هكذا حدث "الموت العظيم" قبل 252 مليون سنة

  • 9/14/2018
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

هل سمعت بـ "الموت العظيم" في تاريخ الأرض، الذي يطلق عليه من ناحية علمية اسم انقراض العصر البرمي الثلاثي، وقد حدث قبل حوالي 252 مليون سنة. في ذلك التاريخ البعيد تغيرت الأرض بشكل كبير وكارثي، حيث عمل بركان ضخم من تخوم سيبيريا على تغطية كوكبنا بسحابة من الدخان وذرى الرماد. واستمر هذا الحال إلى قرابة مليون سنة، ما أدى إلى مقتل معظم الكائنات التي كانت تعيش في تلك الحقبة. هذا الحدث، الذي يدعى بـ "الموت العظيم"، هو أشد عملية انقراض شهدتها الأرض على الإطلاق على حد علمنا، حيث تم القضاء على 96 بالمئة من جميع الأنواع البحرية، و70 بالمئة من جميع الفقاريات الأرضية. وقد كان النشاط البركاني شديدًا جدًا وخلّف وراءه منطقة هائلة من الصخور البركانية، المعروفة باسم الفخاخ السيبيرية، أو البازلت الفيضاني. وتقدر المساحة التي غطاها الأثر الرمادي بحوالي 1.5 مليون كيلومتر مكعب، من الحمم البركانية المنبعثة من الشق البركاني في قشرة الأرض. السؤال المحيّر يقول خبير الجيولوجيا مايكل برودلي من مركز أبحاث علم الصخور والكيمياء الجيولوجية في فرنسا: "لقد كان حجم هذا الانقراض مذهلًا لدرجة أن العلماء تساءلوا في كثير من الأحيان، ما الذي جعل البازلت السيبيريي أكثر فتكاً بكثير من الاندفاعات المماثلة الأخرى". والآن يعتقد برودلي وفريق عمله أنهم قد توصلوا إلى السرّ، بكشف هذا اللغز الذي حيّر العلماء على مدار سنين طويلة. لقد أحدث "الموت العظيم" تغييرات دراماتيكية في الأرض، حيث أصبح الكوكب أكثر دفئًا وتحسنت درجات الحرارة، ما يعزى إلى إطلاق تلك الكميات الكبيرة من المواد المتطايرة البركانية، مثل ثاني أكسيد الكربون. وقد عمل الحدث الكبير على تقليل حجم طبقة الأوزون بأن تصبح أقل سمكًا، وهذا أعاق نمو النباتات وانتشارها. وكتب الباحثون في ورقتهم بأن كمية المواد المتطايرة المتوقع إطلاقها من البركان السيبيري، ليست كافية لخلق هذا التدهور البيئي وما حصل من تقلبات مناخية، تلك التي حدثت في العصر البرمي. والسؤال هنا من أين أتت المواد المتطايرة الإضافية؟ الإجابة الجديدة والإجابة هي أنها كانت مخبأة في الأرض، في الطبقة الخارجية التي تسمى بالغلاف الصخري، وذلك وفقًا لما توصلت إليه الأبحاث. وقد قام الباحثون بدراسة صخور البيريدوتيت التي تشكلت في الرواسب السطحية، من تلك التي جاءت عن طريق تدفق الصهارة البركانية سيبيريا. وقد اختلفت الآراء حول تاريخ هذه العينات المدروسة، ما بين 300 مليون إلى 160 مليون سنة، ولكن المهم بشأنها أنها أظهرت أمرًا مثيرًا للغاية. فقد كشف التحليل عن أنه قبل الانفجار العظيم، فإن الغلاف الليفي السيبيري، كان متخمًا بالعديد من العناصر التي تسمى الهالوجينات، وخاصة الكلور والبروم واليود. هذه العناصر موجودة الآن بمياه البحر، وربما دخلت أيضًا الغلاف الصخري عبر مناطق الاندساس بين الصفائح التكتونية. الهالوجينات هي السبب! وتكشف المقارنة بين الوضع الراهن وتلك العينات القديمة، انخفاضًا حادًا في الهالوجينات، وهذا يشير إلى أن شيئًا ضخمًا قد حدث لإطلاق هذه العناصر من الصخور، مثل ذلك الانفجار العظيم. واستنادًا إلى حسابات الفريق، فإنه قد تم استخراج ما يصل إلى 70 بالمئة من المحتوى المتطاير من الغلاف الصخري، وهذا بدوره يمكن أن يساعد في تفسير الدمار الهائل الناجم عن الحدث. ويختم برودلي قائلًا: "إن الخزان الكبير من الهالوجين الذي تم تخزينه في الغلاف الليفي لسيبيريا تم إرساله إلى الغلاف الجوي للأرض أثناء الانفجار البركاني، ما عمل على تدمير طبقة الأوزون بشدة في ذلك الوقت والمساهمة في الانقراض الجماعي".

مشاركة :