اتفاق بوتين وأردوغان يختتم فصول الكفاح المسلح ضد نظام الأسد

  • 9/19/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

برودسكي: ما تحضره روسيا لإيران صادم.. وعزم أميركي - عربي لدحر ميليشيات طهران سيتذكر السوريون طويلاً السابع عشر من سبتمبر حيث أسدل الستار على آخر فصول النشاط المعارض المسلح للأسد بعد سبع سنوات تخللها الكثير من فصول الشجاعة والتضحيات ولكن أيضاً الأخطاء والخيانات والأطماع الحزبية التي لم توصل السوريين لأي من أهدافهم فلم يحصد السوريون سوى الفرقة والمآسي. بعد سبع سنوات شاهد السوريون أمام أعينهم راعي النظام السوري، الرئيس بوتين وهو يعانق الرئيس التركي أردوغان الذي عوّلت عليه فصائل الشمال للاحتفاظ بمكتسبات المعارضة من حلب إلى إدلب، لتعلن موسكو أخيراً أنه ما من حاجة للقتال في إدلب ما دامت السطوة التركية على المدينة وفصائلها كفيلة بإعادة توزيع القوى في المدينة بما يتناسب مع المزاج الروسي، مقابل وعد روسي بالإبقاء على حلف "استانة" متماسكاً في مواجهة الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي تنبئ بتوغل أميركي أعمق في سورية بما في ذلك وضع خطة لإعادة إعمار المناطق المحررة من داعش وإعادة اللاجئين إليها. واتفق الرئيسان بوتين وأردوغان الاثنين على تأمين منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 – 20 كلم على امتداد خط التماس بين المعارضة المسلحة والقوات الحكومية بحلول 15 أكتوبر المقبل، ومن المقرر أن يتم إجبار جبهة النصرة والتنظيمات التابعة لها إلى الخروج من المنطقة. وكان الهدف الروسي في إدلب إنجاح مبادرة استانة وإظهار روسيا على أنها متوغلة في صناعة القرار السوري السياسي والعسكري، فعلى الرغم من تأكيدات الحكومة السورية على أنها ستذهب إلى معارك إدلب وستخوض أشرس التحركات ضد المعارضة، كانت الكلمة الأخيرة للرئيس الروسي الذي قرر أن معركة إدلب لن تحدث. من جانب آخر، حرصت تركيا على عدم انفجار الأوضاع في إدلب القريبة من حدودها وذلك لأن الحكومة التركية عبرت في أكثر من مناسبة على أن تركيا لم تعد قادرة على احتمال المزيد من موجات اللجوء خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تضرب تركيا. كما أن المناخ السياسي في تركيا لم يعد مؤاتي للمزيد من التماهي التركي مع المعارضة حيث أظهرت نتائج استطلاعات مركز التقدم الأميركي قبل أشهر أن 80 % من القاعدة الشعبية لحزب العدالة والتنمية الحاكم يريدون حل سريع وفعال ينهي أزمة اللاجئين. وفي ظل حديث أميركا عن إعادة الأعمار وإعادة اللاجئين إلى المناطق المحررة من داعش شرق الفرات، تسعى كل من تركيا وروسيا إلى تأمين مناطق عازلة بأي ثمن ليظهر الحلف التركي - الروسي قدرته على تأمين الاستقرار والأمان للاجئين في بعض المناطق. وفي حديث لـ "الرياض" قالت القيادية في المعارضة السورية، السيدة مرح البقاعي أن وضع إدلب الحساس وتداخل الفصائل فيها والتنافس الإقليمي دعا إلى هذا الحل القائم على الفصل بين المعارضة والنظام بمنطقة عازلة مع ضمان إبعاد المنظمات المتطرفة. مضيفة "لن ننكر الحقائق فنحن الآن أمام آخر فصول الكفاح المسلح في سورية ولكن لا نتوقع انتهاء الاحتجاجات السلمية حتى استكمال الانتقال السياسي" وترجع البقاعي فشل الكفاح المسلح إلى تحول جزء من هذا الحراك إلى مجموعات متطرفة تقاتل لأهداف لا علاقة لها ببدايات الثورة. وترى البقاعي في الاستراتيجية الأميركية الجديدة لسورية بالتشارك مع الدول العربية وفي مقدمتها المملكة مقدمة لكل هذه المتغيرات التي ستدفع إيران إلى العزلة في المشهد السوري، مؤكدة على أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية اشترطتا منذ البداية ألا يذهب دولار واحد من أموال إعادة الإعمار قبل تحقيق الانتقال السياسي تحت القوانين الأممية، وهذا سيشكل الضغط الأكبر على حلفاء إيران الذين يبتعدون عنها تدريجياً حتى إننا رأينا بوتين وأردوغان يذهبان في اتفاق منفرد متجاهلين اللاعب الثالث في "استانة" وهو إيران. وتقول البقاعي إن ما يميز استراتيجية المملكة في سورية هي مدها بالدعم السياسي واللوجستي للمعارضة دون وضع شروط عليها البتة، ودون تطبيق أي وصاية على السوريين. وترى البقاعي في الإسهام السعودي في إعادة الأعمار عامل مهم سيبعد إيران عن سورية دون أن تثقل المملكة المعارضة بالتزامات وشروط مسبقة، مؤكدة أن الاستراتيجية الأميركية الجديدة تتشدد مع إيران لأبعد الحدود بالتنسيق مع حلفاء أميركا حيث بات الاستهداف الأميركي لميليشيات إيران أكثر تأثيراً ودقة وباتت أحد أهم أهداف أميركا في سورية إخراج إيران بالكامل وإضعاف حزب الله في لبنان. وعن اللجنة الدستورية التي تشارك فيها بقاعي، تقول إن الأساس في هذه اللجنة هو كتابة مشروع دستور يتم استفتاء السوريين عليه وهم من يقررون اعتماده في المستقبل وهو جزء من العملية الانتقالية التي سيختارها السوريون في النهاية ولن يتم فرض أي شيء عليهم. ويرى الباحث في معهد الدراسات الأمنية، مات برودسكي فيما حصل في إدلب، ردة فعل مباشرة على تماسك وعزم أميركي وعربي لدحر ميليشيات إيران عبر حرمانها من المنطقة الوحيدة القادرة على إعادة عجلة الحياة إلى سورية، فمع تمركز الجنود الأميركيين شرق الفرات وتنامي النفوذ العربي في المناطق المحررة من داعش، أصبح الشمال الشرقي محرماً على إيران، كما تأسست حالة في الجنوب السوري اليوم تمنع إيران أيضاً من الاقتراب من الحدود الإسرائيلية. ويؤكد برودسكي على أن ما تحضره روسيا لإيران صادم، ويتوقع أن روسيا لن تذهب بعد الصفقة مع تركيا إلى أي معركة أخرى مع إيران بعد اليوم. ويرى برودسكي أن أميركا بإدارتها الجديدة أثبتت أن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على تغيير المشهد بالكامل مع حلفائها عبر تحركات بسيطة شبيهة بما فعلته في سورية.

مشاركة :