يستيقظ باكراً كما اعتاد على ذلك كل صباح، يتناول إفطاره ويرتدي ملابس المدرسة، ومن ثم يغادر مبتسماً لوالدته التي توصله للباب ليصعد بعدها إلى حافلة المدرسة، وهي لا تعلم أنها سوف تكون المرة الأخيرة التي ستراه فيها.. ينهي الطفل يومه الدراسي ويصعد وزملائه إلى حافلة المدرسة.. يغلبه النعاس فيغط في نوم عميق نتيجة إجهاد يوم حافل.. كانت النومة الطويلة التي لم يصحو منها أبداً.. الأم كعادتها تنتظر عودة فلذة كبدها ولكن دون جدوى.. فقد طال انتظارها وزاد معه قلقها، وبعد أن طال الوقت توجهت إلى المدرسة التي اتضح عدم وجوده فيها أو حولها، لتسوّد الدنيا في عينيها وتضج وتصرخ بسبب تأخر طفلها. تم بعدها الاتصال بسائق الحافلة الذي أنهى مهمته وعاش في سباتٍ نسي معه أن يتفقد الطلاب قبل أن يغلق باب الحافلة.. لقد وصل ذاك الخبر الذي وقع على قلب الوالدين كالصاعقة؛ السائق نسي الطفل نائماً ونتيجةً للاختناق ونقص الأوكسجين وارتفاع حرارة الجو.. فارق الطفل الحياة.. والسؤال المطروح.. ترى من المتسبب في ذلك؟ هل هو إهمال سائق لا يحمل بداخله معنى الإنسانية ولا أدنى اهتمام أو مسؤولية تجاه هؤلاء الأبرياء؟ أم هي خيانة لأمانة أخذها على عاتقه فأهملها؟ أم هي نتيجة إهمال إدارة لم تتمكن من اختيار سائقيها بعناية، وتم اختيارهم بعشوائية؟! المأساة تعيد نفسها مراراً وتكراراً ولعل إدارات المدارس والعاملين بها يضاعفون جهودهم ويرفعوا من مستوى حرصهم لنتجنب مثل هذه المصائب والنوائب مستقبلاً.
مشاركة :