تحقيق: محمد إبراهيم كان التعليم وما زال يحتل الصدارة في بناء الأجيال، ونهضة المجتمعات، إذ يعتبره المحللون والخبراء والتربويون، المحرك الرئيسي في اقتصادات الدول «نهضتها» و«نكستها»، فتطويره ضرورة حتمية تفرضها المتغيرات المتسارعة في المجالات كافة.وتشكل المناهج، أحد أهم عناصر المكون التعليمي، التي تستند إليها وزارات التعليم في مختلف دول العالم، لبناء أجيالها بما يتوافق مع المستجدات، واحتياجات المستقبل، من هنا جاءت إلزامية التطوير المستدام لمحتوياتها ومساراتها وأهدافها، وهذا ما ركزت عليه وزارة التربية والتعليم في رحلة تشييد المدرسة الإماراتية، التي اتخذت من التطوير المستدام، عنواناً عريضاً لبناء مخرجات متسلحة، بمفاهيم الإبداع والتميز، وعقول تمتلك مهارات البحث والتحليل والتفكير الناقد.المتابع لمسارات تطوير المناهج في المدرسة الإماراتية، مع انطلاقة العام الدراسي 2018-2019، يجد أنها تخطو وفق مسارات متنوعة، تستهدف الطلبة في جميع مراحل التعليم، مرتكزة على رفد المناهج بالمفاهيم الجديدة والمتغيرات المستقبلية، محتويات تحاكي قدوم الثورة الصناعية الرابعة، وتنامي مسارات الذكاء الاصطناعي وعلوم البرمجة والروبوت والفضاء.ووصف عدد من الخبراء والتربويين، مناهج المدرسة الإماراتية بـ «المعارف المطورة» التي تلبي احتياجات الطلبة من المهارات المستقبلية، بعلومها ومعارفها، من مرحلة دراسية لأخرى، بدون عناء أو تراجع في المستويات، ليسبحوا في فلك منظومة تعليمية مطورة متناسقة، تعمل وفق معايير نظم التعليم العالمية.وأكد عدد من التربويين أن تطوير المناهج، خطوة جادة نحو مجتمع واقتصاد المعرفة، الذي يعتبر المحرِّك الرئيسي لعملية النمو المستدام وخلق الثروات، وفرص التوظيف في كل المجالات، إذ يقوم على أساس إنتاج المعرفة، وتوظيفها في الأمور الحياتية.«الخليج» التقت عدداً من خبراء التعليم، والتربويين، للوقوف على المشهد التطويري في مناهج وتقييمات وزارة التربية، وماهية هذا التطوير، وأهميته وأهدافه التي تحملها لنا مساراته، وآثارها في المنتج التعليمي في المستقبل، وسبل الوصول إلى مجتمع المعرفة، ومحاكاة المفاهيم الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والبرمجة. تطوير مستدام البداية كانت مع حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، الذي أكد أن مناهج المدرسة الإماراتية الدراسية، تواكب تطلعات الدولة، وخططها المستقبلية، لاسيما فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي وعلوم البرمجة والروبوت والفضاء، ما يفرزه قدوم الثورة الصناعية الرابعة، مضيفاً أن الوزارة تتطلع من خلالها إلى تأهيل كوادرنا الوطنية ورفدها بأجود العلوم والمعارف والمهارات.قال إن تطوير المناهج واستحداثها عملية مستمرة، لمواكبة كافة المهارات والمستجدات المستقبلية التي تكشف عنها المتغيرات المتسارعة عالمياً في المجالات كافة، مشيراً إلى مواءمة المواد بشكل أفقي لجميع المراحل الدراسية، لضمان تكامل المهارات والمحتوى وتعزيزهما وترسيخهما، لتوسيع آفاق الطلبة وتلبية ميولهم، وهذا بالطبع يجري مع التطوير الطبيعي للمناهج، بما يضمن مواكبتها للعديد من الأبحاث مع الأخذ بعين الاعتبار التغذية الراجعة من الميدان. مواكبة التطلعات وأكد أن مناهج الإمارات قادرة على مواكبة التطلعات، وتعليم المدرسة الإماراتية، نوعي يركز على رفد الطلبة بالمهارات الحديثة، فضلاً عن دعمه للجهود الوطنية في التحول إلى اقتصاد المعرفة، ويتيح للطلبة المنافسة والتفوق على أقرانهم على مستوى العالم، فعملية التطوير مستمرة لا تتوقف، والمبادرات النوعية والسياسات الداعمة لمنظومة التعليم «مستدامة»، وهناك انطلاقات جديدة في مختلف الاتجاهات سنوياً.