إفريقيا تتصدر قائمة المدن الأسرع نموا في العالم

  • 9/16/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كريم كين هو نجار وليس مضاربا. لكن قطعة الأرض التي اشتراها قبل عقد من الزمان تساوي نحو 25 مرة السعر الذي دفعه مقابلها. في عام 2007، باعه رئيس القرية إياها مقابل ما يعادل نحو 450 دولارا. بنى كين منزلا لزوجته وأطفاله الستة على الأرض التي يقدر سعرها اليوم بنحو 11 ألف دولار. المنطقة التي يعيش فيها ليست أكثر من مجرد تلال موحلة مع قطع من الأراضي المتفرقة لتربية الأبقار والأغنام. يقود الباعة الجائلون عربات تجرها الحمير محملة بأوعية بلاستيكية من المياه الصالحة للشرب. لكن على الرغم من مظهرها شبه الريفي، لا يشك كين أنه مقيم الآن في عاصمة مالي. يقول "أنا من باماكو"، مستخدما الكلمة الفرنسية التي تعني مواطن من باماكو. لقد أصبحت إفريقيا بصورة غير ملاحظة تقريبا القارة الأسرع تمدنا في العالم. وخلال الفترة من عام 2018 إلى عام 2035، تتوقع الأمم المتحدة أن تكون المدن العشر الأسرع نموا في العالم إفريقية. إنه اتجاه استحوذ بالفعل على كين، الذي تم ابتلاع أرضه من قبل يريمادو، الحي الأسرع نموا في باماكو، التي قد تكون هي نفسها المدينة الأسرع نموا في إفريقيا. في أجزاء من الحي تتنافس أكواخ بناها أشخاص وصلوا أخيرا من الريف مع منازل يتم تشييدها من قبل مواطنين من باماكو ممن يقتنصون قطع الأراضي الأرخص في أطراف المدينة. وفي الوقت الذي تنمو فيه المدينة بوتيرة متصاعدة، فإنها تثير مشاكل لوجستية ضخمة أمام السلطات التي تعاني شحا في الموارد المالية ـ وهي صورة تتكرر في جميع أنحاء القارة. وفقا لدراسة أجراها البنك الدولي، 472 مليون شخص من سكان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يعيشون في المدن. ويعني ارتفاع معدلات المواليد والهجرة من الريف أن عدد سكان المناطق الحضرية في إفريقيا سوف يزيد عن الضعف ليصل إلى مليار نسمة بحلول 2040، وهو معدل يتجاوز بكثير التمدن في أي مكان آخر في العالم. يقول تان فوف هوف، وهو زميل بارز في "سيتي مايرز"، التي تضع عاصمة مالي في أعلى القائمة مع معدل توسع سنوي يبلغ 4.5 في المائة، إن الاتجاه أكثر أهمية من التصنيف الدقيق. وتشير تقديرات من الأمم المتحدة إن مدنا أخرى، بما في ذلك دار السلام، عاصمة تنزانيا التي يبلغ عدد سكانها نحو خمسة ملايين نسمة، تنمو بوتيرة أسرع من باماكو. تمتص بعض المدن الضخمة في إفريقيا، بما فيها لاجوس، العاصمة التجارية في نيجيريا التي يبلغ عدد سكانها 21 مليون نسمة، وكينشاسا، العاصمة الفوضوية للكونغو الديمقراطية، مئات الآلاف من السكان الجدد كل عام. وتنمو المدن الأصغر حجما مثل ياوندي في الكاميرون بالسرعة نفسها تقريبا. التمدن هو الذي ساعد في إشعال رواية "نهوض إفريقيا" التي روجت لها شركات مثل "ماكينزي" التي أبرز تقريرأصدرته عام 2016 المدن كمحرك للإنتاجية. ذكر التقرير أن 24 مليون إفريقي آخر سيعيشون في المدن كل عام خلال الفترة من عام 2015 إلى 2045، مقارنة بـ 11 مليونا في الهند وتسعة ملايين في الصين. وأضاف: "لدى التمدن علاقة قوية بمعدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي". وأردف: "الإنتاجية في المدن أكثر من الضعف مقارنة بالريف". ويقدر البنك الدولي عدد سكان باماكو اليوم بـ 3.5 مليون نسمة، أي أكثر من عشرة أضعاف عددهم عند الاستقلال في عام 1960. لكن إدارة النمو الحضري، مع مشاكله المرتبطة بتوفير الخدمات، والإسكان، ومواجهة الجريمة، والازدحام، أصبحت أحد أكبر تحديات السياسة في القارة. يقول عيسى ندياي، أستاذ الفلسفة في جامعة باماكو، عن نمو مدينته المطلق "هذه كارثة متوقعة بالنسبة لي". ويضيف "باماكو قنبلة موقوتة". ويلاحظ أن باماكو، مثل كثير من المدن الأخرى في إفريقيا، تفتقر إلى الموارد والقدرة المؤسسية للتعامل مع النمو الهائل. فلا يوجد حتى سجل مناسب للأراضي، ما يعني أن العديد من الدعاوى يمكن أن تكون عالقة في المحكمة لأعوام حول قطعة الأرض نفسها. ويرى ندياي أن الارتفاع الحاد في أسعار الأراضي أدى إلى تفشي الفساد، زاعما أن الأراضي المخصصة للمدارس في الحي الذي يسكن فيه تم بيعها من قبل مسؤولين عديمي الضمير. ويقول إن التوسع الحضري السريع حرم الناس من الخدمات. "لم يكن هناك أي تخطيط على الإطلاق لنظام الطرق، أو تصريف المياه، أو الكهرباء أو النقل الحضري". ومنذ عام 2005، ارتفع عدد سكان حي يريماديو من نحو 20 ألفا إلى 190 ألفا، وفقا لمسؤولين في منظمة صحية تخدم المنطقة. وفي أجزاء من الحي تشارك السكان المحليون في حملة للحصول على أنبوب مياه دائمة، وفي أجزاء أخرى حفروا آبارهم الخاصة. تخلى يوبا دياكيت عن مهنة الزراعة المملة، حسب قوله، ليجرب حظه في المحاسبة في باماكو. ويقول إن النساء في مسكنه المستأجر، حيث تنحشر عائلات بأكملها في غرفة واحدة، وتستيقظ قبل الفجر كما تفعل في القرية "تستنفد نسائنا قواهن بسبب مسألة المياه هذه". يقول سوميك لال، الخبير الاقتصادي لدى البنك الدولي المختص بالتنمية الحضرية في إفريقيا، إن تمدن القارة يسبق دخلها. ويقول إن إفريقيا متمدنة بنسبة 40 في المائة، بينما يبلغ نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي نحو 1100 دولار. وفي الوقت الذي بلغ فيه التمدن في آسيا 40 في المائة كان نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي 3500 دولار. وتم التوسع في باماكو سريعا بشكل خاص بسبب هروب الناس من شمالي مالي ووسطها، وهما منطقتان غير مستقرتين منذ أن سيطرت عليهما مجموعة مرتبطة بالقاعدة في عام 2012، قبل طردها على يد قوة عسكرية قادتها فرنسا. في وزارة الإسكان وتخطيط المدن، يعي المدير عبد الرحمن دياوارا التحديات بشكل جيد. يقول: "من الصعب تنفيذ الخطط التي نملكها، ناهيك عن خطة للمستقبل"، وهو يلوح مهددا بوثيقة تحمل عنوان باماكو هورايزون 2030. ويضيف: "يجب أن تكون باماكو شيئا نافعا للبلاد"، قبل أن يسترخي على كرسيه. "بدلا من ذلك، إنها مشكلة

مشاركة :