داخل معرض دمشق الدولي، تتجمع شركات من أكثر من 15 دولة تحت سقف واحد، بينما تستقر تلك الوافدة من روسيا وإيران، أبرز حلفاء الحكومة السورية، في مبنى مستقل، طامحة باستثمارات ضخمة في مرحلة إعادة الاعمار. ويرفرف العلمان الروسي والإيراني أمام المبنى رقم واحد الخاص بالبلدين في مدينة المعارض في ضاحية دمشق الجنوبية. وتسوّق شركات إيرانية لسيارات وسجاد يدوي ومواد بناء، بينما تعرض شركات روسية منتجاتها في مجال البناء والصناعة والنقل والتكنولوجيا في المعرض السنوي الذي يأتي هذه السنة بعد تمكن دمشق من استعادة السيطرة على مساحات واسعة من البلاد كانت خسرتها خلال سنوات النزاع الدامي المستمر منذ 2011. قرب شاشة تعرض آخر مشاريع شركته، يشرح المسؤول الإقليمي لشركة المعامل الروسيّة «ليبينا أغرو»، رجل الأعمال اللبناني- الروسي ليبا شحادة، عمل شركته في صناعة الحديد وتدوير المعادن. وقال لـ «وكالة فرانس برس»: «ثمة تهافت وتسابق بين الشركات الأجنبية لتستثمر في سورية، لكن لروسيا أفضلية». وأضاف «نحن من كنّا ندافع في السياسة والحرب، ولذا نتوقع حصّة الأسد في الاقتصاد ومرحلة إعادة الإعمار». على مدخل الجناح الروسي الذي يضم نحو خمسين شركة، وهو الجناح الأجنبي الأكبر في المعرض، تبدي شابات أنيقات يتحدثن الروسية بطلاقة استعدادهن للترجمة لأي رجل أعمال أو زائر يريد الاستفسار أو التحدث مع ممثلي الشركات الروسية. ويقلّب شحادة الذي يتقن اللغة الروسية، كتيباً يلخّص نطاق عمل شركته في تصنيع تجهيزات الري وآلات ذكية يُستفاد منها في إدارة المعامل وتجهيز مزارع الحيوانات وقوالب الصب المستخدمة في البناء. ويجزم أن «سورية في حاجة إلى كل هذه المعدّات». وقال بنبرة واثقة: «لسنا هنا لنبيع أفراداً أو أسواقاً صغيرة... منتجنا هو على مستوى دول وحكومات»، قبل أن يضيف بحزم: «بصراحة ووضوح، نحن هنا لنرسم معاً خططاً لإعادة إعمار البلاد». وقال رجل الأعمال، وهو في الأربعينات من عمره، باللغة الروسية بينما ينقل مترجم تصريحه الى العربية: «السوق السورية جذّابة للاستثمار»، مضيفاً «نجد فيها نافذة وبوابة لروسيا نحو البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا وإفريقيا». وتستطيع الشركات الروسية، وفق ليفاشوف، العمل أكثر من سواها في سورية، «لأننا مطلعون مباشرة على الوضع الميداني ونعرف تماماً الأرض والسوق، وحجم الدمار وانتشاره». وتحضر إيران في المعرض عبر «خمسين شركة، 32 منها متخصصة في إعادة الإعمار»، وفق ما أوضح مدير الجناح الإيراني محمد رضا خنزاد لفرانس برس. وتعمل بقية الشركات، وفق خنزاد، في «مجالات مختلفة كصناعة السيارات والأدوات المنزلية وتقنيات البرمجة والسجاد اليدوي والزراعة». خلف طاولة صغيرة، يجلس رجل الأعمال مهدي قوّام محدّثاً ثلاثة رجال أعمال سوريين عن شركته «مسكن عمران» المتخصّصة بالبناء. وقال قوام (38 سنة) الذي ارتدى لباسا رسميا رماديا باللغة الايرانية، وفق مترجمه: «سنستفيد من فرصة وجود الإيرانيين هنا لنعيد بناء سوق أقوى ونصنع مساكن للسوريين المتضررين خلال الحرب». وتحدث عن «اتفاقات أولية» مع دمشق «لنسهّل عملية إدخال المنتجات الإيرانية الخاصة بشركتنا إلى سورية». وأشار إلى أن «سورية من البلدان القليلة التي تستقبل بضاعتنا في ظل العقوبات الأميركية».
مشاركة :