وأفاد بأن الوزارة، تركز على التطوير المستدام، الذي بات ركيزة أساسية في عملها، لتصبح المدرسة الإماراتية حاضنة للإبداع والابتكار واكتساب الطلبة مهارات القرن 21، وركيزة في تحول الدولة نحو مجتمع اقتصاد المعرفة المستدام، لتواكب طموحات الدولة ورؤيتها التنموية، فضلاً عن تتويج مئوية الإمارات بأجيال متسلحة بالعلم وإنتاج المعرفة. مجتمع المعرفة ويرى الخبير التربوي الدكتور وافي الحاج أهمية التركيز على تطوير المناهج لرفع أداء الطلبة بما يتماشى مع المستجدات العالمية في التعليم، ويحاكي في الوقت ذاته مجتمع المعرفة، وتطوير المعلمين وأدائهم المهني من خلال برنامج تدريبي مستمر متنامٍ، وفقاً لما يشهده من مستجدات، لمواكبة الحراك العالمي في مهنة التدريس، معتبراً أن معلمات الرياض أهم الفئات في المدارس، إذ يتعاملن مع أطفال في مرحلة تطوير مهمة، ينبغي دخلوهن في خطة تطويرية مستمرة وخاصة، تختلف في مضمونها عن تلك الشائعة بين معلمي المراحل الأخرى، فالتطوير والتنمية المهنية المستمرة، توفران ظروفاً ومواقف تعلم مناسبة لهؤلاء الأطفال.وأفاد بأن مسارات تطوير المناهج، شهدت أشكالاً وملامح متنوعة، ركزت في مضمونها على إثراء المهارات الطلابية، وتطوير البيئة المدرسية لتكون أكثر جذباً للمتعلمين، لتحقيق أعلى درجات جودة المخرجات، التي تستطيع أن تواكب متغيرات التعليم الحديثة، وتحاكي في الوقت ذاته مجتمع المعرفة واقتصاده واتجاهاته وأهدافه كافة. صورة تراكمية ويرى الدكتور يوسف العساف رئيس جامعة روشستر بدبي، أن التطورات التي تشهدها مناهج المدرسة الإماراتية، تعتبر ركيزة أساسية لبناء شخصية الطالب، فضلاً عن تعزيز الهوية الوطنية، وغرس القيم والأخلاق وعادات وتقاليد المجتمع الإماراتي، في نفوس الأبناء، وتوثيق صلة الطالب بالتعليم، لاسيما أن المنهاج المطور يتناول الموضوعات الدراسية بصورة تراكمية ابتداء من الصف الأول حتى نهاية المرحلة الثانوية، تماشياً مع النمو العقلي للطفل من الأبسط إلى الأعلى.وأضاف أن المحلل لتلك المناهج يرى أن الوزارة راعت البعدين البيئي والوطني في النصوص والمعالجات وتعزيز مفاهيم الاستدامة، مستندة إلى عدد من الأهداف، تتبلور في قدرة الطلبة على تطبيق مهاراتهم ومعارفهم الجديدة في مختلف المواقف والسياقات بالغة التعقيد، فضلاً عن التركيز على مهارات المستقبل، وكيفية التعامل مع مفاهيم الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة والبرمجيات، وتطبيق المعارف المتنوعة، وإتقان مهارة التفكير النقدي بمختلف القضايا المهمة، والمشاركة في حل المشكلات، وتعزيز مهارات القرن الـ 21 من عناية بمهارات التفكير.وأوضح وفق وجهة نظره، أن الكتب المطورة ركزت في مضمونها على المهارات وليس المعارف فقط، إذ تسهم المهارة في تناول المعرفة والاستفادة منها وتطبيقها، كما تم التركيز على مهارات التفكير بمختلف أنواعها، فضلاً عن تنوع مصادر التعلم لدى الطالب، من خلال مصادر متنوعة للمعرفة، كما رفدت المناهج بالمواد المساندة، واحتوت على مهارات البحث وتقنياته والأنشطة الاثرائية والأنشطة الذاتية. مستجدات وتطويرات ويرى الدكتور فارس الجبور، أن جميع مناهج المدرسة الإماراتية، أصبحت مطورة، وما زالت عملية التطوير مستمرة، إذ يطالعنا كل عام دراسي جديد بمستجدات وتطويرات جديدة لم تكن موجودة من قبل، وفقاً للمتغيرات الحديثة التي يشهدها التعليم العالمي، لاسيما أنها تركز على إكساب الطالب مهارات المستقبل. وأضاف أن ثمة تحسناً في مهارات المتعلم وزيادة في قدراته وتنميتها في حل المشكلات، فضلاً عن زيادة التفكير المنطقي والنقدي لدى الطالب، الذي أصبح بخلاف السابق له دور في المادة التي يتعلمها ولا يحفظها بل يفكر بها ويوظفها ويحللها. مواكبة المتغيرات أكدت أندريا زافيراكو، معلمة الفنون والمنسوجات في مدرسة ألبرتون كوميونيتي، برنت، لندن، المملكة المتحدة، الفائزة بجائزة أفضل معلمة على مستوى العالم 2018، أن التركيز على تطوير المناهج، يسهم في مواكبة المتغيرات التي تشهدها العملية التعليمية في مختلف دول العالم، فضلاً عن إجادة المعلم عدداً من اللغات يمكنه من التواصل مع مختلف الطلبة بجنسياتهم المختلفة. مهارة تعليمية أكد خبراء وتربويون لـ«الخليج»، أن مناهج المدرسة الإماراتية، تتناسب ومتطلبات القرن الواحد والعشرين من حيث استخدام الاستراتيجيات التي تلائم المراحل العمرية للطلبة، وطبيعة المهارة التعليمية، فضلاً عن توفير مهارات التفكير العليا مثل: حل المشكلات والتفكير الناقد والتفكير الاستقصائي والتحليل والتطبيق إلى جانب، مهارات التفكير الابتكاري بعناصره الثلاثة «الطلاقة والمرونة والأصالة».
مشاركة :