أظهرت مؤشرات الأداء المالي والاقتصادي على مستوى دول المنطقة والاقتصاد العالمي ككل معطيات أكثر تفاؤلاً بقدرتها على تجاوز تداعيات الازمة المالية العالمية وقت حدوثها، فيما تظهر مؤشرات الأداء في الوقت الحالي مستويات أقل قوة عن قدرتها على تجاوز التداعيات الشاملة التي تحدثها التطورات المالية والاقتصادية المتصاعدة التي تتقدمها النزاعات التجارية التي على ما يبدو ستعيد عقارب الساعة إلى الوراء عقودا طويلة. ويقول التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا القابضة ان الثابت الوحيد ضمن هذه المعطيات هو مؤشرات حدوث أزمة عالمية باتت محتملة دون القدرة على تحديد مصدرها وقوتها واتساعها، إلا أن القطاع العقاري بات أكثر قوة وأكثر قدرة على التعامل مع الهزات والتحديات كونه قد استوعب نتائج الازمات المتلاحقة واثبت قدرته على النمو خلال السنوات الماضية على الرغم من دخوله في ازمة تراجع أسعار النفط والتي افقدته قوة الدفع التي بدأها في بداية عام 2012. في ظل اتجاه الحراك العالمي الكلي نحو مزيد من التشدد النقدي وتعزيز النزعة الحمائية للصناعات المحلية في مواجهة المنتجات المستوردة والتي ستنعكس على تحجيم الاتفاقيات الخاصة بالتجارة الدولية الحرة المعمول بها. وأشار تقرير المزايا إلى أن القطاع العقاري بات بعيداً عن أية هزات أو مخاطر عميقة كالتي حدثت في عام 2008، حيث تهاوى البناء الورقي عندما بدأ الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع الفائدة في ذلك الوقت، وفقد عشرات الملايين من الناس لممتلكاتهم ووظائفهم ودمرت تريليونات الدولارات من الثروات من دون أن يكون لهم دور مباشر في إحداث الازمة، لتعاني الاسواق العالمية والقطاعات الاقتصادية الرئيسية الكثير من التحديات وفي مقدمتها القطاع البنكي والعقاري وقطاع الخدمات، والتي يمكن مشاهدة آثارها العميقة طويلة الاجل على كل مشروع تعطل أو تعثر وعلى كل شركة أو مصرف أغلق أبوابه ولم يعد للعمل، وعلى كل اقتصاد لا يزال يحاول حتى اللحظة النهوض وتجاوز العجوزات المالية بالمزيد من سياسات التحفيز والتطوير وتوسيع العلاقات التجارية مع الشركاء الرئيسيين، بالإضافة إلى تحقيق معدلات نمو مستهدفة من خلال خطط قصيرة ومتوسطة الاجل، في المقابل فإن من غير الممكن القول اننا نعيش حالة من التعافي وتجاوز تداعيات الازمات المتواصلة ولا يمكننا القول اننا أصبحنا جاهزين لتحمل تداعيات أزمة جديدة من المؤكد أننا لسنا المسبب وليس لنا دور في الوصول إليها بالإضافة إلى ضعف قدرتنا على التنبؤ بحدوثها وهذا هو الاخطر. ولا يمكننا الحديث هنا عن مؤشرات الضعف والتعافي ومدى نجاح خطط النمو المالي والاقتصادي على المستويين الإقليمي والعالمي منه دون الحديث عن أكبر اقتصاد في العالم الذي يعتبر مصدر التعافي ومصدر الازمات للاقتصاد العالمي بنفس الوقت، وكونها من أهم المتحكمين بالسياسات الدولية وحركة التجارية العالمية وسيادة الدولار الأميركي فوق كل عملات العالم، ولا يمكننا ايضا إهمال توالي عثرات اقتصاد الولايات المتحدة، حيث بات من المرجح دخول الاقتصاد