أحدث مقطع مصور لمدير جامعة، ضجة وانقساماً في مواقع التواصل الاجتماعي، بين من يراه «صريحاً يتحدث عن الواقع المعاش»، وآخرون اتهموه بـ«التهجم بطريقة مستفزة» على طالب طرح عليه سؤالاً عن سبب عدم وجود أعضاء هيئة تدريس سعوديين في المسار الطبي الذي يدرسه في الجامعة. وتصدر النقاش بين مدير جامعة محافظة شقراء الدكتور عوض بن خزيم، «الترند» السعودي في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وتحول من قاعة الجامعة إلى حديث الشارع العام. وقف الطالب في فعالية اللقاء المفتوح بين الطلاب ومدير الجامعة، وسأله: «أدرس في السنة التحضيرية، ومن أول أيامي في الجامعة لم أرى استاذاً سعودياً في المسار الصحي، هل استطيع أن أعرف السبب؟ خصوصاً أننا نتماشى مع الرؤية»، ليأتي رد مدير الجامعة صادماً حين رد على الطالب بالقول أن «السبب هو أنت والأجيال السابقة، والاساتذة المتعاقدين جاءوا ليخدموننا في وطننا ولا ينبغي أن نتحدث بهذا الكلام، ونحن جامعة لا نأتي بشخص إلا أن تنطبق عليه الشروط». وأضاف «لدينا إعلانات على مدار السنة مفتوحة، ولم يأتنا سعودياً واحداً في المسار الصحي تنطبق عليه الشروط، ولم يأتنا أي سعودي في أي مجال وتم رفضه، والأساتذة المتعاقدين جاءوا للمحافظة وعجزوا عن إيجاد مدارس عالمية لتدريس أبنائهم، والمحافظات بيئة طاردة، وحتى الطلاب المتميزين لن يأتوا لهذه الجامعات بل سيذهبون إلى جامعتي الملك سعود في الرياض، والملك عبدالعزيز في جدة». هذا ما دار من حوار في المقطع. إلا أن مدير الجامعة ظهر في مقطع آخر ممتدحاً سؤال الطالب، ووصفه بـ«السؤال الجميل جداً الذي يمنحنا فرصة الحديث عن الواقع»، مضيفاً «نجلس أنا ووكيل الجامعة للدراسات والبحث العلمي وكان عميد كلية الطب، بشكل أسبوعي وشهري محاولين أن نأتي بأساتذة، ومع الأسف الشديد أن محافظة شقراء فيها أكثر أطباء موجودين في المملكة، وأنا أتحدى هذه المجموعة الكبيرة أن يقتنع أحد فيهم بأن يأتي لشقراء ليدرس فيها، ولن يأتوا حتى مع الحوافز التي قدمتها الدولة لهم وأعطتهم 40 في المئة، وسمح لنا بأن نعطي الأساتذة علاوات خارج دوام وانتدابات ودورات، ودخل عضو هيئة التدريس في جامعة شقراء أفضل بكثير من دخل أي عضو آخر في أي جامعة». لم يكن إلا سؤالاً عابراً من طالب جامعي، دفعته «رؤية المملكة 2030»، لأن يتحدث عن غياب أبناء وطنه من الأكاديميين في جامعته، فكان رد مدير الجامعة في بداياته «غاضباً»، ليتحول فيما بعد إلى سؤال يستحق الطالب الشكر عليه، هذا السؤال فتح أبواب «معاناة جامعات المحافظات» بحسب وصف مدير الجامعة، بسبب «نفور الأساتذة السعوديين عنها»، مفضلين جامعات المدن الكبرى، وبين من وصف حديث المدير بـ«الصريح البعيد عن المجاملات»، وآخرون رأوا فيه «تعالياً غير مبرر». وانحاز مغردون للطالب بناء على المقطع المنشور، الذي اجتزأ منه تتممته، الذي كان حديث مدير الجامعة يتركز على توضيح وجهة نظره، وكان هادئاً مسترسلاً، وكرر فيه للطالب كلمة «يا أبني»، وكأنه استدرك شدة الخطاب الذي بدأ به، إلا أن الفيديو التكميلي الثاني لم يلق انتشاراً واسعاً على غرار الأول، الذي لاقى «عاصفة انتقادات» من المغردين نحو مدير الجامعة. وقال الإعلامي بندر عطيف في تغريدة نشرها إن «تصريح مدير جامعة شقراء كان استفزازياً، والسعوديون أولى ومن غير المعقول عدم وجود متقدمين من أبناء الوطن إلى هذه الوظائف، والجامعات لأبناء الوطن». ودون الكاتب عبدالله السبيعي أن «كلام مدير الجامعة صحيح وأسلوبه خطأ، ومن المفترض أن المشكلة يوضع لها حلول، ابتداءً من سؤال الطالب بأن يتم وضع إجراء لطلاب الطب، وأن تكون لهم خدمة في المحافظات بعد تخرجهم، وتحسب لهم وفق معايير محدددة». وفي المقابل، دافعت الدكتورة فاطمة ال نصر الله عن مدير الجامعة قائلة: «كلامه صحيح وواقعي، وأسلوبه لا يحمل أي هجوم، وكثير من السعوديين يتهربون من العمل في المحافظات ويفضلون المدن الكبيرة، بسبب نوعية الحياة بالذات إذا كان عندهم أسرة وأولاد». وقال الإعلامي محمد العميري إن «تصريح مدير جامعة شقراء منطقي وواقعي، والرجل حلف بالله أنه لم يتقدم أي سعودي للجامعة، بسبب تفضيلهم العيش في المدن، وامتدح كفاءة الأساتذة المتعاقدين، على رغم بعض الصعوبات التي تواجههم في المحافظة»، مضيفاً «أن بعض كلامه وانفعاله البسيط شدّ انتباه البعض، ولكنه قال الحقيقة بكل وضوح».