تونس - وسعت الحكومة التونسية رهاناتها على الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص كأحد أبرز التقاطعات المفصلية في طريق إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية الخانقة. ويؤكد خبراء أن السير في هذا الاتجاه سيعزز من الاستثمارات، التي قفزت منذ بداية العام الجاري لمستويات معقولة قياسا بالسنوات السابقة، وسيسرع من تنفيذ المشروعات في ظل قانون الاستثمار الجديد المتضمن لحوافز كثيرة مشجعة، كما أنها ستخفف من الأعباء المالية الملقاة على كاهل الدولة. يوسف الشاهد: سنواصل في 2019 الإصلاحات الاقتصادية التي لا تحظى بتأييد شعبي يوسف الشاهد: سنواصل في 2019 الإصلاحات الاقتصادية التي لا تحظى بتأييد شعبي وستطرح الحكومة خلال منتدى دولي سيعقد الثلاثاء المقبل في العاصمة، وسيشارك فيه مستثمرون أجانب ومؤسسات مالية دولية، 33 مشروعا للشراكة بين القطاعين بقيمة تقدر بنحو 13 مليار دينار (4.7 مليارات دولار). وتشمل المشاريع، التي قال وزير الاستثمار والتعاون الدولي، زياد العذاري، خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الجاري إنها “ستنعش الاقتصاد وستوفر فرص عمل جديدة وستزيد عوائد البلاد من العملات الأجنبية”، العديد من المجالات الحيوية، في مقدمتها الطاقة والمياه والبيئة والنقل والخدمات اللوجستية والبنية التحتية والتكنولوجيا. ونسبت وكالة رويترز للعذاري قوله “نريد أن يدرك المستثمرون اليوم أن تونس أصبحت وجهة تنافسية تتمتع بالعديد من الامتيازات ونحن نهدف إلى جذب المستثمرين من أوروبا وأميركا والخليج”. وأشار إلى أن مشاريع الشراكة بين القطاع العام والخاص تتضمن بشكل أساسي ميناء المياه العميقة في مدينة النفيضة التابعة لولاية سوسة ومشروع مترو في مدينة صفاقس جنوب البلاد. وشهدت الاستثمارات الخارجية ركودا خلال السنوات السبع الماضية، وقد غادرت نحو 500 شركة البلاد لكن تونس تهدف لإعادة جذب المستثمرين الأجانب في ظل استقرار الأوضاع الأمنية في العاميين الأخيرين وإقرار قانون جديد للاستثمار. وتظهر البيانات الرسمية أن الاستثمارات الخارجية في النصف الأول من العام ارتفعت بنحو 17.7 بالمئة، بمقارنة سنوية، رغم الوضع الضبابي بسبب التجاذبات السياسية، التي ألقت بظلال قاتمة على معيشة الناس. ولا تزال تسود حالة من التشاؤم بين التونسيين مع استمرار الحكومة في اتخاذ تدابير ترقيعية بدل القيام بإصلاحات عميقة سريعة تمكنها من الخروج من الأزمة المتفاقمة التي عكستها مؤشرات التضخم المرتفعة ومع تدهور قيمة الدينار لمستويات تاريخية وتسارع تبخر الاحتياطات النقدية واللجوء أكثر للاقتراض. وفي محاولة لتطمين التونسيين، قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد أمس إن بلاده “لن تفرض ضرائب جديدة على الأشخاص أو الشركات في موازنة 2019، لكنها ستستمر في إصلاح نظام الدعم المكلف”. كما تعهد بالمضي قدما في قرارات لا تحظى بتأييد شعبي، مؤكدا أن الحكومة ستنفذ العام المقبل إصلاحات تشمل الإعانات والمساهمات في الرفاه الاجتماعي. وكافحت البلاد من أجل تحقيق مطالب المانحين لإصلاح اقتصادها وخفض العجز في موازنتها، والذي يتوقع أن يبلغ 4.6 بالمئة هذا العام، مقارنة مع 6 بالمئة في الموازنة السابقة، في ظل اضطرابات منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في 2011. زياد العذاري: تونس تهدف اليوم إلى جذب المستثمرين من أوروبا وأميركا والخليج زياد العذاري: تونس تهدف اليوم إلى جذب المستثمرين من أوروبا وأميركا والخليج وفي ظل عدم رغبتها في تقليص حجم الخدمة المدنية المتضخم بسبب مقاومة مثل ذلك الإجراء من جانب النقابات العمالية، رفعت الحكومة الضرائب عدة مرات، ما تسبب في أعمال شغب امتدت لأسابيع في يناير الماضي. ويمارس صندوق النقد الدولي ضغوطا على تونس من أجل خفض العجز في موازنتها ورفع أسعار الوقود والكهرباء، من أجل الحصول على قرض بقيمة 2.9 مليار دولار يساعد الدولة على إنقاذ اقتصادها. ورفعت تونس أسعار الوقود مطلع هذا الشهر بنحو 4 بالمئة، وهي الزيادة الرابعة خلال العام الجاري، في مسعى للضغط على الفجوة المالية في الميزانية التي اتسعت في أعقاب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. ويقول المسؤولون إن تكلفة دعم الوقود هذا العام سترتفع من حوالي 542 مليون دولار متوقعة إلى حوالي 1.55 مليار دولار بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، بعد تجاوز البرميل حاجز 70 دولارا. وكان مسؤول حكومي كبير قد قال لوكالة رويترز الخميس إن تونس تحتاج تمويلات بـ3.6 مليار دولار العام المقبل منها 2.53 مليار دولار تمويلات خارجية. وتعتزم تونس إصدار سندات دولية بقيمة مليار دولار في السوق الدولية مطلع أكتوبر المقبل بعد أشهر من التأجيل للمساعدة في سد عجز ميزانية العام الحالي. ويرى محللون أن لجوء البلاد للاقتراض قد يكون سببا لانفجار فقاعة الديون في أي لحظة لأن المشكلة الأكبر أمام الحكومة ستكون في كيفية سداد تلك الديون مع فوائدها المرتفعة خاصة وأن عملية الاستخلاص تتم بالدولار. ومن شأن ارتفاع قيمة الدين، الذي يقترب من 72 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 27.3 مليار دولار، أن يضعف جدارة تصنيف تونس لدى وكالات التصنيف الائتماني العالمية مستقبلا.
مشاركة :