لندن - حذر وزير بريكست البريطاني دومينيك راب مجددا الخميس، من أن بلاده لن تسدد كامل فاتورة الخروج من الاتحاد الأوروبي في حال عدم التوصل إلى اتفاق، في تصعيد جديد لمزيد تليين موقف بروكسل من الخطة البريطانية للانفصال، فيما رجح كبير مفاوضي الاتحاد ميشال بارنييه التوصل إلى اتفاق خلال ستة إلى ثمانية أسابيع. وصرح راب لإذاعة “بي بي سي” أن إحدى تبعات مثل هذا الاحتمال “ستكون بوضوح أننا لن ندفع الأموال المتفق عليها في إطار اتفاق الخروج”، في إشارة إلى اتفاق تمهيدي تم التوصل إليه في ديسمبر بين الأوروبيين والبريطانيين وينصّ على أن تسدد لندن فاتورة بقيمة 39 مليار جنيه إسترليني (44 مليار يورو) لقاء طلاقها. وتابع الوزير البريطاني أن المملكة المتحدة “تعلم بالطبع التزاماتها القانونية”، مضيفا “لست أقول شيئا لم أقله في قاعة المفاوضات أو لن أقوله مباشرة لأصدقائنا وشركائنا في الاتحاد الأوروبي وأعتقد أن الأمر معروف جيدا من الجانبين”. واعتبر أن “من غير المحتمل” عدم التوصل إلى اتفاق، لكن في حال حصل ذلك فلن يكون بإمكان الاتحاد الأوروبي أن “ينتقي” عناصر المحادثات التي تناسبه وخصوصا تسديد الفاتورة. وتذكر هذه الصيغة بتلك التي استخدمها الأوروبيون الذين يشددون بانتظام على أن البريطانيين لا يمكنهم “الانتقاء” بين قواعد الاتحاد الأوروبي لإعداد اتفاق حول الخروج. ومن المفترض أن تتوصل لندن وبروكسل إلى اتفاق بحلول القمة الأوروبية يومي 18 و19 أكتوبر المقبل لتنظيم بريكست، لكن المفاوضات تراوح مكانها ما يثير مخاوف من عدم التوصل إلى اتفاق، فيما فتح الاتحاد الأوروبي الباب أمام مواصلة المفاوضات حتى أواسط نوفمبر، حتى يتسنى لبرلمان الطرفين المصادقة على الاتفاق. وصرّح بارنييه في مؤتمر صحافي في سلوفينيا الاثنين “أعتقد، إذا كنا واقعيين، أننا قادرون على التوصل إلى اتفاق على المرحلة الأولى من هذه المفاوضات، وهي معاهدة بريكست، خلال ستة إلى ثمانية أسابيع”. تيريزا ماي: ملتزمون بالتفاوض لكن علينا أن نضع خطط طوارئ تحسبا لعدم الاتفاق تيريزا ماي: ملتزمون بالتفاوض لكن علينا أن نضع خطط طوارئ تحسبا لعدم الاتفاق ويرى مراقبون أن تمديد الاتحاد الأوروبي، ولو لفترة قصيرة، للمفاوضات مع لندن يعكس بعض اللين في مواقفه التي كانت متصلبة في وقت سابق، ما يمنح الحكومة البريطانية المزيد من الوقت لحسم بعض النقاط الخلافية العالقة مع بروكسل، خاصة مسألة الحدود الأيرلندية. وترأست رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اجتماعا خاصا لحكومتها الخميس، ناقشت فيه إمكانية ترك بريطانيا الاتحاد الأوروبي دون اتفاق انتقالي مع التكتل، حيث شددت على التزامها الكامل بالتفاوض في اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، لكنها تعتقد أنها يجب أن تضع خطط طوارئ في حال ثبت أنه من المستحيل التوصل لاتفاق. ونشرت الحكومة البريطانية مذكرة تقنية تحمل بعض تداعيات انفصال لندن عن بروكسل دون التوصل لاتفاق، في إطار استعداداتها للمضي في خطة بديلة حال رفض بروكسل لمقترحاتها بشأن الانفصال. ودعت بريطانيا شركات الدواء إلى تكوين مخزون يكفي ستة أسابيع إضافية تحسبا لحدوث أي نقص محتمل في الإمدادات حال تعذر التوصل لاتفاق بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي، وهو أمر يقول مسؤولو قطاع الأدوية إنه قد لا يكون سهلا. وطلبت الحكومة في خطاب إلى الشركات الدوائية «ضمان توفير إمدادات تغطي ستة أسابيع إضافية على الأقل في المملكة المتحدة فوق الإنتاج المعتاد كرصيد احتياطي بحلول التاسع والعشرين من مارس 2019”، ما أدى إلى إثارة مخاوف من حدوث نقص في الأدوية. وقطاع الأدوية الخاضع لقواعد محكمة واحد من أبرز القطاعات البريطانية التي قد تتأثر سلبا بقرار مغادرة الاتحاد الأوروبي وذلك بسبب عدم التيقن من كيفية الإشراف عليه حال الخروج دون اتفاق في مارس المقبل. ورفضت بروكسل نهاية يوليو بندا رئيسيا ضمنته رئيسة الوزراء البريطانية خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي، يهدف إلى تجنب إقامة حدود تقسم بعد بريكست بين شمال أيرلندا التابع للمملكة المتحدة وجنوبها. وتصاعدت الضغوط على بريكست في بريطانيا مع تنامي الأصوات الداعية إلى استفتاء ثان بشأنه وتراجع المواقف الداعمة للانفصال، بعد أن تعرضت خطة الحكومة للانتقاد من قبل أعضائها قبل خصومها، فيما تشكلت لدى البريطانيين رؤية أكثر وضوحا لتكلفة الانسحاب الباهظة، الأمر الذي يثير سيناريوهات واحتمالات عديدة قد تصل إلى درجة التراجع عن بريكست وهو ما لم تستبعده ماي. ويتخوف محللون من الأثر الاقتصادي لمثل هذا الانفصال التام لبريطانيا مع أقرب حلفائها التجاريين إضافة إلى مخاوف بشأن مخاطر ذلك على السلام الهش في أيرلندا الشمالية وإقامة نقاط تفتيش حدودية مع أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي. ووفقاً للتوقعات الأكثر تشاؤما، يمكن أن يكون السبت 30 مارس 2019 من أكثر الأيام فوضى في تاريخ أوروبا لما بعد الحرب، إذا تركت بريطانيا الاتحاد الأوروبي دون وجود اتفاق، حيث كان ينظر إلى فكرة حدوث هذا الأمر على أنه مستحيل عمليا، لكن الوقت ينفد.ويقول البعض إنه يمكن أن تتكدس المركبات على جانبي القنال الإنكليزي حيث تعبر حوالي 11 ألفا و500 شاحنة كل يوم. وبموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، فإنه من المفترض في حالة عدم الاتفاق على صفقة وجوب فحص جميع السيارات وفرض رسوم جمركية على العديد من الشحنات التي تنقلها السيارات. وفي أسوأ الحالات، من الممكن إلغاء رحلات جوية لدى كلا الجانبين، لأن الأساس القانوني للطيران عبر الحدود لن يكون ساري المفعول. ويرى محللون أن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق من شأنه أن تكون له عواقب سياسية على جمهورية أيرلندا، التي يتعين عليها فرض ضوابط جمركية على الحدود مع أيرلندا الشمالية، وهو أمر تقول جميع الأطراف إنها تريد تجنبه بأي ثمن.
مشاركة :