الأميركي في أزمة ديون جديدة، كونه بات غريماً لأغلبية الاقتصادات الناشئة حول العالم ويواصل العمل للحد من تقدمها والوصول إلى الصدارة، وفي الاطار فقد بات واضحا انخفاض نسبة مساهمة الاقتصاد الأميركي في الناتج الإجمالي العالمي، بالإضافة إلى توجهات الادارة الحالية، التي بدورها تعكس مدى التراجع والتأثير، حيث تنوي الانسحاب من اتفاقية التجارة عبر الهادي كونها لا تخدم المصالح الاقتصادية الأميركية، فيما اظهرت الميزانية الجديدة انخفاضا بنسبة تصل إلى %28 من الميزانية الخارجية الأميركية وبرامج المساعدات، تضاف إلى ذلك الاجواء المتوترة مع مجموعة العشرين وما يليها من تراجع وتقلبات للدولار الأميركي، مروراً بالارتفاع المسجل على مؤشر القلق الاقتصادي، ووصولاً إلى أزمة الديون السيادية والتي تعتبر المسبب للانكماش ومصدراً للأزمات الداخلية، وهذا يعني أن مؤشرات الاداء الايجابية والسلبية ستتأثر بها اقتصادات الدول وفقا لمستوى ارتباطها بالاقتصاد الأميركي خلال الفترة القادمة. وأفاد تقرير المزايا بأن الاداء الاقتصادي والاوروبي ليس بعيدا عن النمو من خلال قدرته على رفع مستويات التشغيل وفتح اسواق جديدة، وليس بعيدا ايضا عن التأثر بالأزمات المالية والاقتصادية التي تولد في الخارج فيما تصنف السوق العقارية الاوروبية من أكثر القطاعات تماسكا ونموا على الطلب والاسعار واكثر بعدا عن تسجيل مستويات تصل إلى مستوى الفقاعات السعرية، كونها تعد من أكثر الاسواق كفاءة في العرض والطلب، وتشير البيانات المتداولة إلى أن الربع الاخير من العام الماضي قد سجّل ارتفاعاً على أسعار العقارات بنسبة %4.5، يأتي ذلك ضمن ظروف ائتمانية تتمتع بالسهولة وأسعار فائدة منخفضة. وأشار تقرير المزايا إلى أن الاشكالية لدى السوق العقارية الاوروبية تتمثل في ارتفاع أسعار المساكن أسرع من الارتفاع المسجل على دخل المواطنين، وهو مؤشر يعكس مدى الخطورة على الاسر الاكثر فقرا، وتزداد صعوبة الحصول على السكن من قبل هذه الفئة على الرغم من انخفاض فوائد الائتمان، حيث يعود ذلك بالفائدة أكثر على الاثرياء وليس على الاكثر فقرا، يضاف إلى ذلك فإن الارتفاعات السعرية المسجلة تبدو متباينة بين منطقة وأخرى، حيث تسجل المناطق الاكثر جاذبية ارتفاعات كبيرة على الاسعار مقارنة بالارتفاعات المسجلة على المناطق خارج المدن الرئيسية، ومن هنا تأتي مخاطر تشكل فقاعات عقارية جديدة. وختم تقرير المزايا بالقول إن مؤشرات أداء القطاع العقاري على مستوى دول المنطقة باتت أبعد ما يكون عن إنتاج الفقاعات العقارية، والعودة إلى التشوهات المسجلة، وباتت أكثر تماسكا بالاعتماد على المستخدم النهائي والمشاريع الحقيقية التي حافظت على الاسعار ضمن المستويات العادلة لكل الاطراف خلال سنوات ما بعد الازمة، وشدد المزايا على العلاقة بين اسواق المعادن وحركة الدولار الأميركي تتبعها مسارات أسعار الفائدة والتهافت المسجل على تداول العملات الالكترونية، والتي ستشكّل مجتمعة المصدر الاكثر خطورة على اقتصادات الدول الناشئة والصناعية على حد سواء خلال الفترة القادمة.
مشاركة :