يتداول السعوديون هذه الأيام نكتة في غاية الطرافة عن وعود وزارة الإسكان، التي مازالت تداعب أحلامهم ببياناتها، وتصر إصراراً عجيباً على استمرار هذه المداعبة، بتصريحات متتالية عن طريقة احتساب نقاط الاستحقاق، وتطوير هذه الطريقة، وعدد المستحقين النهائي، ثم عدد المستحقين النهائي بعد المراجعة والتطوير، وما إلى ذلك؛ لتصبير الصابرين أكثر. تقول النكتة: إن تاجراً افتتح محلاً من أربعة أدوار لبيع الدجاج، وعيّن في كل دور «محاسباً»؛ لاستقبال الزبائن، دخل الزبون الأول إلى المحل وتوجه إلى المحاسب طالباً دجاجة، فسأله: هل تريدها حية أم مذبوحة؟ أجاب: مذبوحة، فطلب منه الصعود إلى الطابق الثاني، صعد الزبون واتجه إلى المحاسب الموجود في ذلك الطابق طالباً الدجاجة المذبوحة، فسأله: هل تريدها مبردة أم مثلجة؟ أجاب الزبون: مبردة، فطلب منه المحاسب التوجه إلى الطابق الثالث، تململ الزبون قليلاً ثم صعد إلى الطابق الثالث واتجه إلى المحاسب مباشرة قائلاً: خلصونا يا أخي، أريد دجاجة مذبوحة مبردة، فالتفت إليه المحاسب سائلاً: هل تريدها كما هي أم مقطّعة؟ أجاب: مقطعة، فطلب منه الصعود إلى الطابق الرابع، تعوذ الزبون من الشيطان وكتم غيظه وصعد إلى الدور الرابع واتجه إلى المحاسب قائلاً: أخي الكريم أريد دجاجة مذبوحة مبردة مقطعة بسرعة لو سمحت، ضحك المحاسب ثم قال: في الحقيقة ليس لدينا دجاج حالياً، لكن أجبني بأمانة ما رأيك في التنظيم؟! إستراتيجية وزارة الإسكان لا تختلف كثيراً عن إستراتيجية صاحب محل الدجاج، فهي الوزارة الوحيدة التي استهلكت أعواماً عدة في تصريحات عن تنظيم يتلو تنظيم؛ لحصر أسماء المواطنين الذين يعانون من مشكلة عدم امتلاك مساكن، لكنها لم تسلم أحداً مسكناً حتى هذه اللحظة، باستثناء النازحين من قرى الحدود الجنوبية؛ بسبب الحرب، وهو مشروع لا علاقة له بمشاريع الإسكان العام، وإن استُخدم ورقةَ «تصبير» تضاف إلى أوراق «التصبيرات» المتتالية. قبل أعوام بنت وزارة الدفاع مدناً نموذجية لإسكان منسوبيها وأسرهم، وهي مدن متكاملة حديثة الطراز، استوعبت آلاف الأسر في تبوك وحفر الباطن وعسير وغيرها من المناطق، وكذلك فعلت وزارة الحرس الوطني، ومازالت مستمرة في بناء وتوسيع مشاريع إسكان منسوبيها حتى اليوم، ومع ذلك لم يسمع السعوديون من هاتين الوزارتين نصف تصريحات وزارة الإسكان.. فما المشكلة بالضبط؟ أعتقد بأن مشكلة وزارة الإسكان مشكلة إدارية قبل أي شيء آخر، فهي عاجزة تماماً عن إدارة الأولويات، وغير قادرة على استلهام التجارب الناجحة من الدول الأخرى وتطبيقها، ولعل المؤسف والمحزن أن نضطر إلى الاعتراف بتفوق أشد الأعداء علينا في مسألة كهذه، فنحن نشجب ونستنكر كل يوم ممارسات وزارة الاستيطان الإسرائيلية، التي تغتصب الأراضي العربية وتقيم عليها المستوطنات المتكاملة بين عشية وضحاها، من دون أن نسأل أنفسنا كيف يفعلون ذلك بهذه السرعة؟ وأي تنظيم وإستراتيجية يتبع هؤلاء اليهود؟ Hani_Dh@
مشاركة :