قرر القضاء الروسي أمس تجنيب ألكسي نافالني المعارض الأبرز للكرملين عقوبة السجن مع النفاذ، لكنه حكم على شقيقه بالسجن في قضية عُدت «مسيسة» من قبل أنصاره الذين دعوا إلى التظاهر. وتوجت الأحكام ضد الشقيقين ألكسي وأوليغ نافالني، سنة رسخت فيها روسيا في ظل حكم الرئيس فلاديمير بوتين سلطتها من ضم شبه جزيرة القرم إلى النزاع في شرق أوكرانيا على خلفية تدهور علاقاتها مع الغرب. وإثر تلاوة سريعة للحكم اعتبرت محكمة موسكو الشقيقين نافالني مذنبين في قضية اختلاس أموال من فرع لشركة «إيف روشيه» الفرنسية. ولكن في حين حكم على ألكسي بالسجن مع وقف التنفيذ، حكم على أخيه أوليغ بالسجن 3 سنوات ونصفا نافذة وتم تقييده في قاعة المحكمة فيما وصفه ألكسي نافالني بصوت غاضب بأنه «ضغط سياسي» عليه. وضرب ألكسي بقبضة يده على الطاولة مع إعلان الحكم على أخيه وصاح قائلا: «علام تسجنونه، ما هذه الإهانة؟ هل تريدون معاقبتي أكثر؟». وتعانق الأخوان مودعين بعضهما قبل أن يتم توثيق يدي أوليغ الذي يصغر ألكسي بـ7 سنوات وإخراجه من القاعة. وصدر القرار بسرعة حيث استغرقت قراءة الحكم نحو 15 دقيقة، في حين تستغرق جلسات من هذا النوع عادة ساعات. واتهم الشقيقان باختلاس نحو 27 مليون روبل (أكثر من نصف مليون دولار حسب سعر الروبل في حينه) رغم أن «إيف روشيه» قالت إنها لم تتكبد خسائر. وخارج قاعة المحكمة، دعا نافالني مؤيديه إلى التظاهر ودعا إلى «تدمير» نظام الرئيس فلاديمير بوتين. وقال: «هذا النظام ليس له الحق في الوجود، ينبغي تدميره، وأدعو كل شخص للنزول إلى الشارع اليوم». وشكل هذان الحكمان مفاجأة، خصوصا لأن النيابة كانت طلبت في بادئ الأمر عقوبة السجن 8 سنوات لأوليغ نافالني أي أقل من تلك التي طلبتها للمعارض وهي 10 سنوات. وفي سن 38 عاما، يعتبر ألكسي نافالني أبرز معارض للرئيس الروسي رغم أن شعبيته ونفوذه محدودان في بلد غابت فيه وسائل الإعلام المستقلة وأحزاب المعارضة عن الساحة خلال سنوات حكم بوتين الـ15. وكان ألكسي نافالني الذي يتهمه معارضوه بأنه مدعوم من الغرب وهو مدون يندد بفساد النخب الروسية ملاحقا مع أخيه بتهمة اختلاس أموال من شركة «إيف روشيه» الفرنسية. ووضع قيد الإقامة الجبرية منذ فبراير (شباط) الماضي. ورغم اتهام ألكسي نافالني القومي الذي درس الحقوق وشقيقه باختلاس 27 مليون روبل، أعلنت الشركة الفرنسية أنها لم تتكبد خسائر من تعاونها مع شركة النقل التي يملكها الأخوان نافالني «غلافبودبيسكا». وأمنت شركة النقل هذه للمجموعة الفرنسية خدمات وشحن طرود بين 2008 و2012 للتعويض عن النقص في القدرات في مركز البريد في مدينة ياروسلافل (شمال موسكو)، لكن السلطات الروسية لاحقتها بعد ذلك وفتحت تحقيقا ودفعت روشيه إلى رفع دعوى ضد مجهول، كما قال ناطق باسم الشركة. وفي تعليق على موقعه الرسمي، اعتبر المعارض عشية صدور الحكم بأن محاكمته تتجاوز إلى حد كبير شخصه وأنه في الجوهر، الحكم غير مهم. وقال: «عشر سنوات، أو سنتان من السجن مع النفاذ؟ عقوبة مع وقف التنفيذ؟، أي فارق بينها؟». وكان احتمال صدور عقوبة سجن مع النفاذ بحق ألكسي نافالني الذي صدرت بحقه سابقا عقوبة بالسجن 5 سنوات مع وقف التنفيذ، أثار على الفور دعوات إلى التظاهر في يوم الحكم الذي كان مرتقبا آنذاك في 15 يناير (كانون الثاني) المقبل، لكن المحكمة أعلنت أول من أمس أنها قدمت موعد إصدار الحكم لأنه كان لديها متسع من الوقت لصياغته، حسب ما قالت الناطقة باسم المحكمة يوليا بتروفا. وعبر إصدار الحكم قبل نهاية السنة، تكون السلطات استفادت من فترة الأعياد الطويلة التي تستمر في روسيا من 1 إلى 11 يناير حين يغادر عدد كبير من الروس العاصمة. وتجمع نحو مائة شخص حسب الشرطة من أنصار نافالني خارج محكمة زموركفورتسكي في وسط موسكو حيث عملت الشرطة على إبقائهم بعيدا عن المبنى.
مشاركة :