كشف السفير البريطاني في العراق، جون ويلكس، الخميس، عن عقده حواراً وصفه بالصريح مع السفير الإيراني في بغداد، ايرج مسجدي، تناول عمل الحكومة العراقية المقبلة. وقال ويلكس، في تغريدة له عبر حسابه بتويتر: "دعوت سعادة السفير الإيراني إلى نقاش صريح حول آخر المستجدات في العراق واتفقنا على أن الحكومة القادمة يجب أن تحسن خدماتها المقدمة وتوفر الوظائف للشعب العراقي". وقد دفعت هذه التغريدة، التي جاءت متزامنة مع المشاورات السياسية في العراق بشأن اختيار اسم رئيس الوزراء المقبل، الخارجية العراقية بإصدار بيان للرد عليها. الخارجية العراقية ترد وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أحمد محجوب، في بيان له الخميس، إن الخارجية العراقية تبدي استغرابها لتغريدة السفير البريطاني لدى بغداد وحديثه عن طبيعة مهمة الحكومة العراقية المقبلة. وأكد محجوب أن قرار تشكيل الحكومة العراقية هو قرار وطني عراقي محض وأن المهام الموكلة إليها هي تكليف شعبي عبر البرلمان العراقي وبرقابته، مشيراً إلى أن الوزارة تأمل مزيداً من الدعم الدولي والإقليمي للعملية السياسية بشكل عام وبما يضمن سيادة العراق. كما لفت إلى أن العراق يتمم استحقاقات العملية السياسية دستورياً عبر إنجاز انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه والمضي باتجاه انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء الجديد لتشكيل كابينته الحكومية على أسس من المهنية والكفاءة. وأوضح البيان أن العراق يسير نحو تحقيق ما أمكن من الإنجازات وتجاوز العقبات ليحتل موقعه الذي يليق به إقليمياً ودولياً ويوظف ثرواته لتحقيق الإعمار والرفاه والأمن بمساعدة ودعم الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي. "التدخل أم أموال هائلة على عرابي الصفقات" من جهته، رأى المحلل السياسي، سند الشمري، أنه "من أكثر الحقائق مرارة في ملف الأزمة السياسية الراهنة، ظاهرة تطبيع التدخل الأجنبي في شؤون العراق. فلم تعد هناك حساسية أو قوة ممانعة لدى بعض الساسة للوقوف بوجه التدخل الخارجي أو رفضه واستهجانه". وبيّن الشمري في حديث لـ"العربية.نت" أن "مفهوم التدخل تتم ترجمته بهطول أموال هائلة على عرابي الصفقات". وأضاف: "فمثلاً السماح للتدخلات الإيرانية أو التركية أو حتى البريطانية هي نتاج ضعف القيادة لساسة العراق، الذين لم يستندوا على القاعدة الشعبية للحكم، وقد أوضحته نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي كانت أقل من 50% بكثير". وفي إشارة إلى التدخلات السياسية والعسكرية التي يجريها السفير الإيراني، إيرج مسجدي، وقائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، أوضح الشمري بأنها "لم تعد تخفى على أحد، فهم يمسحون دموع المظلومية المذهبية أو العرقية لتكوين آلهة للشأن القومي أو المذهبي التي تحاول صناعة صورة الاضطهاد والقمع والخوف المتبادل بين أبناء الوطن، وما يساعد ذلك هي ضحالة التجربة السياسية في العراق". موضوع يهمك ? أصدرت وزارة الخارجية العراقية بياناً أوضحت فيه استدعاءها للسفير العراقي بطهران راجح الموسوي.وكان قد انتشر في مواقع...بغداد تستدعي سفيرها بطهران على خلفية تهجمه على عراقيين العراق ضعف الطاقم السياسي العراقي وفي السياق ذاته، قال الأستاذ في العلوم السياسية، ابراهيم الساعدي، لـ"العربية.نت"، إن التدخل الأجنبي لا ينبع فقط من قوة الدول المتنفذة، بل ضعف الساسة العراقيين خلال العقد والنيف الماضي، الذين ربطوا جدوى الصداقات الإقليمية بالمركز المالي أو بالدعم المعنوي لكل عاصمة لصالحهم، مما جعل من العراق لقمة سائغة لكل من تسول نفسه بالتدخل. ولفت الساعدي: "فمثلاً تركيا وبواسطة سفيرها في بغداد، تحاول أن ترسم لنفسها صورة المدافع عن حقوق المكون التركماني"، مبيناً أن المشاورات بين السفير التركي ببغداد والكتل التركمانية من أعضاء مجلس النواب حول تشكيل الحكومة، كما يفعلها الإيرانيون، تجعل بعض أبناء الوطن الواحد بأن يشعروا بأن الخلاف بينهم "خلاف حياة أو موت". كذلك أشار إلى إن التدخل الخارجي في شؤون العراق سيكون له عواقب خطيرة، وأن التجارب السابقة في المنطقة أسفرت عن ظهور إشكاليات لا حدود لها، والتي تكاد أن تحول العراق إلى ساحة خلفية لتصفية الحسابات.
مشاركة :