماء لإسرائيل». وختم: «اليهود الشباب في الجامعات الأمريكية يسمعون كثيرًا أن إسرائيل ليست وطنهم، وطالما أنه يهودي ليبرالي فإن عليه أن يبتعد عن أي صلة بإسرائيل، وأن إسرائيل لا تريده عندها. لذلك، علينا أن نعمل ضد ذلك طوال الوقت». من جانبه، ومن زاوية خاصة، يقول الكاتب (حيمي شليف): «المشكلة هي أنه على أيدي نتانياهو وترامب، هذه العلاقات تأخذ بالضرورة طابعا يمينيا وطنيا مسيحيا بارزا، الذي لا يعبر عن الإجماع في إسرائيل، وأقل من ذلك عن روح يهودية الولايات المتحدة الليبرالية». وفي السياق، يفسر المحلل السياسي (أمنون لورد) هذه التطورات، فيقول: «لقد تحول جزء من المؤسسة النخبوية ليهود أمريكا إلى مُجافين لإسرائيل… وخلال السنوات التي تلت غزو العراق، بدأت حملة تحريض محكمة ضد يهود الولايات المتحدة بحجة أن مستشاريها ومفكريها هم الذين قادوا الولايات المتحدة بتشجيع من إسرائيل إلى الحرب في العراق. وفي أبريل 2008 أنشئت منظمة «جي ستريت» (وهي منظمة يهودية موالية لإسرائيل لكن ضد سياساتها المتشددة اليمينية) والتي استطاعت أن تكتسب أهمية بتأثير من الشخصيات التي تقودها، كما أن قسمًا منهم كانوا ينتمون إلى طاقم بيل كلينتون في ذلك الوقت. حتى ذلك الوقت، كان هناك صوت موحد ليهود أمريكا بشأن الموضوعات التي لها علاقة بإسرائيل أو موضوعات استراتيجية أمريكية تتعلق بإسرائيل، لكن ظهور «جي ستريت» كسر وحدة الصف». اليوم، الكل الأمريكي يتجه نحو اليمين، فبعد عام واحد من إنشاء «جي ستريت» تشكلت «حركة الشاي» الحركة الأكثر يمينية من الحزب الجمهوري رغم أن أعضاءها يعتبرون أنفسهم من ضمن الحزب الجمهوري والذي، منذ سنوات طويلة، يزداد تطرفا ويمينية، ويسيطر على البيت الأبيض والكونجرس الآن، فيما التحولات في داخل الحزب الديمقراطي لا تسير باتجاه الليبرالية بل نحو الوسط باتجاه اليمين. ورغم ذلك فإن المخاوف الإسرائيلية تتجسد في فقدان يهود الولايات المتحدة، وخاصة الشباب، الاهتمام بإسرائيل، وفي هذا يتساءل الكاتب الإسرائيلي (درور ايدار): «هل سنتمكن من وقف الانجراف الهائل للاختفاء الهادئ ليهود الولايات المتحدة من أوساط (الشعب اليهودي). مسألة هوية الجيل الشاب تحوم فوقنا».

مشاركة :