أسئلة حول قانون تمويل الحملات الانتخابية الأميركية

  • 9/16/2018
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

هل من غير القانوني أن تبلّغ مرشحة سياسية برأيك في قضية وتهدد بدعم خصمها إن لم توافقك الرأي؟ قد يبدو من السهل الإجابة عن هذا السؤال المباشر، لكن الحقيقة ليست كذلك. فهذا الأمر في حد ذاته يمثل إدانة لمئات الصفحات من القواعد واللوائح والقوانين التي تحكم تمويل الحملات الانتخابية. بدأ الضجيج الأسبوع الحالي في مدينة «ماي» عندما تخطى التمويل الذي قدمه الجمهور عن طريق جماعتين ليبراليتين بهدف الضغط على عضو الحزب الجمهوري السيناتورة سوزان كولينز مبلغ مليون دولار. لكن ثمة خدعة واحدة تتمثل في أن المجموعتين ستقدمان التمويل فقط حال صوتت كولينز في صالح مرشح المحكمة العليا بريت كافانا. وسيحصل المرشح الديمقراطي المفترض على المال حال ترشحت كولينز مرة أخرى عام 2020.لكن كولينز قالت إن العرض «ليس سوى محاولة لرشوتي»، فيما جادل آخرون بأن المنظمين؛ جماعتي «سكان مدينة ماين للقيادة المسؤولة» و«اتحاد سكان ماين» وموقع «كراود باك» المعني بجمع التبرعات لصالح الحملة، جميعهم يخالفون القانون الفيدرالي.في المجمل، فإن أغلبية العمل السياسي ترتكز على التعاملات؛ فالناخبون يطالبون المرشحين بفعل (أو عدم فعل) أشياء معينة، ويعرضون الدعم أو يلوحون بسحبه اعتماداً على رد فعل المرشح. وتدرك كولينز أن كل تصويت رفيع المستوى - حتى التصويت المستند إلى مبدأ - سيبعد بعض الناخبين والمتبرعين وسيسعد البعض الآخر. لكن هل هذا تكتيك مشروع؟يعتبر الباب 18 من «مدونة قوانين الولايات المتحدة» أول قانون وثيق الصلة بهذا الأمر الذي يحظر على أي شخص تقديم شيء ذي قيمة لأي مسؤول حكومي بهدف التأثير في أي إجراء رسمي. وفي القضية التي نحن بصددها الآن، فإن المنظمين والمتبرعين هنا يسعون وبوضوح إلى التأثير في طريقة سير إجراء رسمي وهو التصويت للمرشحة كولينز كافانا. لكن أليس ذلك «فساداً»؟رأى آخرون أن ذلك البند لا ينطبق على تلك الحالة، لأن المتبرعين لا يقدمون أي شيء لكولينز لأن المال سيذهب لغيرها.أعتقد أن الإجابة عن الأسئلة السابقة واضحة وهي «لا». فالبعض سيعتبر أن هذا التصرف ما هو إلا رشوة لو أن جماعة مؤيدة هددت بجلب 100 ألف صوت انتخابي معارض إذا لم يسير الموظف الحكومي في الاتجاه المطلوب في قضية ما. لكن هل يمكن لمدعٍ عام أميركي طموح أن يجد دليل إدانة أو صفقة للمقايضة استناداً إلى القانون الذي «يحظر تقديم أي شيء ذي قيمة؟». أعتقد أن هذا وارد، لكن هل سيحكم القاضي بالإدانة؟ تلك قضية أخرى.إن حالات الشك توضح التعقيدات الخطيرة التي تحيط بالفساد العام لدينا وبقانون تمويل الحملات الانتخابية. فالأميركيون ليسوا مطالبين باستشارة محامٍ قبل التفكير في تأييد مرشح سياسي، لكن حتى في هذه الحالة تظل الإجابة غير واضحة في كل الأحوال.العنصر الثاني هنا هو قانون تمويل الحملات الانتخابية الذي يحظر دعم المؤسسات المباشر للمرشحين. وقد جادلت مؤسسة «كراودباك» الربحية وغير السياسية بأن أساليب جمعها للتبرعات قد حازت تصديق «لجنة الانتخابات الفيدرالية» وفق فتوى صدرت عام 2014. لكن تلك الفتوى استندت جزئياً إلى تأكيد «كراودباك» أنها ستقدم «فرصاً متساوية لجميع المرشحين»، وأنها «لن تعمل على أسس حزبية». بيد أن «كراودباك» تجاهلت هذا التعهد بداية العام الحالي وأوقفت حملات جمع التبرعات للمرشحين الجمهوريين، ولذلك يجب ألا تحميها تلك الفتوى بعد الآن.وهنا يبرز السؤال: هل يتعين على مؤسسة «كراودباك» خدمة جميع القادمين؟ نحن لا نطالب بمستشاري الفتوى ولا بآلات طباعة لخدمة جميع المرشحين. ففي فتوى صدرت لاحقاً، صوتت «لجنة الانتخابات الفيدرالية» بعدم اشتراط تقديم مؤسسة «كراودباك» خدمات للجميع. لكن أعضاء اللجنة الثلاثة من الحزب الديمقراطي رفضوا تلك الفتوى، ولذلك بقي الأمر على ما هو عليه. وفي حال تقديم شكوى، سيكون مسلياً أن ترى طريقة تصويت اللجنة. فقد يكون موقف «كراودباك» أخطر مما تعتقد.إذا نحينا القانون جانباً، يمكننا القول إن «كراودباك» تملأ الدنيا صراخاً بالقول: «صوّت حسب هوانا... وإلا». لكن ما يبعث على الطمأنينة هو أنه بصرف النظر عما نشعر به تجاه المرشحة كافانا، هو أن مؤسسة «كراودباك» ليس أمامها فرص للنجاح لأنه من المرجح ألا تغير كولينز من وجهة صوتها بسبب التهديد الذي تمثله تلك التبرعات.ولمن يقولون إن المال هو سبب كل شرور السياسة، أقول إن نتيجة الانتخابات ستغير هذا الاعتقاد.- خدمة «واشنطن بوست»

مشاركة :