يبحث الحوثيون من جديد احتمال مشاركتهم في جولة جديدة من محادثات السلام في اليمن التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف. ويأتي هذا في وقت تستمر فيه المعارك في محيط مدينة الحديدة، بينما تحذر الأمم المتحدة من تداعياتها على المدنيين. ويطالب الحوثيون بضمانات للمشاركة في المحادثات، وبنقل الجرحى على الطائرة التي تقل الوفد المفاوض. عاد الحوثيون لبحث إمكانية المشاركة في جولة مشاورات سلام جديدة في اليمن تعقد برعاية الأمم المتحدة في "أقرب وقت"، بينما تتواصل المعارك في محيط مدينة الحديدة وسط تحذيرات من تداعياتها على المدنيين. ويأتي الحديث عن محادثات السلام بعد أسبوع من عجز مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث عن إحضار الحوثيين إلى جنيف لعقد أول محادثات سلام بين أطراف النزاع منذ 2016. وانتهت المفاوضات غير المباشرة حتى قبل أن تبدأ بعدما رفض الحوثيون في اللحظة الأخيرة التوجه إلى جنيف من دون الحصول على ضمانات من الأمم المتحدة بالعودة سريعا إلى العاصمة اليمنية الخاضعة لسيطرتهم. كما طالبوا بنقل جرحى على متن الطائرة التي كانت ستقلهم إلى جنيف، مشددين على ضرورة أن تكون الطائرة عمانية وأن تمر عبر مسقط. وقالت وكالة "سبأ" الناطقة باسم الحوثيين الجمعة إن غريفيث التقى في العاصمة العمانية مسقط محمد عبد السلام رئيس وفد الحوثيين الذي كان من المفترض أن يتوجه إلى جنيف وعضو الوفد عبد الملك العجري. وأوضحت أن اللقاء الخميس ناقش "الأسباب" التي حالت دون مشاركة الوفد في مشاورات جنيف، و"الترتيبات اللازمة" لعقد لقاء جديد "في أقرب وقت". الضمانات أولا وأكد عضو الوفد المفاوض التابع للحوثيين حميد عاصم في تصريح عبر الهاتف لوكالة الأنباء الفرنسية الجمعة أن عبد السلام والعجري مقيمان في العاصمة العمانية. وأضاف متحدثا من صنعاء "المحادثات ستبقى تراوح مكانها إلى أن نتلقى ضمانات" بالعودة إلى العاصمة حيث يفرض التحالف العسكري قيودا على حركة الطيران المقتصرة على طائرات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية. وبدأت الأمم المتحدة جهود استئناف محادثات السلام بعدما شن التحالف في 13 حزيران/يونيو هجوما باتجاه مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بقيادة الإمارات الشريك الرئيسي في التحالف. وتدور منذ فشل عقد المحادثات معارك عنيفة قتل فيها عشرات الأشخاص في محيط المدينة التي تضم ميناء رئيسيا تدخل منه معظم المساعدات والمواد التجارية. لكن التحالف يعتبر الميناء ممرا لتهريب الأسلحة ومهاجمة سفن، ويطالب بانسحاب الحوثيين منه ومن المدينة لتجنيبها حرب شوارع. وسيطرت القوات الموالية للحكومة الأربعاء على طريقين رئيسيين قرب مدينة الحديدة، أحدهما "الكيلو 16" الذي يربط وسط المدينة بالعاصمة وبمدن أخرى ويشكل خطا مهما لإمداد الحوثيين. وقال مسؤول في القوات الحكومية إن "اشتباكات متقطعة دارت الجمعة في عدة مناطق في محيط مدينة الحديدة"، مضيفا أن الحوثيين نشروا "مضادات أرضية جديدة على طول ساحل المدينة، وباتوا يستقدمون التعزيزات بشكل مستمر". وذكرت مصادر عسكرية وطبية في محافظة الحديدة أن طيران التحالف شن غارة جوية على موقع للحوثيين عند الأطراف الجنوبية للمدينة مساء الخميس ما أدى إلى مقتل 16 مسلحا، بينما قتل ثلاثة من عناصر القوات الحكومية في هجوم بقذيفة استهدف آلية عسكرية شرق الحديدة. وفي شرق اليمن قتل طيار من التحالف ومساعده الجمعة بعدما تسبب "خلل فني" في تحطم طائرتهما خلال عملية "لمكافحة الإرهاب"، حسبما أعلن المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي. "الحديدة تنادي" ويطالب الحوثيون عبر وسائل الإعلام الموالية لهم، وبينها قناة "المسيرة"، مؤيديهم بالدفاع عن مدينة الحديدة في ظل تصاعد المعارك. وقال إمام صلاة الجمعة في مسجد ذي النورين الذي يرتاده مؤيدو الحوثيين في صنعاء "الحديدة تنادي الجميع، والحديدة ملك لجميع اليمنيين ويجب الدفاع عنها". وكانت الإمارات قد أعلنت في بداية في آب/أغسطس عن تعليق الحملة العسكرية باتجاه المدينة بعدما وصلت القوات الحكومية إلى مشارفها، إفساحا في المجال أمام محادثات السلام. ورغم المعارك الجديدة في محيطها، ذكر مسؤولون عسكريون في القوات الحكومية أن هذه المعارك لا تعني استئناف الحملة، وإنما هدفها السيطرة فقط على طرق رئيسية قرب المدينة. والجمعة أكّدت الإمارات أن العملية تسري كما هو مخطط لها، وأن أحد أهدافها هو محاصرة المدينة. وكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حسابه بتويتر "تحقق عمليات الحديدة الحالية أهدافها بنجاح ومعنويات الحوثي في الحضيض والخسائر في صفوفه كبيرة جدا والطوق المحيط به يكتمل". وتابع "غيابه عن مشاورات جنيف له ثمن باهظ يدفعه في الميدان خسارة تلو الأخرى. ما زلنا على قناعة أن تحرير الحديدة مفتاح الحل في اليمن". من جهته، اتّهم وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا معمر الأرياني في سلسلة تغريدات الحوثيين بتحويل مخازن منظمات تابعة للأمم المتحدة في محافظة الحديدة إلى مواقع عسكرية. واعتبر الحوثيون في بيان أن هذا الاتهام يمهّد الطريق أمام طائرات التحالف لقصف هذه المخازن. وكانت منسقة الشؤون الانسانية في اليمن ليز غراندي قد حذرت من أن مصير "مئات الآلاف" من اليمنيين بات معلقا في محافظة الحديدة. بدوره حذر المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي إرفيه فيرهوسيل الجمعة في جنيف من أن الاشتباكات "يمكن أن تؤثر على قدرتنا على إطعام ما يصل إلى 3,5 مليون شخص". ومنذ التدخل السعودي، قتل في اليمن نحو 10 آلاف شخص غالبيتهم من المدنيين. فرانس24/ أ ف ب نشرت في : 14/09/2018
مشاركة :