انقسام في المغرب حول مشروع قانون يلزم الإناث والذكور بالخدمة العسكرية

  • 9/16/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يناقش البرلمان المغربي بدءا من الأسبوع المقبل مشروع قانون أعلنه الديوان الملكي وأقرته الحكومة في آب/أغسطس ويقضي بإعادة فرض إلزامية الخدمة العسكرية للشباب ما بين 19 و25 عاما للذكور والإناث على حد سواء. وانقسم الشارع المغربي بين مؤيد يرى فيه فرصة وحلا لأزمات اجتماعية واقتصادية، ومعارض يعتبره "عسكرة للشباب وقرارا رجعيا" لا طائل منه. تشغل عودة الخدمة العسكرية في المغرب الشباب الذين تنقسم آراؤهم تجاهها بين من يعتبرها فرصة لمعالجة مشكلة البطالة، ومن يتخوف من استعمالها لـ"ضبط"شباب يظهر باستمرار نزعات تمردية. ويقول حسن (19 عاما) والذي يعمل في أحد مطاعم العاصمة الرباط "من الطبيعي أن نلتحق بالجيش.فمن الضروري أن ندافع عن بلادنا. سمعت أن الأمر متعب لكنني مستعد للدفاع عن وطني عند الحاجة". في المقابل، تبدو كنزة (19 عاما) وهي طالبة الجامعية أقل حماسا. فهي ترى أن "الخدمة العسكرية أمر إيجابي في ظل الكثير من الانحرافات التي يعيشها الشباب"، لكنها تعتبر أنها "لا يجب أن تفرض على الجميع، خصوصا الذين يرغبون في متابعة دراستهم". وبحسب مشروع القانون المرتقب عرضه للنقاش تحت قبة البرلمان المغربي بدءا من الأسبوع المقبل، يمكن أن تدعى كنزة وحسن مثل ملايين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و25 سنة لأداء هذه الخدمة على مدى سنة كاملة. وقد حددت عقوبة المتخلفين عن تلبية نداء التجنيد بالسجن لمدة تتراوح بين شهر واحد وسنة واحدة، وفق نص المشروع. ويورد النص حالات تستوجب الإعفاء من أدائها لدواع صحية أو لمتابعة الدراسة أو إعالة الأطفال بالنسبة للأمهات.لكنه لا يوضح كيفية تحديد عدد المعنيين بها كل سنة، أو حجم التعويضات المخصصة لهم. وقبل أن يبدأ النقاش داخل البرلمان حول هذه التفاصيل، أطلق ناشطون رافضون للفكرة نقاشا في منتدى على موقع فيس بوك يشاركه أكثر من3800  شخص. "بعد حراك اجتماعي" ويقول المشرف عليه عبد الله عيد (24 سنة)وهو طالب جامعي "لاحظت أن الكثيرين صدموا مثلي بإعلان المشروع الذي نزل بدون أي نقاش مسبق، لذلك خلقنا هذا الفضاء لتبادل الرأي حول ما يمكننا القيام به للترافع ضد إقراره". ويربط بعض المراقبين بين عودة الخدمة العسكرية التي ألغيت في 2006، ودور الشباب في حراك اجتماعي شهده المغرب في الآونة الأخيرة وخصوصا بالريف (شمال) وجرادة (شرق)، فضلا عن نشاطه في الترويج لمقاطعة ثلاث علامات تجارية كبرى مستمرة منذ نيسان/أبريل احتجاجا على الغلاء. ويرى أستاذ العلوم السياسية محمد شقير أن "الإسراع بطرح هذا المشروع بدون مقدمات جعل الرأي العام يرتاب منه".ويعتقد هذا المتخصص في الشؤون العسكرية أن "طرحه مرتبط بالاحتقان الاجتماعي(...)  وسيكون آلية لإعادة ضبط شريحة الشباب التي كانت وقود عدة احتجاجات". ولا يستبعد شقير أن يكون "اللجوء للخدمة العسكرية ناجما عن عدم الثقة في نجاعة جهود خلق فرص العمل، على المدى القصير". وفرضت الخدمة العسكرية للمرة الأولى بالمغرب في1966  في أجواء من الاحتقان وتوتر أكبر، غداة تظاهرات دامية للطلاب في آذار/مارس1965  في الدار البيضاء ومدن أخرى. وكان لافتا أن أول فوج أدى هذه الخدمة ضم جل قيادات اتحاد الطلبة النشيط آنذاك في معارضة نظام الملك الراحل الحسن الثاني. وحذر تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي (رسمي)قبل أسابيع من تفشي البطالة وسط الشباب الذين تترواح أعمارهم بين 15 و34 سنةلتبلغ نسبة20  بالمئة، منبها إلى أن82  بالمئة منهم لا يمارسون أي نشاط، ويقضون72  بالمئة من وقتهم في أنشطة "غير منتجة للرفاه الاجتماعي". وبالنسبة للحكومة المغربية فهي تعول على الخدمة العسكرية لتفتح أمام الشباب "فرص الاندماج في الحياة المهنية والاجتماعية(...)  لا سيما من خلال الانخراط في مختلف القوات العسكرية والأمنية". ويعرب محمد (24 عاما) والذي يعمل مصورا فوتوغرافيا عن قناعته بهذا التبرير. ويوضح مستظلا تحت شجرة، في حديقة يتواعد فيها العشاق ويختلطون بهواة العزف على القيثارة "لا شك أنها ستمنح الشباب تكوينا يحفزهم ويؤهلهم لولوج سوق العمل ويساعدهم على تطوير أنفسهم". "للإصلاح.. وإذكاء الروح الوطنية" من جهته، يعتقد الباحث في علم اجتماع التربية عبد اللطيف كداي أن رهان الدولة على الخدمة العسكرية يتمثل في "إصلاح ما أفسدته منظومة التربية والتعليم المختلة". ويوافق كداي على أولوية التعليم، وإن كان مقتنعا أن "الخدمة العسكرية فكرة جيدة، لكن المطلوب تربية الشباب على تحمل المسؤولية وخدمة المجتمع". ويعتبر أن هذا الهدف يمكن أن يتحقق من خلال "برامج للخدمة المدنية في المؤسسات التعليمية(...)  الخدمة العسكرية في حد ذاتها لن تصلح ما أفسدته التربية". وأشار بيان الديوان الملكي المعلن في21  آب/أغسطس إلى أن الخدمة العسكرية تهدف لـ"إذكاء روح الوطنية لدى الشباب في إطار التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة". وقد دعا تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى إطلاق "مبادرة وطنية مندمجة" لصالح الشباب، مشيرا إلى "أزمة ثقة حقيقية بين الشباب والمؤسسات السياسية". وأشار إلى أن46 بالمئة من المغاربة ولدوا بعد دخول الإنترنت إلى المملكة سنة 1993، محذرا من أن الانفتاح اللامحدود على هذا الفضاء يجعل الشباب عرضة "لينهلوا من منظومة قيم(...)  تتجاوز الحدود المرسومة في النطاق العائلي". لكن بسمة (18 عاما)غير واثقة من جدوى الخدمة العسكرية في علاج أعطاب التربية لدى الشباب.وتقول بنبرة واثقة "هذا البرنامج مكلف بينما نحن بلد نام يجب أن نوجه مواردنا للتعليم". وتابعت الشابة المغربية "لدينا انحرافات وبطالة كبيرة لكن الحل في التعليم والخدمات الاجتماعية وليس بعسكرة الشباب، فهذا إجراء رجعي". فرانس24/ أ ف ب نشرت في : 16/09/2018

مشاركة :